سُنة متبعة من تاريخ سابق وتثبيتها لاحقا

( قانون نامة )

وضع السلطان العثماني محمد الفاتح قانوناً شهيرا معروف في التاريخ باسم “قانون نامة” وينسب له في المصادر التركية وغيرها ، وبموجب هذا القانون، أصبح من حق السلطان – شرعا – أن يقتل جميع إخوته الذكور – حتى لو كانوا أطفالا رضع – وذلك لكى يطمئن أن أحدا منهم لن ينافسه على الحكم !! وتلك أخبار ليست بمستغربة لتفاخر التاريخ التركي بها ، ولأنهم اعتبروا ان السلطنة حق مقدس وإلهي

وقد طبق جميع سلاطين الدولة العثمانية منذ عام (1300-1924م ) ذلك القانون تم تطبيقه تطبيقا حرفيا استنادا على الفتاوى التي يقال انهم استمدوها من التشريع الإسلامي ، واستمر قتل الإخوة بلا انقطاع طوال قرون عدة ، وراح ضحية القانون المئات من الأمراء !! ؟؟.

ونحاول معرفة ما يمكن من خلال البحث والتحري من حيث

كيف كانت البداية ؟ كانت عندما قام السلطان محمد الفاتح باقتباس 75 تشريعا من القانون البيزنطي، أطلق عليهم اسم “قانون نامة سي”، وأجبر أو طلب بالأمر السلطاني السلطان محمد الفاتح الفقهاء على مباركة القانون  والإفتاء بأنه يتطابق مع الشريعة الإسلامية وحتى يتم حبكه لابد ان يعلن بأنه يتوافق مع المذاهب الأربعة !!. وصدرت فتوى من شيخ الإسلام عندهم ” فخر الدين عجمي أفندي”، تحت اسم “فتوى البغي” وكان نصها:- “إن قتل الأخ جائز للسلطان من أجل المصلحة العامة وحفظ النظام”!!. ولم يقف الأمر عند هذا الحد، حيث قام الفقيه “دده أفندي” بتأليف كتاب “سياست نامة”، وفى هذا الكتاب أفتى بتوسيع مفهوم البغي ، ليشمل ليس فقط قتل الإخوة، بل أيضا قتل كل أفراد آل عثمان، بمن فيهم الأب والأم والإبناء، وأيضا أية شخصية سياسية بالسلطنة، مثل الوزراء والأمراء وقادة الجيش، وكان أول ضحايا هذا القانون هو الصدر الأعظم خليل باشا جاندارلي، الذى قتله محمد الفاتح بنفسه !!.

ويوثق المؤرخ التركي يلماز أوزتونا في كتابه “تاريخ الدولة العثمانية”، أن سلاطين الدولة العثمانية، قد آمنوا بفكرة الحق الإلهي في الحكم، وأن السلطان هو ظل الله على الأرض، وأنه هو الدولة والدولة هو !! ويقول أيضاً ، إن سلاطين آل عثمان قد حرصوا على إضفاء مسحة دينية على كل تصرفاتهم الشاذة، حيث كانوا يهرعون للفقهاء لانتزاع الفتاوى التي تبرر لهم كل المجازر التي يرتكبونها، وقال أن المركز القانوني للسلطان يجعله في موضع الوصي على الدين وليس الخاضع للدين.

ومن أمثلة ما تم تطبيقه جيلاً بعد جيل

وتطبيقا لقانون نامة ، فقد قتل محمد الفاتح الذى استمر حكمه 30 عاما شقيقه الرضيع، الأمير أحمد (6 شهور).

وقام السلطان سليمان القانوني، بقتل إثنين من أبنائه  هما مصطفى وبايزيد، ولم يكتفى بذلك، بل إنه قتل أيضا حفيده الرضيع من ابنه مصطفى، وأيضا اثنين آخرين من أحفاده من ابنه بايزيد !!..

وأما أبناء السلطان بايزيد الثانى، فقد انقلبوا على أبيهم وقتلوه في ظروف غامضة بدس السم له ثم تصارع الأبناء فيما بينهم، ونجح سليم الأول في قتل إخوته والانفراد بالحكم، ولم يكتفى سليم الأول بذلك، بل قام بالقبض على 11 من أبناء إخوته وأمر بقتلهم أيضاً .

وأما محمد الثالث، فبمجرد توليه السلطنة، قام فورا بقتل إخوته الخمسة ؟!! هوس السلطنة استشرى والدوافع مبررة شرعاً.

ولكن السلطان محمد الثالث، كان صاحب الرقم القياسي في قتل الإخوة، فقد قتل 19 أميرا من أشقائه (كان معظمهم رضعا) بعد لحظات من تنصيبه سلطانا، وعلى الرغم من محاولة زوجته السلطانة صفية منعه من إتمام الجريمة، لكن محمد الثالث أصر على تنفيذ قانون قتل الإخوة، وقام الجلادون بخنقهم جميعا .

يقول الكاتب التركي أكرم بوغرا إلنجي، في كتابه “تاريخ قتل الإخوة في الامبراطورية العثمانية”:- “إن إقدام سلاطين بنى عثمان على قتل إخوتهم وأبنائهم، كان في الواقع أسبق تاريخيا من عهد محمد الفاتح الذى تولى الحكم عام 1451″، ويضيف “إن السلطان مراد الأول الذى تولى الحكم عام 1359 قد أعدم أصغر أبنائه الأمير ساوچى ذو ال 14 عاما”، وقد بلغت الوحشية بالسلطان مراد، أن دخل على ابنه في السجن، وسكب في عينيه زجاجة من ماء النار، وتركه على هذا الحال ثلاثة أيام ثم أعدمه خنقا.

 كذلك قام السلطان مراد الرابع بقتل ثلاثة من أشقائه بدأ بسليمان ثم بايزيد ثم قاسم، وعندما حاول قتل شقيقة الرابع إبراهيم، قامت والدته السلطانة كوسيم بحمايته خوفا من انقراض آل عثمان .

أما السلطانة كوسيم نفسها، فقد حاربت ابنها مراد الرابع وسجنته، وأعدمته في السجن، ثم أوصلت ابنها إبراهيم للسلطنة، ولكنها بعد ذلك حاربت إبراهيم أيضا وعزلته، ثم أعدمته بعد 10 أيام من عزله، ونصبت حفيدها محمد شاه زادة وهو لا يتجاوز6 سنوات سلطانا حتى تكون وصية عليه.

وفى كتاب “تاريخ الدولة العلية العثمانية”، يقول مؤلفه محمد فريد بك، أن القتل لم يكن يتم باستخدام السيف، وذلك بسبب موروث تركي مغولي قديم، حيث كانوا يؤمنون بأن السماء تستاء من إراقة الدماء، ولذلك فقد كان القتل يتم خنقا بغير إسالة للدماء، وذلك باستخدام وتر القوس أو بخيط حريري.

تلك أمثلة موثقة من كتب التاريخ مصادر ومراجع ومقالات …….