سفربرلك المسألة الكردية

سفربرلك باختلاف الزمان والمكان، وتبقى مأساة الشعوب واحدة …..

منذ عهد مبكر للكرد كان التخطيط لإبادتهم قاب قوسين أو أدنى، أربع مذابح سجلها التاريخ وجرى تغييبها بالاشتراك الصفوي العثماني، منها (مذبحة المحمودي، والبرادوستي، والموكري، والبانة بي)

لقد أدى المقاتلون الكرد دورًا مؤثرًا ومهمًّا لخبرتهم الجغرافية والعسكرية في معظم المعارك التي خاضها الجيش العثماني في الجهات الشرقية من الدولة وغيرها، مثل السيطرة على مدينة ماردين عام ١٥١٥م، ومعركة قوج حصار عام 922هـ/١٥١٦م، ثم توالى سقوط العديد من المدن والقلاع بيد التحالف الكردي العثماني الذي اعتبره الكرد ضمن نطاق الاتساع في نشر الإسلام، فسقطت أرغنى وسنجار وتلعفر، وغيرها من المناطق وجرموك وسيفر بك وبيره جك، وكذلك الموصل وأربيل التي أصبحت ضمن النفوذ العثماني.

بتلك المشاركات والجهود الكردية، بدأت مرحلة مختلفة في تاريخ العلاقات العثمانية – الكردية وربما يكون بعد حرب القرم عام1270هـ/١٨٥٣م، ضد روسيا تتضح نوعيتها أكثر، أيضًا الحرب العثمانية – الروسية والتي اندلعت في 1294هـ/ ١٨٧٧-١٨٧٨م ، ثم الحرب العالمية الأولى 1333هـ/١٩١٤م،  إلى أن اندلعت حرب الاستقلال التركية ضد العثمانيين أنفسهم في الأعوام 1337-1340هـ/١٩١٩-١٩٢٢م.

وقد شاركت الإمارات الكردية حين كانت تملك حريتها في تلك الحروب بفعل الوازع الديني اعتقادا منها بضرورة الجهاد ضد الكفار، إذ اعتبر الأمراء الأكراد ورجال الدين أنه من الضروري الانحياز إلى الدولة العثمانية المسلمة في تلك الحرب، وكذلك التزامًا بالعهود والمواثيق المبرمة مع الدولة العثمانية.

وكانت العلاقات بين الطرفين تتأرجح بين الولاء الديني، بوصف السلاطين العثمانيين قادة مسلمين، وبين الانتماء القومي، الذي عبر عنه الكرد بحركات مناهضة لسيطرة الدولة العثمانية، ولم تكن دوافعها قومية ولكن محاولة للمحافظة على كيان خاص بهم، بل في الأغلب كانت لأسباب اقتصادية، وللتخلص من الضرائب الباهظة التي تفرضها السلطات العثمانية عليهم وهذا ما جعل تلك الشعوب التي وقعت تحت سيطرة الأتراك العثمانيين يئنُّون تحت وطأة المذابح والشتات.

ولم تحقق تلك الحركات أهدافها بفعل عاملين رئيسين أولهما: كانت تقابل بقمعها بعنف شديد، والثاني: بسبب تشتت تلك الحركات وعدم توحيدها، حتى أن انتفاضة حصلت إبان معركة القرم حاولت بعض الأطراف الكردية التعاون فيها مع الروس، إلا أن الجانب الروسي أخفق في تقديم وعد للأكراد بالاستقلال عن الدولة العثمانية.

وبدا تنامي الاتجاه القومي التركي واضحًا إثر سقوط حكم السلطان عبد الحميد، وصعود جماعة الاتحاد والترقي، ومحاولاتهم لاستفزاز القوميات غير التركية، فشهدت تلك الحقبة تأسيس عدد من الجمعيات الكردية ذات الطابع القومي، بهدف تحقيق أهداف الشعب الكردي. كما كان تصديهم للاحتلال البريطاني بدافع الرابطة الدينية التي حرص الأكراد على ديمومتها بكونهم جزءًا من الدولة العثمانية .

وهناك عدد من العوامل التاريخية يمكن أن تساعد في تفسير المواءمة الفريدة للأكراد تجاه الأمة التركية، التي تتعلق في معظمها بالماضي العثماني. إذ تغلبت القومية التركية في أواخر أيام الإمبراطورية العثمانية متعددة الأعراق والطوائف والديانات، وازداد التطرف القومي التركي بعد إخفاق الدولة العثمانية، وأصبحت القومية التركية القوة المهيمنة في الجمهورية التركية الجديدة.

قامت الجمهورية في تركيا، على أنقاض الدولة العثمانية في عام 1342هـ/١٩٢٣م بعد هزيمتها في الحرب العالمية الأولى 1333- 1336هـ/ 1914-١٩١٨م ، ووقوعها تحت احتلال الدول المنتصرة في الحرب .

بعد ذلك تفككت الدولة العثمانية من الداخل وانهارت، ووقع العالم الإسلامي ومعظم الدول العربية تحت ويلات الحرب وتأثيرها، وهي حقبة الاستعمار، وأصبحت بعد ذلك تُعرف بالجمهورية التركية.

قدّر مسؤولون في عصبة الأمم عدد الأكراد عام 1344هـ/ ١٩٢٥م، في عموم المنطقة بثلاثة ملايين نسمة، يعيش نصفهم في تركيا.

ويشير تتبع القضية الكردية في العهد الجمهوري إلى أن تحركات الأكراد ومطالبهم القومية حوربت بقوة من قبل الجيش التركي، لاسيما أنه من أهم سياسات الدولة تذويب التركيبة السكانية الكردية وتذويب هويتهم.

إن عدم الاعتراف بوجود مشكلة تخص الشعب الكردي أدى إلى تتالي الكوارث التي عانى منها الشعب الكردي المهجر، والذي بات شتاته بين دول منها العربي وغير العربي ويحكي واقعهم من المآسي واستنزاف قوتهم، واستغلال الدولة التركية تلك الأحداث لتستمر المشكلة والمسألة الكردية، وليستمر الانتفاع السياسي والاقتصادي بالقوة .

خلاصة تلك العلاقات

لم ينقذ العثمانيون الكرد من مجازر كانوا طرفًا فيها، تغيرت التركيبة السكانية للشعب الكردي وأصبحت مناطق توتر عرقي وطائفي، استمرار تتريك المدن الكردية ومحاربة التحدث بلغتهم .