الأحواز العربية منذ فجر القرن العشرين
قال الكاتب الفرنسي جان جاك بيريبي : “في فجر هذا القرن كانت الضفة الشرقية لشط العرب بما في ذلك جزيرة عبادان وحوض نهر قارون خاضعة لسلطة أمير عربي لَبِق شبه مستقل هو شيخ المحمرة التي أصبحت بعد ذلك ( هوارم شهر ) … وكان هذا الشيخ يتبع لإيران شكلاً “. ثم يذكر -بعد أن حدثت أحدات قهرية ونُفِيَ الشيخ إلى طهران- عن شاه إيران : “لقد كان جواب رضا شاه بهلوي في سنة 1925م أن نفى الشيخ خزعل إلى طهران حيت مات -بكل مظاهر الشرف- محرومًا في الوقت نفسه من كل حقوقه كأمير مستقل . أما أراضيه فقد ضموها إلى الإمبراطورية الإيرانية”.
لقد قاسى شعب الأحواز (عربستان على حد قولهم)، وذلك توثيقٌ لعروبتهم، رغم أن هذا الوصف يتخذه الأعداء للتحقير، وتوالت ويلاتهم ونكباتهم على أيدي الفرس لا لشيء سوى نضالهم.
ومن باب العلم فإن أصل تسمية “الأحواز” فيها تداخلات، وشبه مجهولة من الأغلب، وحتى نستدل بمدلولات التاريخ، ومنها أن أصل التسمية عندما سكن العلاميون منطقة الأحواز سيمت باسمهم أي بلاد العلاميين، أو بلاد الدولة العلامية، ثم خوزستان. وتنطق هوزستان بمعنى الطائفة من أهالي لرستان وهو إقليم للأكراد – والإيرانيين يسمون الكرد “للر” . ولعل كلمة هوز مأخوذة من التعميم الإنجليزي “هوز ستان” أي حوش الطائفة، وخوزستان مشهورة ومعمول بها في الكتابات والتوثيق، وذكرت مصادر بأنها منذ ألفي سنة تُكتب خوز ستان بمعنى “خوز” وتعني الطائفة أو الجماعة، والخوز المكان والخليط، وستان بمعنى اللواء أو البلاد ، مثل شهرستان وطبرستان.
وتطلق الأحواز عند العرب جمعًا لــ”حوز” والحوز من حاز الشخص على شيء أي حصل عليه وامتلكه، وقال حمزة الأصفهاني في كتابه العين: “الأحواز سبع كور بين البصرة وفارس، ولكل كورة منها اسم، وجمعها الأحواز ولا يُفرد الواحد منها بحوز” . وجاء في فتوح البلدان للبلاذري “لا ترجعني إلا الأحواز، وفي معجم البلدان جاء بأن الأهواز أعجيمة من الأحواز لعدم استطاعة الفرس نطق الحاء العربية فالاسم عربي سمي به في الإسلام. وإن استعملت الأهواز فهو استسهالٌ. ومن أراد أن يستزيد فعليه بمراجعة كتاب المقدسي والإصطخري وابن خرداذبة والمستوفي وابن حوقل وغيرهم، باعتبارهم جغرافيين فقد استوفوا وصف الإقليم ونسبته وحدوده. والأحواز حدها الشرقي فارس وأصبهان، وبينها وبين حد فارس من حد أصبهان نهر طاب، كذلك جاء في كتاب “سفرنامة” لناصر خسرو .
ومع كل ما تؤكده الكتابات والوقائع العربية والإسلامية وغير العربية وغير الإسلامية من حقائق حول الأحواز والأحوازيين إلا أنها ظَلَّت تحت وطأة الفرس ترزح تحت ظلمهم ولم يعبأوا بذلك.
فمنذ ذلك الفجر، فجر انتصار المسلمين على الفرس في القادسية وإقليم الأحواز تحت حكم الخلافة الإسلامية، ويتبع لولاية البصرة إلى أيام الغزو المغولي ومن بعد نشأة الدولة المشعشعية العربية واعترفت بها الدولة الصفوية والعثمانية باعتبارها دولةً مستقلة، إلى أن نشأت الدولة الكعبية (1724-1925م) وحافظت على استقلالها حتى سقوطها على يد الشاة بهلوي. ففي عام 1920م اتفقت بريطانيا مع إيران على إقصاء أَمير الأحواز (عربستان) غدرًا، وضم الإقليم إلى إيران حيث منح البريطانيون الإمارة الغنية بالنفط إلى إيران بعد اعتقال الأمير خزغل الكعبي وبعدها أصبحت الأحواز في قبضة الاحتلال والحصار الإيراني.
ومنذ ذلك اليوم والشعب العربي الأحوازي يناضل من أجل تحرير أرضه، وقد قامت لأجل ذلك عدة ثورات لكن النظام الإيراني كان -ولا يزال- يتعامل معها بكل قسوة وشدة وبطش وطمس للمعالم.
ببساطة الوحوش
عملت الحكومة الإيرانية على تهجير القبائل العربية المقيمة في الأحواز إلى مناطق الشمال الإيراني واستجلاب سكان هذه المناطق إلى الأحواز وإسكانهم فيها. ومع ذلك فالغالبية العظمى للسكان أحوازيون “عرب”.
واتبعت سياسة التجويع للشباب الأحوازي نتيجة انعدام فرص العمل، ومن أجل إجباره على الهجرة نحو الداخل الإيراني، ليكون بعد ذلك إبعادهم عن وطنهم وأهلهم وانتمائهم.
كذلك إلغاء مؤسسات الحكم العربي السياسية والإدارية والقضائية .
وختمت أعمالها الإجرامية بإعلان الحكم العسكري المباشر في عربستان. لتبدأ مراحل أخرى أسوأ مما كان.