تنين الزمان

"شاهنامة الفرس"

تختص الشاهنامة -بدءاً بـ«أردشير بابكان» وحتى نهايتها- بتاريخ الأسرة الساسانية، ورغم أن هذا الجزء يضم أساطير وقصصًا غريبة وغير ذلك، إلا أنه يَحْفُلُ أيضاً بالوعظ والنصيحة والحكمة والوصايا الأخلاقية بالطرق الفارسية، وفيها من الأساطير التي تجعل من أحداثها ما يشبه أسطورة التنين.

وتكمن أساطيرها في جوانب تمس العاطفة كالألم والمأساة، ولطول المدة الزمنية التي تعاقب على تأليفها أكثر من شاعر وأديب، تختلف طريقة الطرح وحاول من تأخر منهم كالفردوسي أن يتبع الطرق القديمة من ذكر الخوارق والشخصيات الوهمية، التي لا تتسق مع الأحداث التاريخية التي وقعت بين الفرس والعرب، وطريقة الحبكة السيئة التي تفضح مدى تحامل الفكر الفارسي ضد الدين الإسلامي الذي اعتبره الفرس ميزة للعرب تسحب من تحتهم أمجادهم الدموية وبطولاتهم الخارقة.

وتحوي أخبار ملوك بلاد فارس ومعاركهم وتاريخهم وبذخهم ورحلات صيدهم وسياساتهم، وتروي ذلك بأسلوب وبلاغة شعرية لا مثيل لها في الأدب الفارسي، تبدأ من تاريخ الشعب الإيراني منذ بدء الخليقة وحتى انهيار الإمبراطورية الفارسية في القرن السابع الميلادي على يد العرب.

تعدُّ الشاهنامة لدى الفرس بأنها الغذاء الذي تغذوا منه جيلاً بعد جيل، وتعتمد على ثقافة كراهية العرب لأنهم تربَّوا عبر الحقب الزمنية الطويلة بالتخطيط لمشروع الانتقام من ذلك العربي الذي قضى على عرش كسرى وهز عرش الفرس ومجدهم.

فكسرى بالنسبة للإيرانيين خاصة أو الفرس عامة ليس إمبراطورًا مجردًا،  ولكنه رمزٌ تاريخيٌّ عظيمٌ وكبير للمجد الفارسي والفخامة الفارسية التي ترعرعت بجانبها عقدة الاستكبار والاستعلاء عندهم وعلى العرب على وجه الخصوص .

وتظهر الغطرسة الفارسية في تصوير العربي وسلوكياته وتكوينه الصحراوي، بما لا مجال للمقارنة لعدم التكافؤ في كل الجوانب ناهيك عن أسلوب العرض المتعمد فيه إيصال رسائل بالتصريح أو التلميح لتربية فكر لأجيال قادمة ورِثَت حقدًا وضغينة لتستمر عدائيتهم وانتقامهم لعرشٍ ولَّى ورَحَل ولن يكون كما يتمنون .

ورغم كل ما تحويه الشاهنامة من ملحمات إلا أن الفردوسي قدَّم بقصد أو بغير قصد أن تاريخ الفرس ومصادر العنصرية عند الشيعة والمجوس واحدة، وأن الشعوبية متغلغلة فيهم ضد العرب ومفادها : هي حركة من يرون أن لا فضل للعرب على غيرهم ………

ذكرت وكالة مهر الإيرانية للأنباء في أبريل من عام 2005 أن وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي محمد حسين صفار هرندي قال في احتفال أقيم لدراسة أعمال الفردوسي: لقد كان موقف النظام “الإسلامي!” في إيران من الفردوسي المعادي للإسلام رغم تظاهره بالانتماء إليه، أن الإساءة للفردوسي هي مقدمة للإساءة والعدوان على إيران

وقال الوزير: إن على الشعب الإيراني التزود بحماسة الفردوسي لمواجهة الأعداء.

وأظن أنه قد بدا في رأي القارئ بعدما تقدم، مَنْ هم الأعداء في نظر ذلك النظام؟؟؟ .