سنوات الحرب الباردة وانعكاساتها
إيران والعرب
تحاول إيران ولا تزال أن يكون لها دور محوري مؤثر في تَوازُن القوى الإقليمية في المنطقة العربية، حيث تعتبر إيران نفسها من الدول الإقليمية الأساسية الفاعلة والمحركة للتفاعلات السياسية والأمنية في المنطقة العربية؛ نظرًا لما تمتلكه من قدرات عسكرية وسياسية تُمكِّنها من التدخل والتأثير في مسارات وسياقات وتطورات القضايا المحورية الرئيسة في المنطقة، وتعتبر سياسات إيران، ومواقفها الخارجية الإيرانية ذات تأثير سلبي، خاصة تجاه القضايا المحورية التي تؤثر على توازُنات القوى الإقليمية في المنطقة، ومنها الأزمات في كل من سوريا واليمن والعراق، وتنطلق نحو التدخل في الأزمات العربية المعاصرة، واستغلال الأوضاع المتردية في كل من (العراق- سوريا- اليمن- لبنان)، وأسهم ذلك في تعظيم النفوذ الإيراني، ودعم مكانة إيران الإقليمية على حساب الدول العربية لدى مَن يناصبها الاشتراك في المذهبية الدينية، كما إنه أسهم في زيادة تعقيد تلك الأزمات بدلًا من تسويتها، وأثَّر على أمْن بعض الدول العربية، وزاد من حدة التنافس الإقليمي في المنطقة، وخاصة بين قوى إقليمية غير عربية، مثل تركيا وإسرائيل، وأثَّر سلبًا على أمن المنطقة وعلاقاتها الخارجية، ناهيك عن مجموعة من التهديدات والتحديات غير المسبوقة في تاريخ المنطقة وتطوره، ونجد أنها تسعى إلى إعادة تشكيل وهيكلة المنطقة، لتنفيذ المشروع الإيراني، وزيادة نفوذها ومكانتها الإقليمية، حتى تتمكن من توظيف ذلك في صراعها مع الدول الكبرى في النظام الدولي؛ لكي تتمكن من صناعة مستقبل الصراع الإقليمي في ظل التهديدات الإستراتيجية، الأمنية، السياسية، والعسكرية الراهنة.
كان موقف إيران من قضايا سياسية في المنطقة العربية منذ عام 1973-1975م، موقف المؤدي لدور حيوي في المنطقة العربية حسبما ذكرت بعض التقارير لوزارة الخارجية الأمريكية، وأنه على مر العصور والحقب التاريخية، دورها نابع من ضرورات إستراتيجية تراها الحكومات الإيرانية، وهي تعزِّز من سياسة الأمن القومي لإيران، ويؤكد مواقفها طبيعة علاقات إيران مع دول الجوار، إضافة إلى التدخل في زعزعة أمن منطقة الخليج العربي والجزيرة العربية دون تمييز بين دولة وأخرى في المنظور الإيراني، وخاصة بين موقف إيران من الصراع العربي – الإسرائيلي، ومحاولة أداء دور قيادي إزاءَ أزمات المنطقة.
وأوضحت تلك التقارير أن إيران لم تتخلَّ خلال عِقد سبعينيات القرن العشرين عن مهامها التي أوكلتها إليها الولايات المتحدة الأمريكية، سيما في منطقة الخليج العربي، غير أن طموحات الشاه محمد رضا بهلوي كانت أكبر من ذلك، وكان يرى أنه قادر على أن يؤدي دورًا أوسع وأكبر من ذلك الذي كلَّفَتْه به الإدارة الأمريكية، فهو يطمح أن يكون قائد منطقة الشرق الأوسط – باعتبار ذلك مخططًا للمنطقة العربية، وأن يتم اختلاق شرق أوسط يُدار بحبال أصابعهم الخفية -، وذلك عبر مشاركته في إدارة الأزمات التي أصابت المنطقة، وخروجه عن نطاق دوره المسموح له.
إن سياسة “إيران” الخارجية تمثل دائمًا إشكالية في التعاملات الدبلوماسية، وهو ما سبب إرباكًا حقيقيًّا للمتعاملين معها، ومَردُّ ذلك أن “طهران” لا تتحدث بصوت، ولكنه سيطرة معسكرين +في سياسي واقتصادي مغلف بالمذهبية العَقَدية أوكلت لهما مهمة تداول تلك المسألة، فضلًا عن طبيعة سياستها الحذرة والمعقدة، وأساليب سياستها المؤثرة على السياسة الخارجية لإيران، ومنها العوامل القانونية البعيدة عن سياق القوانين المتعارَف عليها دوليًّا، رغم أنها تتسمَّى باسم جمهورية إسلامية، وكذلك العوامل الأيديولوجية، وقد تضرَّرَت الدول العربية من الإرهاب وتغلغُله فيها بإدارته المشبوهة.
لقد ازداد الطموح وازدادت الأطماع الإيرانية في التمدُّد السياسي والإستراتيجي والعسكري بمنطقة الخليج بشكل خاص، والمنطقة العربية بشكل عام، وكان أثناء حكم الشاه محمد رضا بلهوي، ويثبت ذلك الأحداث العسكرية بعد حرب 1973، بدأت العلاقات العربية الإيرانية تأخذ منحنى آخر لقيام إيران باستقطاب بعض الأطراف العربية منفصلة عن بقية الأطراف من الدول الأخرى بغرض تحقيق أهدافهم في أطماعها الخليجية، واستحواذها على كامل جغرافية مياه الخليج العربي ممتدة إلى داخل الجزيرة العربية.
رغم السياسات الملتوية الإيرانية إلا أن موقف جامعة الدول العربية منها كان موقف ثابت لم يتغيَّر من العلاقات العربية الإيرانية يتلخَّص في أن إيران دولة إسلامية جارة، تؤكد الجامعة حسن العلاقات معها، ولكنه الإرث الفارسي تجاه العرب منقولًا ومؤثرًا.