البداية الأولى لتزييف التراث العربي
يوم سرق سليم الأول قلعة حلب
سلبوا كل ما هو عربي وأضافوه إلى الثقافة التركية قسرا.
اعتاد العثمانيون سوء التعامل مع العرب وبخس حقوقهم.
خيمة المولد المصرية قيمتها 30 ألف دينار وبيعت بـ 400 دينار لصالح العثمانيين.
منظرُ العثمانيين الذين نفذوا هذا التدمير لمكونات المدرسة في حلب وهم يهجمون بهمجية على قاعات الدرس، ويأخذون ما فيها من الرخام السماقي والزرزوري والملون، حيث خرّبوا قاعات عدة من أوقاف المسلمين وبيوت الأمراء التابعة لتلك المدرسة، يذكرك ذلك المنظر بهجوم المغول على بغداد وما فيه من وقائع موجعة ضد التراث العلمي والفكري وجرائم ضد الفكر الإنساني، هكذا وصفتهم مصادر التاريخ؛ ربما لأن العثمانيين يشتركون مع المغول في جينات حاقدة، باعتبار أن بينهم علاقة عرقية أصيلة، وكما أحرق المغول مكتبات العاصمة العباسية وألقوا بكتبها في نهر دجلة والفرات حتى أصبح ماؤه أزرق، فإن العثمانيين لم يختلفوا عنهم حين سرقوا الكتب النفيسة ونوادر المخطوطات من المدرسة المحمودية والمدرسة المؤيدية، ومن كل المدارس في سوريا، خاصة في حلب التي أنتجت للتراث الإسلامي قبل ذلك التاريخ مئات الكتب الشرعية واللغوية؛ إذ كان يَؤُمُّها طلاب العلم ومريدوه من شتى بقاع العالم الإسلامي، ثم نقلوها إلى تركيا بعد أن وضعوا أيديهم عليها، وتلك محاولة فاشلة في نقل مراكز العلم وحاضناته إلى الوسط التركي لتعزيز المركزية السياسية العثمانية ذات المرجعية التاريخية الواهنة، وتفريغ العالم العربي من مكانته العلمية.
لم تكن حادثة النهب تلك هي الأخيرة بل أعقبتها حوادث شتى وإن اختلفت في أماكنها وتواريخها، ولا أدَلُّ على ذلك من المتاحف التي أنشأتها تركيا بسرقات جنودها أثناء معارك استعمارها للدول المختلفة للتراث، وخاصة العربي منه الذي يمثل ميزة تنافسية تاريخية للعرب عن سواهم من الشعوب، ومنها الأتراك الذين جاؤوا من أواسط آسيا لا يحملون إلا فكرة الدم والموت بعد أن أتاح التاريخ لهم أن يُنشِئُوا دولة مترامية الأطراف ممزقة الأوصال، فوجدوا حقيقة أنفسهم بعد دخولهم هذه الدول بأن أغلب شعوب العالم تملك تراثاً وقيمةً وقِيَماً، وهم يملكون فقط ثقافة السلاح.
1. بولس مسعد، الدولة العثمانية في لبنان وسورية (بيروت: د.ن، 1916).
2. عبدالمنعم الهاشمي، موسوعة تاريخ العرب في العصر الحديث (بيروت: دار ومكتبة الهلال، 2006).
3. محمد كرد علي، خطط الشام، ط3 (دمشق: مكتبة النوري، 1983).