الخليج الشرقي لشبه الجزيرة العربية

عربي أم فارسي؟

سماه الآشوريون والبابليون والأكاديون: “البحر الجنوبي” أو “البحر السفلي” ويقابله البحر العلوي وهو البحر الأبيض المتوسط.

وسماه الفرس “بحر فارس”. قيل التسمية عرفت في أول الأمر من قبل الملك الفارسي داريوس في كلامه “عن البحر الذي يربط بين مصر وفارس”. والراجح أن الإسكندر الأكبر هو أول من أطلق تلك التسمية بعد رحلة موفده أمير البحر نياركوس سنة 326 ق. م. وقد عاد من الهند بأسطوله بمحاذاة الساحل الفارسي فلم يتعرف إلى الجانب العربي من الخليج. مما دعا الإسكندر ليطلق على الخليج ذاك الاسم، وبقي متداولاً بطريق التوارث. وعن طريق اليونان تسربت التسمية للغرب واستعملها بعض العرب كذلك.

سماه الرومان “الخليج العربي”. وممن أطلقوا تلك التسمية المؤرخ الروماني بليني في القرن الأول للميلاد. قال بليني: “خاراكس (المحمرة) مدينة تقع في الطرف الأقصى من الخليج العربي، حيث يبدأ الجزء الأشد بروزًا من العربية السعيدة، وهي مبنية على مرتفع اصطناعي”.

سماه العرب خليج البصرة أو خليج عمان أو خليج البحرين أو خليج القطيف لأن هذه المدن الثلاث كانت تتخذه منطلقًا للسفن التي تمخر عبابه وتسيطر على مياهه، حسبما ذكرت المصادر. ويعود اسم بحر البصرة إلى فترة الفتح الإسلامي في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب.

لقد بدأ بعض الباحثين الغربيين يتخلون عن التسمية الفارسية للخليج. ومنهم المؤرخ الإنجليزي رودريك أوين الذي زار الخليج العربي وأصدر عنه سنة 1957م، كتابًا بعنوان “الفقاعة الذهبية – وثائق الخليج العربي” وقد أورد فيه أنه زار الخليج العربي وهو يعتقد بأنه خليج فارسي؛ لأنه لم ير على الخرائط الجغرافية سوى هذا الاسم. ولكنه ما كاد يتعرف إليه عن كثب حتى أيقن بأن الأصح تسميته “الخليج العربي” لأن أكثر سكان سواحله من العرب. وقال: “إن الحقائق والإنصاف يقتضيان بتسميته الخليج العربي”. وكذلك أكد الكاتب الفرنسي جان جاك بيربي عروبة الخليج في كتابه الذي تناول فيه أحداث المنطقة وأهميتها الإستراتيجية، حيث يقول: “يؤلّف القسم الذي تغسله مياه نهر كارون من إقليم الأحواز مع القسم الأسفل من بلاد ما بين النهرين وحدة جغرافية واقتصادية… إن إقليم الأحواز هو طرف الهلال الخصيب الذي يبدأ عند السهول الفلسطينية وينتهي عندها مارًّا بلبنان وسوريا والعراق”.

 ويقول المؤرخ الدنماركي كارستن نيبور، الذي جاب الجزيرة العربية سنة1762م: “لكنني لا أستطيع أن أمر بصمت مماثل، بالمستعمرات الأكثر أهمية، التي رغم كونها منشأة خارج حدود الجزيرة العربية، هي أقرب إليها. أعني العرب القاطنين الساحل الجنوبي من بلاد الفرس، المتحالفين على الغالب مع الشيوخ المجاورين، أو الخاضعين لهم. وتتفق ظروف مختلفة لتدل على أن هذه القبائل استقرت على الخليج الفارسي قبل فتوحات الخلفاء، وقد حافظت دومًا على استقلالها. ومن المضحك أن يصور جغرافيونا جزءًا من بلاد العرب كأنه خاضع لحكم ملوك الفرس، بينما لم يتمكن هؤلاء الملوك قط من أن يكونوا أسياد ساحل البحر في بلادهم الخاصة. لكنهم تحملوا -صابرين على مضض- أن يبقى هذا الساحل مِلْكا للعرب”.

 

كما كتب جون بيير فينون أستاذ المعهد الوطني للغات والحضارات الشرقية في باريس في كانون الثاني 1990م دراسة في مجلة اللوموند الفرنسية حول الخليج تؤكد تسمية الخليج بالعربي. فقامت السفارة الإيرانية بالاحتجاج. وكتبت ردًّا على بيير. فرد هو أيضًا ردًّا مدعّمًا بالحجج العلمية، وقدم خارطة لوكانور التي يرجع تاريخها إلى نهاية القرن السادس عشر والتي تحمل التسمية اللاتينية سينوس أرابيكوس أي “البحر العربي”، وقال: “لقد عثرت على أكثر من وثيقة وخارطة في المكتبة الوطنية في باريس تثبت بصورة قاطعة تسمية الخليج العربي، وجميعها تعارض وجهة النظر الإيرانية”.

يسكن العرب على ضفتي الخليج سواء في القسم الغربي في عُمان والإمارات والبحرين وقطر والسعودية والكويت والعراق، ومن الشرق في يستقرون في إقليم عربستان الأحواز ولنجة.

وفي مقابل ذلك كله ترى إيران أن لها الحق في السيطرة على سائر الخليج العربي، وتعتبر سواحله الغربية أنها كانت مستعمرات تابعة لمملكة الفرس قبل الإسلام. كما أنها تعتبر “الخليج الفارسي” هي التسمية الوحيدة التي أطلقت على الخليج، وتنكر وجود أي اسم آخر.