عبدالحميد الثاني وجمال الدين الأفغاني
كان السيد جمال الدين الأفغاني يشغل منصب رئيس الوزراء في أفغانستان في عصر الملك محمد أعظم خان الذي تولي الحكم عام 1862م، ولأسباب سياسية رحل الأفغاني إلى الهند حيث فرض الإنجليز حصارًا حول بيته لمنع لقائه بالعلماء و الأتباع المسلمين، وبعد شهر تقريبًا تم ترحيله عن طريق البحر إلى مصر.
حلّ في مصر عام 1871م ولقي ترحيبًا من الدولة ومنحته الحكومة منزلاً بخان الخليلي وراتبًا شهريًّا قدره عشرة جنيهات، وخلال إقامته انضم الأفغاني إلى الحركة الماسونية ، وعندما تولي الخديوي توفيق الحكم في مصر وتحسبًا لتأثير الأفغاني على الوضع السياسي قرر نفيه عام 1879م إلى الهند، وفي عام 1882م نُقل الأفغاني من بومباي إلى كلكتا حيث حددت السلطات البريطانية إقامته حتى انتهت الأحداث باحتلال الجيش البريطاني لمصر، وعندها سمحت له السلطات بالسفر إلى حيث يشاء توجه إلى فرنسا، ومن هنا تبدأ الحكاية .
نظم الأفغاني علاقة جمعية العروة الوثقى بالمنظمات الثورية في فرنسا، وأصبحت له أنشطة متعددة، وفى عام 1892م وجه السلطان العثماني عبد الحميد دعوة إلى الأفغاني ليقدم إلى إستانبول فاستجاب سريعًا معتقدًا أنه بمعونة السلطان يستطيع أن يضع خطة لتنفيذ جامعة إسلامية.
حاول السلطان عبد الحميد اتخاذ اللغة العربية لأول مرة في تاريخ الدولة العثمانية، لغة للدولة أو ما يسمى بالتعبير المعاصر “تعريب” الدولة العثمانية، محاولة لاستدرار العاطفة الدينية للسيطرة على ما انفلت منه من زِمام السلطة والسيطرة. وفي مذكراته كتب عن ضرورة العمل على تدعيم أواصر الأخوة الإسلامية بين كل مسلمي العالم في الصين والهند وأواسط أفريقيا وغيرها، وحتى إيران. فهو يُعبر عن ثقته في وحدة العالم الإسلامي، ويلاحظ كيف أنه وصل إلى مستوى عالٍ من السيطرة التي يرغب أن تصل إلى العالمية.
ومن أخطر التوجهات لإنشاء جامعته لإسلامية أنه عمل على استمالة شيوخ الطرق الصوفية وعمل على استقطابهم من جهات متعددة من الدولة، كما اتخذ من الزهاد من غير المتصوفة وسيلة أيضاً للدعوة إلى فكر التجمع الإسلامي ، وتكونت في إستانبول لجنة مركزية، مكونة من شيوخ الطرق الصوفية حيث عملوا مستشارين للسلطان في شؤون الجامعة الإسلامية .
ومن أعماله لتحقيق فكرة الجامعة الإسلامية الموافقة على خط سكة حديد الحجاز، إذ عمل السلطان عبد الحميد على كسب الشعوب الإسلامية عن طريق الاهتمام بكل مؤسساتها الدينية والعلمية والتبرع لها بالأموال والمنح ورصد المبالغ الطائلة، ولكن الهدف الحقيقي لذلك لم تظهر نتائجه إلا باستغلاله لضرب بلاد الحرمين وإحداث “سفربرلك”.
وبالعودة إلى الحديث عن نهاية صاحب فكرة الجامعة الإسلامية ” الأفغاني” ، سرعان ما انقلب عليه السلطان بعد ربط اسمه بعملية اغتيال حاكم بلاد فارس الشاه القاجاري ناصر الدين إذ قتله أحد تلاميذ الأفغاني، فقضى عامه الأخير شبه سجين في البلاط السلطاني. ويتردد عن عدد من المؤرخين أن طبيب الأسنان الذى كان يعالج الأفغاني قد دسَّ له السُّم، وهذه سياسة معتمدة في البلاط العثماني للتخلص من كل شخص تصدَّر للأوامر العليّة، فتوفي عام 1897م ودفن في إستانبول.
لقد ذكر السلطان عبدالحميد الثاني في مذكراته بأنه لا يمكن أن يثق في أحد أيًّاًكان، وإن اضطر إلى إشعار من حوله بذلك ليستطلع أو ليتحسس أي رائحة للغدر فلا ثقة لدية على الإطلاق وسرعان ما ينقلب ويعود إلى الاستبداد برأيه .
فأين ذهبت الجامعة واجتماع المسلمين ؟؟؟!!!
كان مخططاً تحت شعار.. كان شعاراً فقط …….