طقوس

قديمة متجددة للفرس

تضم الزرادشتية مجموعة من التعاليم وضعها مؤسس تلك “الديانة” زرادشت، عُرفت باسم “الأفيستا” أو “الجاثاس” وهي تراتيل طقوسية، وتنص تلك “الديانة” على المساواة بين الجنسين في القيادة والإرث وإبداء الرأي في الحقوق والواجبات بكل مجالات الحياة، حيث تقلدت المرأة الزرادشتية مقاليد الحكم قبل ذلك، كما أنها تصبح كاهنة في المعبد وتجلس في مجالس الرجال.

وتعد تلك “الديانة” موغلة في القدم وتعرف بالمجوسية وبالإنجليزية: Zoroastrianism ، وهي ديانة إيرانية قديمة وفلسفة دينية آسيوية، كانت الدين الرسمي للإمبراطوريات الفارسية القديمة مثل الأخمينية والبارثية والساسانية كما تقدم التعريف بها.

أفكار زرادشت أدت إلى تبلور “دين” رسمي يحمل اسمه منذ ما يقارب القرن السادس قبل الميلاد، ويجادل بعض علماء الأديان أن أفكاره أثرت على أديان توحيدية لاحقة مثل اليهودية والغنوصية والمسيحية والإسلام، وهناك اختلافات كبيرة بين الأديان الإبراهيمية والزرادشتية، إذ يظل الزرادشتيون أقرب إلى الأديان الهندية القديمة، ولكن هناك بعض أوجه التشابه التي يُعتقد -بشكل واسع بين علماء الأديان- أن اليهود تعلموها منهم خلال السبي البابلي، والديانة الزرداشتية نفسها، وكان تأثرها من تأثيرات الفلسفة الدينية لحضارة بابل العراقية القديمة.

وتُظهر طقوس الزرادشتية التداخل العجيب بين الأفكار والتحلل العقدي المتعمد ما جعل أجيالاً يتمسكون بها ويتشددون طقوسها، مثل طقس النار المقدس، إذ يتوجه الزرادشتيون في صلاتهم باتجاه نار يوقدونها باعتبارها رمزًا تقديسيًّا لنور الخالق، كما يقدسون الطبيعة والشمس، ويلاحظ انشغالهم المستمر بالخير والشر والنور ضد الظلام، وانعكس ذلك على طباعهم البشرية رغم أن صراعاتهم حول طبيعة خلقها الله عز وجل ضمن دائرة الحياة نفسها.

كما تشمل الطقوس الخاصة الصوم، فحسب ما جاء ذِكره في مجلة العربي (العدد 563 لسنة 2005) بعنوان (شعيرة الصيام عبر التاريخ) قال الكاتب :”كما دان الفرس الأقدمون بدين زرادشت، وهو دين مسرف في التفاؤل بالحياة، والتفاعل معها، لهذا فإنه قد نهى عن الصوم، لأنه يجهد الجسم ويفسد الصحة، وأما ديانة ماني التي تبرر الشر بأن العالم من خلق الشيطان، فقد كانت أكثر ميولاً إلى التقشّف، لهذا كان الصوم أحد أعمدتها الأساسية، وكان لاهتمام ماني بالفلك أثر في تعيين مواقيت الصوم عند المانوية، فإذا صار القمر نورًا كله، يُصام يومان، وإذا أهل الهلال، يُصام يومان، وإذا نزلت الشمس الدلو ومضى من الشهر ثمانية أيام، يُصام حينئذ ثلاثون يومًا، يفطر كل يوم عند غروب الشمس”.

وتثبت كتب التاريخ أن للديانة المجوسية صومًا، منه ما هو مرتبط بصوم العامة والمقصود أيام متفرقة من السنة، ومنه ما هو مرتبط بصوم الخاصة من زعماء الدين، ويصل بهم ذلك إلى تقديسهم وتأليههم في بعض الأحيان، وذاك الصيام قد يصل في مدة اتصاله قرابة الخمس سنوات على التوالي، وذاك أمر عجيب كيف تُجبر عليه النفس البشرية؟

وعن تفاصيل طقوسهم الخاصة بالصلاة، يذكر أحد رجال دينهم ويُدعى قادرؤك: “لدينا 5 صلوات في اليوم، ولكنها تختلف عن صلاة المسلمين، وقبلتنا النار والنور والشمس، ولكننا لا نعبد النار كما يظن البعض، وإنما هو تقديس، ولدينا صيام 4 أيام كل شهر نمتنع خلالها عن أكل اللحوم فقط، ومجموع أيام الصيام 48 يوما في السنة “.

وللحديث بقية حول ما جرى ذكره من شبهات ذُكرت، من أن الدين الاسلامي أُخذ من تعاليم وطقوس الزرادشتية لأنها أقدم منه وما تلك إلا هرطقة.