غموض وتضارب روايات وأساطير

التباينات في روايات نسب أرطغرل وعائلته التاريخية

تعتبر شخصية أرطغرل شخصية هامشية في التاريخ التركي، ولولا الترويج الدرامي لصناعة الشخصيات، لظل غير معروف باستثناء كونه والد مؤسس السلطنة العثمانية. الأتراك الجدد، بالتعاون مع الإسلامويين والتنظيمات العربية الداعمة للمشروع العثماني، تعمدوا تحويل أرطغرل إلى شخصية أسطورية من خلال الكتابات والدراما، ما جعله يُعتبر شخصية ملهمة، في حين أنه في الواقع كان مجرد زعيم قبلي فرّ مع قبيلته إلى الأناضول السلجوقية هربًا من وسط آسيا، حيث استقبلهم السلاجقة وأعطوهم أراضٍ ليعيشوا فيها ويشكلوا حاجزًا ضد البيزنطيين.

أصول العثمانيين تعود إلى قبيلة قابي، وهي جزء من قبائل الغز (الأوغوز) التركمانية التي كانت تسكن في وسط آسيا. بعد الغزو المغولي، هاجروا غربًا نحو الأناضول، حيث التقت بالسلاجقة الذين وضعوهم كحاجز بينهم وبين البيزنطيين، مانحين إياهم أراضي في وسط الأناضول ليستقروا فيها تحت حكم دولة سلاجقة الروم في عام (1123م). بعد استقرارهم، قرروا الترحال نحو حوض الفرات، لكن قائدهم غرق أثناء عبور النهر. انقسمت القبيلة بعد وفاته؛ فريق عاد إلى آسيا الوسطى، وفريق بقي في الأناضول تحت قيادة أرطغرل، الذي انضم إلى الدولة السلجوقية وعمل كقوة عسكرية ضد البيزنطيين.

المغول والسلاجقة شكلوا قوة العثمانيين من هجين بين الترك والتتار.

يذكر محمود شاكر في كتابه “محنة المسلمين في كوسوفو” أن الدولة العثمانية نشأت في عام 688هـ (1289م)، عندما بدأ عثمان بن أرطغرل بتوسيع إمارته التي منحه إياها السلطان السلجوقي علاء الدين لقاء مساعدته في قتال البيزنطيين. تمثل هذه الأراضي المنطقة بين “كوهتية وبورصة” اليوم، وكان الهدف منها أن تكون درعًا للسلاجقة ضد الغارات البيزنطية. ورغم فضل السلاجقة، انقلب عثمان عليهم واستولى على أراضيهم.

تثير المصادر التاريخية الشكوك حول إسلام أرطغرل، حيث تدعي بعض الروايات أن الإسلام دخل إلى قبيلته بعد وفاته، في عهد ابنه عثمان. يشير وليد فكري في كتابه “الجريمة العثمانية: الوقائع الصادمة لأربعة قرون من الاحتلال” إلى أن هوية أرطغرل الإسلامية محل شك، حيث تُظهر الأدبيات العثمانية تناقضات في رواياتها، فبعضها يعتبره مسلمًا أصليًا، وأخرى تدعي أن إسلام قبيلته جاء لاحقًا.

ويؤكد كثير من المؤرخين أن شخصية أرطغرل أسطورية إلى حد كبير، وغالبًا لم يكن مسلمًا في البداية، بل تحولت القبيلة للإسلام في عهد ابنه عثمان. حتى اسم عثمان كان “أوزمان” بالأصل، وتغير إلى عثمان بعد اعتناقه الإسلام وزواجه من ابنة شيخ صوفي.

الأمر ينطبق على اسم والد أرطغرل، المعروف باسم سليمان شاه، الذي لا يوجد له ذكر في المصادر المعاصرة لأرطغرل، مثل ابن بطوطة والمؤرخ البيزنطي يوحنا السادس قانتاقوزن. أقدم ذكر لأرطغرل ووالده جاء في عملة عثمانية نقشت عليها أسماء أرطغرل ووالده غندوز آلب، مما يشير إلى أن اسم الجد الحقيقي ليس سليمان شاه، بل غندوز آلب.

  1. وليد فكري، الجريمة العثمانية: الوقائع الصادمة لأربعة قرون من الاحتلال (القاهرة: الرواق للنشر والتوزيع، 2019).
  2. محمود شاكر، محنة المسلمين في كوسوفا (الرياض: مكتبة العبيكان، 2000م).
  3. صفحات من التاريخ، العملات التي سكها عثمان غازي، على الرابط:

http://www.hakikat.com/dergi/211/hyilmaz211.html

  1. منصة CNN العربية، مؤرخ كويتي يثير جدلا حول أرطغرل: يغلب أنه وثني غير مسلم وليس ثابتا تأسيسه للدولة العثمانية، على الرابط:

https://arabic.cnn.com/middle-east/article/2019/03/27/kuwaiti-historian-artogrol-hisory