ابن عربي في الثقافة العثمانية
يرى ابن عربي في مبدأ التسخير والنصرة : ” .. إن الولاية البشرية على قسمين : خاصة وعامة . فالعامة توليهم بعضهم بعضاً ، بما في قوتهم من إعطاء المصالح المعلومة في الكون . فهم مسخرون ، بعضهم لبعض : الأعلى للأدنى ، والأدنى للأعلى . وهذا لا ينكره عاقل ، وان الواقع في أعلى المراتب المَلِك : فالملك مسخر في مصالح الرعايا والسوقة ، والرعايا والسوقة مسخرون للملك ” . ويضيف ابن عربي موضحاً مدلول الولاية البشرية الخاصة فيقول : ” واما القسم الخاص من الولاية البشرية ، فهو ما لهم من الولاية التي هي النصرة ، في قبول بعض أحكام الأسماء الإلهية على غيرها من الأسماء الأخرى ، بمجرد أفعالهم ، وما يظهر في أكوانهم لكونهم قابلين لآثار الأسماء فيهم ، فينزلون بهذه الولاية ، منازل الحقائق الإلهية ، فيكون الحكم لهم مثل ما هو الحكم للأسماء ، بما هم عليه من الاستعداد ” .
ان نقلت عن كتابات وآراء ابن عربي فهي خارجة عن نطاق العقل ، وكتب عنه متخصصين بأنه وضع نفسه في مآزق كثيرة من خلال آرائه ومنها تأكيده على آفاق حرة ومفتوحة على مستوى أزمنة الباطن في مقابل آفاق مشروطة ومغلقة على مستوى أزمنة الظاهر”. وذلك اوقعه في مأزق ان معاييرها متغيرة ، وقراءته متناقضة لأنه فصل بين الظاهر والباطن وغيّب منطق العقل ، وابقى منظومته أسيرة لنقاط اختلال ، بقي البابا فيها مفتوحاً أمام تيارات فكرية وجدت مرتعاً تدخل وتخرج منه اعتماداً على ما ورثه له هو ومن كان على شاكلته .
ما السبب في ذكر ابن العربي وعلاقته بتاريخ آل عثمان ؟؟؟
لقد اختلفت الآراء حول ابن عربي بين مغال في مدحه ن وبين متهم له ، وقد قال عنه ابن كثير في كتابه “البداية والنهاية” : ” صنف الفتوحات المكية وفيها ما يعقل وما لا يعقل ، وما ينكر وما لا ينكر ، وما يعرف وما لا يعرف ، وله كتاب اسمه “فصوص الحكم” فيه أشياء كثيرة ظاهرها كفر صريح “. ذلك رأي مؤرخ مثل ابن كثير…..
يتواتر العامة قصصاً غريبة عن ابن عربي وقدراته ، تتجاوز حدود العقل والمنطق ، ولعل أشهرها قصة لقائه بابن الفارض في بغداد ، ثم في دمشق ، حيث ظهر ابن عربي لابن الفارض في أربعين شكلاً . أو قصة مزعومة عن تنبؤه بأن السلطان سليم العثماني هو الذي سيبني مسجداً على قبره ،وهي قوله : “عندما تدخل السين(سليم) بالشين(شام) سيظهر سر محي الدين.
وهناك الكثير من القصص الغريبة والخارقة الأسطورية والتي تجهد النفس قبل العقل عند قراءتها ولكن لأهمية البحث وإظهار ما يفيد أوردت اليسير منها .
ولماذا اهتم بابن العربي سلاطين آل عثمان ؟؟
يؤكد بعض الباحثين أن السبب في ذلك يعود إلى اهتمام السلاطين العثمانيين ، بالتصوف ، فمعظمهم كان من أتباع الطرق الصوفية ، التي ازدهرت في عهدهم ، وآخرهم السلطان عبد الحميد الثاني الذي كان من أتباع الطريقة الرفاعية. إضافة إلى رغبتهم في إعطاء بعد ثيوقراطي لحكمهم . وتصوفهم ثابت . زالت دولتهم ، وبقي تصوفهم يتوارث .
ومن سير ابن العربي تفيدنا المصادر: أنه طاف في الأناضول خلال رحلته المشرقية ، وفي مدينة قونية التقى بصدر الدين القونوي ، تلميذه المشهور الذي أصبح أعظم الشراح والدعاة لآثاره في الشرق . وربما من هنا أتى اهتمام السلطان سليم بضريحه . نظراً لمكانة القونوي لدى الأتراك . وقد لاحظ المؤرخون منذ القدم اهتمام الأعاجم به كما ذكر المؤرخ ابن طولون في كتابه ” القلائد الجوهرية في تاريخ الصالحية ” إذ يقول :” واختلف الناس قديماً وحديثاً في ابن عربي هذا ، ففرقة تعتقد ولايته وتقصده بالزيارة وتعده من الأقطاب وهم غالب الأعاجم (الفرس) وجميع الأروام (الأتراك) وفرقة تعتقد ضلاله وتعده مبتدعاً اتحادياً كافراً وهم غالب فقهاء أبناء العرب . وفرقة شكّت في أمره ، وفرقة سكتت عنه وجعلت أمره إلى الله ” .
تلك منقولات تاريخية وجدتها ونقلتها للتاريخ؟؟؟؟؟؟