محمد الفاتح
الذي خالف تعاليم هابيل!!
محمد الفاتح او محمد الثاني او محمد خان، هو السلطان العثماني المختلف فيه وعليه، وهو المثال الحقيقي الذي يمكن ان يشرح لنا كيف كان السلطان يعيش ويتصرف ببذخ وعبث وتسلط دون خشية من عقاب، وكيف وصل الينا كقديس – غير حقيقي- عبر مسافة زمنية لا تقل عن مئة سنة كالسلطان عبد الحميد، واكثر من خمسمائة سنة كالسلطان محمد الفاتح، وبالطبع الكثير من السلاطين العثمانيين.
محمد خان الذي يحب تيار الاسلام السياسي في العالم العربي والعثمانيون الجدد ان يطلقوا عليه “محمد الفاتح” هو اول من نفذ قانون قتل الاخ والابن والاحفاد تحت شريعة هو شرعها لم ينزل الله بها من سلطان، نعم كان السلاطين قبله يقومون بجرائم وانقلابات ضد بعضهم البعض لكن محمد الفاتح هو او من نظمها وحولها لقانون اتبعه سلاطين من بعده.
بالرغم من ان القران الكريم شنع باول جريمة عرفها البشر بين الاخ وأخيه (قابيل وهابيل)، والتي نتجت عن الطمع في الدنيا، وهي نفس مبررات شريعة محمد الفاتح التي أجاز فيها قتل الاخ تحت مبرر المصلحة الدنيوية، حتى ولو كان ذلك المقتول طفلا رضيعا، خوفا من ان يشكل تعزيزا لعرش السلطان ذات يوم، وهذه الجريمة بالذات نفذها الفاتح ضد أخيه الرضيع.
لقد نسي محمد خان – الفاتح – وكل فقهاءه وكل من زينوا تاريخه فيما بعد الآية الكريمة التي ادانت تك الجريمة التي قام بها قابيل ضد أخيه هابيل ان قابيل لم يجعلها شريعة، بل حاول ان يتخلص من جريمته كما يشرح القرآن الكريم.
﴿فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ﴾ المائدة 31.
لم يكن محمد الفاتح الذي وصلنا هو نفسه السلطان محمد خان الذي عاش في تركيا العثمانية، فالاثنان يختلفان تماما وكأنهما شخصيتان عاشتا في مكانين وزمنين مختلفين، لكنها اقلام واخبار وتزوير العثمانيون ومؤرخون الإسلام السياسي وخاصة (الاخوان المسلمين ) الذين رفعوه إلى مقام الأنبياء، بل وغيبوا الشخصية الحقيقية التي كان فيها، وبرّروا له ان يبتكر شريعة غير إسلاميّة أباحت له الاستمتاع بالغلمان والجواري، وقتل الابناء والاخوة دون محاكمات لأنه كان يرى ان افعاله يجب ان تكون تحت فتوى، ونسوا ان يشرحوا لنا لماذا كان يتغنى بالديانة المسيحية ويعلي من شأنها، وكيف يكتب الاشعار تمجيدا لشهواته بل ويقول ان الملائكة ستسجد لجواريه.
من وصل الينا هو شخص اخر وصف بانه فاتح القسطنطينية مع اضافة أحاديث مشكوك بها للثناء عليه او اضافة مالم يكن في أصل الحديث، من اجل صناعة شخصيات عثمانية اسطورية تقف في صف واحد مع الصحابة الفاتحين الاوائل.
هذه ليست سوى ازمة ثقافية تركية حاولت ان تعالج عقدتها مع العرب باختراع قصص وروايات وشخصيات تركية وهمية لتقاوم ما يظنونه تفوق عربي، وهو تفوق مبرر فالنبي منهم والصحابة منهم والفاتحون الأوائل منهم.
عقدة النقص العميقة جدا في الوجدان التركي دفعت بالعثمانيين الجدد إلى صناعة دراما اسطورية تزور التاريخ علنا، فالكافر تحوله مسلما والوثني الى عابد صالح، ومن يحب الغلمان والجواري الى زاهد، وقاتل الأطفال ومحب المسيحية الى “نبؤه إسلامية” انه تاريخ قديم كتب بأقلام جديدة.
اما من يقف، او يشرح، او يكشف ذلك التزوير فانه يتهم بكراهيته للإسلام وشخصياته وقادته التاريخية كما يروجون.
لكن الحقيقة الأولى بإتباعها، والتي يجب ان يقبلها الجميع: ان السلاطين العثمانيين كانوا بشرا لهم مالهم وعليهم ما عليهم، إن عملوا صالحا فلأمتهم التركية، وإن قاموا بفظائع وجرائم فهي تاريخ لا يمكن محوه ولا إنكاره او التجاوز عنه تحت اسم مصلحة الإسلام السياسي، أو وجوب تغييبها من أجل تحسين سمعتهم او تلميع الحكم العثماني وتجميله في أعين الاجيال الجديدة.