
ارث عثماني على اكتاف العرب !!
يتباهى الاتراك العثمانيون بتراثهم العمراني وبما تجمعه متاحفهم من مقتنيات واشهرهم ” طوب قابي”، لكن أحدا لا يسأل هل ذلك الإرث الحضاري هو ناتج عن السلطنة العثمانية، ام انها اقتاتت على ارث حضارات سابقة قامت باحتلالها ونهبها ومحو تاريخها، وتجييره لصالحها.
لم تكن سرقة نفائس الحجرة النبوية الاستثناء أو الوحيدة ونقلها بعد ذلك الى إسطنبول، بل اكدت على أن السرقة والمصادرة أسلوب عثماني مع كل ما تطاله أيديهم، بدء من سرقة الأطفال الاوربيين من بين امهاتهم وعوائلهم وتحويلهم لجنود في جيش الإنكشارية، مرورا بسرقة المهن واجبار أصحابها الموهوبين للانتقال الى تركيا، ثم سرقة الاثار الإسلامية، وليس أخيرا سرقة منصب “الخلافة الإسلامية” من اخر الخلفاء العباسيين وقتله بدم بارد في إسطنبول.
إن فكرة تدمير حضارة ما، ليست امرا طارئا يقوم بها جنود متحمسين كما قد يعتقد البعض، بل هي ممارسة ممنهجة ترتكبها الدول عن قصد، وهو ما حصل تماما عندما احتلت السلطنة العثمانية لعدة دول او حضارات، مارست ذلك في الحرمين الشريفين، وفي الدرعية التي دمرتها ونهبت تراثها المعرفي والفقهي والديني، ومارسته مع الدولة المملوكية في مصر، وهو دولة كانت متحضرة ومتقدمة عمرانيا ومهنيا، ولديها تراث أدهش سليم الأول ورجال دولته، وهم القادمون من أواسط الاناضول دون ارث ودون معالم حضارية حينها، ليجدو في القاهرة المملوكية اثارا عظيمة وتراثا مملوكيا فريدا، فما كان منهم الا استباحتها وسرقتها.
لقد دفعهم الحسد والحقد الى استباحة القاهرة كاملة، اذ قام جنود سليم الاول بسرقة كل شيء من المسلة المصرية الشهيرة، الى اقتلاع أعمدة القصور وزينتها ورخامها واضاءاتها وفوانيسها ونقلها الى قصورهم في تركيا، فضلا عن سرقة المصاحف والكتب الدينية الاثرية والسيوف والدروع، بل حتى ملابس سلاطين الدولة المملوكية لم تسلم من النهب، لقد تحولت القاهرة بعدهم الى مجرد هيكل لمدينة بلا ملامح، ولم تستعد القاهرة عافيتها الا بعد مرور مئة عام من الاحتلال العثماني.
لم يكتف العثمانيون بسرقة الحجر – كما يقال – بل قاموا بسرقة البشر، عندما سفروا كل المهنين والموهوبين من مصر والشام والحجاز الى إسطنبول لكي يقوموا بنقل تجاربهم المهنية الى تركيا، لقد حرموا بفعلهم ذلك بلدان أولئك المهنيين من موهبتهم، وصنعوا قطيعة حضارية، واستأثروا بها في مدنهم وبلدانهم.
ولذلك نجد الفارق الهائل بين المدن العثمانية والمدن العربية التي احتلوها، من حيث العمران والرصف والتقدم الحضاري، لقد نهبوا وسرقوا الأموال والاثار، وقاموا بتتريك الانسان العربي الموهوب ونقلوهم جميعا الى الاناضول ليبنوا حضارة عثمانية على اكتتف حضارات أخرى.