الشخصية البرجوازية
البرجوازيون هم: طبقة من طبقات المجتمع ظهرت في القرنين الـ 15 و 16، تتصف هذه الطبقة بأنها تمتلك السلطة والأراضي الزراعية والمصانع، ويعمل لدى هؤلاء الأشخاص البرجوازيين بعض العمال بمقابل بسيط، والمستفيد الأكبر هو الشخص البرجوازي، كانت الطبقة البرجوازية هي السبب في الثورة الفرنسية بالتعاون مع طبقة الفلاحين، وبعد ذلك انقلب البرجوازيون علي الجمهورية بدعم من نابليون بونابارت، وبعد ذلك أطاح البرجوازيون بطبقة النبلاء وسيطروا على الحكم.
هل ما حدث من انقلاب على الدولة العثمانية نتاج أعمالِ تلك الطبقة الحاكمة، وهل كانت صفات الشخصيات البرجوازية التي تلبست العديد من سلاطينها سببًا دافعًا؟!
هناك أسباب غير تقليدية تبقى قيد البحث والدراسة
إن الهوة التي تفصل بين الخاصة والعامة أو الخط العثماني الذي فصل بين العسكر والموظفين والرعية، خلق طبقية في المجتمع داخل الدولة العثمانية، ولذلك كانت تعاملات التعالي ملموسة الجانب، ناهيك عن التعاملات الداخلية للبيت العثماني.
ولابد لتأثير النشأة في الصِغر تأثيرها في الكِبر…..
عندما تولى السلطان عبدالحميد أصدر مرسومًا ينافي واقع ما حدث لأخيه السلطان مراد الخامس، ولربط سير الأحداث لابد أن نُعرج على نهاية عمهم السلطان عبدالعزيز خان الذي خُلعَ بفتوى صدرت ضده أُعلن فيها أنه مختل الشعور، وأعلن المتآمرون عليه استبداله بمراد الخامس، وأعلن بعد ذلك انتحاره، وتثبت الكثير من المصادر أنه قُتل، وتأتي الدائرة على السلطان البديل – مراد الخامس-، ويُتَّهم باختلال الشعور أيضًا، وهو الذي أعلن إصلاحات في أمور الدولة خاصة الاقتصادية، ومنها التأمين على عدم وقوع مصروفات خارجة عن الميزانية، وقدم تنازلات من خزينته الخاصة وغير ذلك، لكنه اُتهم في أقل من أسبوع بأنه يعاني من اضطرابات عصبية وازدادت وأُخِّرت الاحتفالات بتنصيبه، وتؤكد العديد من المصادر برئه من ذلك المرض – المفتعل – وبعد مشاورات سريعة قُرر تنصيب عبدالحميد الثاني، وهو بدوره طلب التأني لعل أخاه يعود إلى شدة ذكائه وتوقد ذهنه – تلك شهادة تناقض واقع الأحداث التي جرى تنفيذها، وكيف يكون مختلاًّ عقليًّا وقد راقبوا سلوكه فإذا هو ذو ذكاء متوقد نشط؟! ويعلل البعض بأن الوزراء ارتأوا الإسراع في مبايعة السلطان عبدالحميد الثاني، لمصلحة الدولة ورعاياها، وحتى تكون الحبكة رسمية صدرت فتوى بوجوب عزل مراد الخامس.
وبعد ذلك لابد أن يعلن السلطان المعتلي السلطة خطه الهمايوني ولكن كانت المفاجأة إذ قال: “إنه لما اعتزل أخي الأكرم حضرة السلطان مراد الخامس عن مشاغل السلطنة والخلافة وفرغ منها جلسنا بموجب القانون العثماني على تخت أجدادنا العِظام”.
متى اعتزل، وكيف كانت له مشاغل بصفته سلطانًا وأدار خلافة، وفرغ منها؟!!
والملفت من خلال تتبع الأحداث سرعة تقليد السلطان عبدالحميد عما جرت به العادة، ومنها الذهاب إلى جامع أبي أيوب الأنصاري في موكب مفخم لتقليده السيف، وقد ذكرت المصادر أن موكبه لم يسبق له مثيل، وأنه زار قبر والده عبدالمجيد المدفون في جامع السلطان سليم، وزار ضريح محمد الفاتح وقبر جده محمود الثاني –ويعلق صاحب الكتاب بقوله: “مبيد الانكشارية”، وأخيرًا زار قبر عمه شهيد الشهداء السلطان عبدالعزيز. وكيف يصفونه شهيدًا بعد اتهامه بأنه انتحر .
ومن خطابه السلطاني: “.. ويبادر عاجلاً لإصلاح الأصول الملكية والمالية والضبط في الولايات بحيث توضع ضمن دائرة الانتظام في صورة مناسبة للقاعدة التي تتخذ في المركز …. وينبغي المثابرة بالاجتهاد على ازدياد روابط الحب والمسالمة المتبادلين بيننا وبين الدول”.
يحث على المسالمة، وفي الجهة الأخرى تعاني الدول العربية والإسلامية ما تعانيه.
ذلك ليس اجتزاءً من المرسومين ولكنها مقابلة بينهما في نهج كل سلطان، حيث إن مراد يضع تأمينات لميزانية الدولة وتقنينها، ويتنازل عن أجزاء خاصة من خزينته، وعبدالحميد يضع إصلاحات عاجلة للأصول الملكية والمالية، وتستمر التناقضات في سرد الأحداث، ومضي السلطان عبدالحميد الثاني في خط سير مختلف عن سلاطين الدولة العثمانية محقِّقًا طموح من سبقوه بإضافات خاصة وبشخصية كان لها اختلافها عمن سبقه.
فعلينا أن نتتبع التاريخ للكشف عن العجب العُجاب ….