الفاتح.. التدين السري والهيام بالمسيحية !!
بلا شك ان بناء المشروع السياسي يأتي من بناء الشخصيات الايقونية، هكذا نفهم ما يفعله العثمانيون الجدد وحلفائهم من التنظيمات الاسلاموية عندما يشرعون في تزوير التاريخ وبناء شخصيات ايقونية بديلة عن الصحابة والتابعين والقادة المسلمين المشاهير خاصة في الدولتين الاموية والعباسية، من خلال الإصرار على الرفع من اعمال بعض السلاطين العثمانيين ومساواتهم بهم، بل انهم وحسب السردية الاسلاموية الجديدة قد يتفوقون على الصحابة.
ومن اهم الشخصيات التي زور تاريخها وتجميل سجلها الفكري والعقائدي بما يناسب اهداف العثمنة هو السلطان محمد الفاتح الصوفي الماتريدي، المتهم بتنصره وتحوله الى المسيحية في اخر حياته.
ويقدم على انه من ينطبق حديث فتح القسطنطينية عليه، هكذا دون تدقيق او تمحيص لا في الحديث الذي ضعفه بعض المحدثين الكبار ولا في شخصية السلطان والروايات التاريخية الثابتة والتي اكدت معظمها اضطراب شخصيته وتنقله الفكري والديني من عقيدة الى عقيدة بلا مسوغ.
لقد كان محمد الفاتح مكشوفا في توجهاته الفكرية وتنقله من عقيدة الى أخرى، والتي ظهرت جلية في دعمه للعقيدة الماتريدية والطرق الصوفية المتطرفة، او في حبه للمسحية ودعمه لهم وتمكينه لهم في السلطنة، او في تجريفه ضد الملائكة، لكن ” عبيده الجدد” يحاولون نفي ما أثبته على نفسه في اشعاره وتراثه.
اليس السلطان محمد الفاتح هو من شرع قتل الأطفال والابناء والاخوان من ورثة العرش العثماني، ومع ذلك تقوم فرقة التجميل والتزوير بمحاولة اخفاء قانون “نامه” التركي الذي امر فيه الفاتح بقتل الانفس البريئة لمجرد شك السلطان في طفل صغير انه قد يهدد عرشه ولو بعد عقود، اليس هذا شرك بالله ودخول في غيبيات وحكم على أفعال لم تأت بعد.
لقد وجدوا في السلطان محمد الفاتح ضالتهم، فقد كانوا بحاجة الى شخصيات سياسية وتاريخية عثمانية يبنون من خلالها مشروع ما يسمى بالخلافة العثمانية ويعيدون الترويج لها، بالرغم من ان تاريخ الفاتح المتناقض والملتبس لا يساعدهم ابدا، ولذلك يختبئون خلف اسوار القسطنطينية وحديث الفتح.
ولم يكتف كتبة التاريخ العثماني بتزوير تاريخ محمد الفاتح، بل وظفوا حديث الرسول الذي بشر فيه بفتح القسطنطينية، بالرغم من ان الحديث مختلف عليه ، خاصة الجزء الخاص بمدح من فتح القسطنطينية، وادعوا ان ذلك يصبح تلقائيا مدحا للعقيدة الماتريدية، وهذه جريمة في حق الحديث الشريف وتطاول عليه وحرف لكلام الرسول عن موضعه، لكنهم لا يتورعون عن أي فعل يخدم مصالحهم ويروج لمشروعهم.
فهل يعقل ان يقوم المزورون بتوظيف الحديث للترويج للعقيدة ” الماتريدية” المختلف عليها كثيرا ويتهمها كثير من علماء المسلمين بانها عقيدة متطرفة، ولكن لان الفاتح اعتنقها وساعد في انتشارها داخل القطر التركي، تحولت تلقائيا من تهمة تلوث تاريخه الى ميزة، هكذا يريد المزورون ان نصدقهم ونتبع عقائدهم وننساق خلف سرديتهم وروايتهم المختلقة.