الخلافة الشكلية
تَلَّمَسَ سلاطين آل عثمان منذ أن بدأ ظهورهم في الدولة الإسلامية – العصر العباسي الثاني – خطى حثيثة من أجل السيطرة على حكم العالم الإسلامي، وظهورهم باعتبارهم عنصرًا مختلفًا على مسرح الأحداث، وتزايد نفوذهم أدى إلى تعدد الألقاب التي مُنحت لهم، والتي تحصلوا عليها زمن تنفّذهم، ومنها منصب (إمرة الأمراء)، الذي كان أحد أسباب ظهوره الأوضاع العسكرية التي آلت إليها ظروف الدولة الإسلامية، ووصولاً الى ظهور الدولة العثمانية على أنقاض الخلافة العباسية، لم يكن استعمال لقب “خليفة ” لأمراء ثم سلاطين الدولة لقباً مستعملاً.
بعد دخول السلطان سليم الأول مصر، لم تكن المراسلات التي وصلته مهنئة له بذلك تحمل لقب خليفة، على خلاف ما كان للخلفاء العباسيين، فنجد مفتي بورصة في حينها وهو قاضيها أرسل للسلطان سليم خطاب تهنئة لم يتضمن لقب خليفة بل الألقاب التقليدية للدولة العثمانية، وهو لقب “سلطان”، وهذا اللقب سائد منذ أن تحولت سلطة بني عثمان من إمارة إلى سلطنة، كذلك ابنه سليمان كان وليًّا لعهده لم يَرِد أنه استخدم لقب “خليفة” لوالده حسب التقليد السائد في إمبراطوريتهم، وهم يفضلون أن تتسمى دولتهم بالإمبراطورية، وأن تتصف بها لتنافس الإمبراطوريات التي تجاورها في أوروبا.
مفتي بورصة و قاضيها أرسل للسلطان سليم خطاب تهنئة لم يتضمن لقب خليفة
لقد أُجبر المتوكل على الله آخر خلفاء العبّاسيين الذي اقتاده السلطان سليم الأول معه إلى اسطنبول، وكان معه ابن الغوري بعد خروجه من مصر، أُجبر على التنازل عن حقوقه بالخلافة، تعلوه نشوة الانتصار بعدما فعل ما فعل في توجهه إلى بلاد الشام، وتلتها مصر وحادثته مع السلطان الغوري فأصبح سلاطين الإمبراطوريّة العثمانيّة منذ ذلك الوقت يحملون لقب خليفة، ولم يستخدم لقب خليفة إلا بعض من كتبوا عن تاريخ الدولة العثمانية في مطلع القرن العشرين الميلادي؛ لإضفاء لقب أمير المؤمنين على السلطان عبدالحميد الثاني، ومناداته بذلك لكسب التعاطف الإسلامي والتأييد، وأن ذلك يمنح العالم الإسلامي الوحدة ضد الاستعمار في تلك الحقبة التاريخية، وبعد ذلك أصبح سلاطين العثمانيين تُسبق أسماؤهم بلقب خليفة وأصبحت في الكتابة تقليدًا متبعًا .