
ملل ونحل
كتاب الملل والنحل لأبي الفتح الشهرستاني وهو عبارة عن كتاب يتحدث عن الطوائف الإسلامية باختلافها وكذلك يتحدث عن الأديان السماوية ويتحدث عن بعض طوائفها، ويتحدث أيضاً عن الديانات والاعتقادات الوثنية وما قبل الإسلام ، وكذلك عن الأديان والفلاسفة الرومان، ويتحدث عن الأديان والاعتقادات لدى حكماء الهند، وغيرها. ولا تجد فيه ما يذكر الماتردية وأشباهها . فكيف يدعون بأن الرسول الكريم قد ذكرهم ضمن أحاديثه ، وهم المعنيين . ولا تعليل لذلك سوى شرعنة أفعالهم وتمريرها .
والماتريدية اعتمدت في أسسها ونشأتها على المذهب الحنفي فقهًا وكلامًا، حتى كانت آراء أبو حنيفة هي الأصل الذي تفرعت منه آراء الماتريدي .
وقال عنهم الشيخ ابن باز رحمه الله : ” مرت الماتريدية كفرقة كلامية بعدة مراحل، ولم تُعرف بهذا الاسم إلا بعد وفاة مؤسسها، كما لم تعرف الأشعرية وتنتشر إلا بعد وفاة أبى الحسن الأشعرى، واتسمت عند تأسيسها بشدة المناظرات مع المعتزلة، أسسها أبو منصور الماتريدى، وهو محمد بن محمد بن محمود الماتريدى السمرقندى، نسبة إلى (ماتريد) وهي محلة قرب سمرقند فيما وراء النهر” .
إنها عقائد اختلطت ما بين وثنية وملل ونحل وفرق ، تشبع بها من وجدت طريقها اليه أمثال محمد الثاني ” السلطان الفاتح ” ، وقد كتب عنه الكثير لإيضاح سياسية السلطان وعقيدته ، وما يقترب الى الحقيقة رغم وضوحها ولكن للمشككين يحاولون دوماً نفيها عنه في حين ان مواقفه تثبت ميلهم لهم ، وحمايته لهم تؤكد ذلك ضد من يحاول اعتراضهم ، كيف يمكن ان نقرأ مفهوم خطير تم اعتماده منهم وهو تقديم الشيخ على السلطان فيقال : الشيخ والسلطان ؟ ، وقد أسهم ذلك التوجه في بناء دولتهم بشكل واضح .
انتشرت عقيدة الحلول والاتحاد بصلة كبيرة، حيث ترى تجسد الإله في البشر، وفوق ذلك آمن أن للحروف معاني وأسرارا باطنية لا يعلمها إلا مَن أوتي تأويلها مثله. ويرى الأسترابادي وأتباعه من بعده أن الحروف الفارسية وعددها 32 تستوعب الكون وأسراره. وتنقلت بين شعوب كبيرة من أهل الأناضول، وانتقلت إلى الرومللي والبلقان.
يذكر طاشْكُبري زاده في كتابه الشقائق النعمانية في علماء الدولة العثمانية ، تفاصيل هذه الواقعة، فيقول إن السلطان الفاتح وهو لما يزل في حياة والده السلطان مراد في العاصمة أدرنه قبل أن تُفتح القسطنطينية قد مال إلى هؤلاء الحروفية، وخصص لهم مكانا في قصره “دار السعادة” ليزيد من اجتماعه بهم . ورغم تقديم النصح للأمير الشاب تجاه خطر الحروفية وعقيدتهم التي اصبحوا يجاهرون بها وعلناً نتيجة لدعم محمد الثاني لهم ، الا أنه السلطان القادم والفاتح المغوار لم يمثل لتلك النصائح !!؟؟؟ وكيف يمكن ان يُستوعب ذلك الموقف منه ، وهو تقربه منهم وحمايتهم ؟ رغم ان تربيته وتنشئته النقية تجعله لا يحتاج الى جهد مكثف ممن كانوا حوله ليقنعوه بانحراف عقيدة الحروفيون ؟
وأن الحروفيون استغلوا حداثة سن السُلطان محمد الفاتح في سبيل تحقيق مآربهم ؟
وفي حادثة اتفاق محمود باشا مع الشيخ المُفتي فخر الدين العجمي واستشاره في أمرهم وان السلطان يحميهم اتفقوا على أن يدعوا الشيخ درويش الحُرُوفي وأتباعه إلى مأدُبة عشاءٍ ويظهر لهم أنه مال إلى مذهبهم. وخاض الشيخ درويش في حديثٍ طويلٍ وهو آمن، حتَّى وصل إلى القول : بِالحُلُول والاتحاد. وقيل أنَّهُ تحدَّث بِحُلُول الله في الجميلات وأنَّ عبادتهُنَ فرض على الناس – جل جلاله عما يشركون – . عند ذلك خرج عليهم المُفتي فخر الدين غاضبًا مُزمجرًا يلعن الحروفيون، فهرب الشيخ درويش إلى السراي السُلطانية مُحتميًا بِالسلطان محمد، لكنَّ المُفتي لحق به وقبض عليه في حُضُور السلطان الشاب، الذي سكت استحياءً من العالم الكبير.
وقيل فيما بعد أن السلطان تعقبهم للقضاء عليهم ، وذلك التعقب كغيره عند استشعار الخطر من فئة أو طائفة وغير ذلك ، الخلاص الدموي هو الحل .
وتساؤل مهم لابد من طرحه
وقوف السلطان باستحياء امام شيخه وعالم كبير ، إذاً هو غير مقتنع ، بما يجري من حوله لا سيما وأن الشيخ مقدم على السلطان .