انتشار مدارس للتعليم وأين العِلم!
في مكة المكرمة من المدارس مثلًا مدارس الأربعين، مدارس الثلاثة، مدرسة داود باشا أو المدرسة الداودية، مدرسة شمس الدين الذهبي، المدرسة المجيدية، المدرسة المرادية، المدرسة البسطية، مدرسة دار الشفاء، وحسب ما يظهر أن هذه المدارس بالإضافة إلى تعليم الأولاد مبادئ القراءة والكتابة والنحو والصرف، وغيرها من المعلومات العصرية، كانت مدارس دينية متخصصة، أما المدارس الأخرى على غرار المدارس الحديثة فكانت هناك مدارس الصبيان، والمدارس الإعدادية والمدارس الرشدية، ودار الشفقة، وهي خاصة بالأيتام من الأولاد، وقد تَمَّ إنشاؤها في الدولة العثمانية عام 1282هـ (1865م).
وفي المدينة المنوَّرة كان يوجد من المدارس مدرسة قاراباش، المدرسة المحمودية، مدرسة عبد الحميد الأول أو المدرسة الحميدية، مدرسة بويابادي، مدرسة قايتباي، مدرسة أحمد أفندي، مدرسة بشير آغا، المدرسة المجيدية، مدرسة ساقزلي، الكلية الإسلامية.
ومن المدارس الحديثة مدارس الصبيان، والمدارس الإعدادية، والمدارس الرشدية، ومدرسة الاتحاد والترقي، وممَّا لا شك فيه أن هذه المدارس التي ورد ذِكرها في محتويات بعض الوثائق لا تدلُّ على عدم وجود غيرها، فهناك مدارس أخرى، غير أنها لم تذكر في الاتصالات الرسمية.
قبل الاسترسال نلفت الانتباه إلى أن هناك مدارس لم تُذكر في الاتصالات الرسمية!!!
المدينة المنورة.. انتهزت الدولة العثمانية وفاة قاضي قضاة المدينة الشافعي الشيخ عبد الله السمهودي عام 945هـ فأرسلت قاضيًا حنفيًّا تركيًّا من العاصمة التركية يُدعى محي الدين حليم أوغلي الرومي، كما أن العثمانيين كانوا يُصدِرون فتاوى حنفية من العاصمة التركية، ويتم تعميمها على الحرمين، مثل الفتوى الخاصة بتصفيح باب الكعبة المشرفة من قِبَل مفتي السلطان ويُدعى أبو السعود أفندي!!! علامات أخرى تستدعي الوقوف والتفكر وهي “تركي” قاضي في بلاد عربية؟
حرصت الدولة العثمانية على الاهتمام بالمدارس وزيادة أعدادها، فقد وصف الرحالة أوليا جلبي تلك المدارس ومدى كثرتها، وذكر أنها مبانٍ عالية محيطة بالحرم، حيث يصل عددها على جوانب الحرم إلى أربعين مدرسة عظيمة، وأن هذه المدارس تعكس مآثر المهندسين المعماريين في عهد السلطان سليمان خان، وأن لها دورًا في مواسم الحج، حيث تعمل هذه المدارس على إيواء الحجاج، كما أن المدرسين والطلبة وغيرهم يقومون بدور الإرشاد، وتقديم الخدمات لحجاج بيت الله الحرام. مبانٍ عالية ومآثر للمهندسين!!!
مدرسة الفلاح ودورها العلمي رغم ما سبقها من مدارس وأوقاف عليها ……
من أقدم المدارس النظامية في جدة، حيث تأسست عام 1905م، في مدينة جدة، على يد الشيخ محمد علي رضا زينل، وبدأت من غرفة سرية، وبعد فترة افتتح لها فرعًا آخر في مكة المكرمة.
كان العهد التركي حسب وصف مؤرخين لمسوا الخبر التاريخي الذي يتم تغييبه بأنهم في أوقات كانوا يحاولون نشر اللغة التركية أكثر من نشر اللغة العربية، لذا قام الشيخ محمد علي زينل بإنشاء المدرسة، خاصة عندما رأى أن أبناء بعض التجار لا يستطيعون القراءة أو الكتابة.
لقد تم اتخاذ قرار إنشاء المدرسة، واستئجار غرفة كمدرسة، وكانت سرية في بادئ الأمر بسبب منع الأتراك إنشاء مدارس!!! دعوة للتفكر.. ما الأسباب؟
وذكرت وثائق ومصادر تاريخية أن الملك عبد العزيز –رحمه الله- وقف إلى جانب مدرسة الفلاح، وخصص قرشًا على كل طرد يدخل مدينة جدة يذهب لصالح المدرسة، يسمى «قرش الفلاح».
انتشار إنشاء مدارس وتكثيف جهود، وذلك عندما ورث العثمانيون دولة المماليك في حكم الحجاز لم يرضوا لأنفسهم أن يكونوا أقل شأنًا ممن سبقهم في نشر وتشجيع العلم، ولذلك كان انتقال خدمة الحرمين الشريفين إلى العثمانيين بداية تنافس جميل ورائع بين حكام وأمراء ورجال ونساء الدولة العثمانية في التعبير عن حبهم للبقاع المقدسة، فأنشأوا الأعمال الخيرية في منطقة الحجاز، وأوقفوا الأوقاف الكثيرة على الحرمين الشريفين وأهلهما.
إذًا لماذا انتشرت الأمية، وتراجع دور العلم في بلاد الحرمين وغيرها؟