" ها نحن اليوم ننتقم لطروادة "

ما هو المفهوم التاريخي الذي أعاد الأتراك الى الطرواديين ؟ والذي جعل من الدولة العثمانية جزء من تاريخ أوروبا ؟ ما الهوس الذي أصاب الأتراك في لخوض بجدل مفاده ، أن الأتراك ينحدرون من أصول الطرواديين ؟ لست من أقول ذلك ولكن هناك من ذكر ويحاول أن يجعل امتداد الأتراك الى احدى الأمم البربرية القديمة التي ظهرت في أوروبا .

في كتاب ” عن أصول الأتراك ” لـ ثيودوروس غازا ، ربط بين الأتراك وبين بعض القبائل القادمة من الشمال ، ورصد فيه صورة التركي المرعب – وقد كتب كثير من المؤرخين عن جلافة تلك الشعوب – ، ونقل صورة المسلم المتوحش للتأكيد على ذلك الانتماء .

ظهرت قضية جدلية بعد الاستيلاء على القسطنطينية – إسطنبول – ، وحاولوا ان يشيعوا ، أن الأتراك ادوا بعد مئات السنين على هيئة الأتراك المسلمين ، وتمت الإساءة لليونانيين باعتبارهم نموذج منهزم ، واستخدم الألمان والفرنسيون والايطاليون مسألة طروادة باعتبارها مرجع تاريخي سلبي . ذكر أنه عندما زار الرحالة الأسباني بيرو تافور إسطنبول عام 1437م ، وحاول مدح اليونانيين اُنتقد انتقاد ساخر لاذع ، لأن اليونانيين في إسطنبول يمثلون جماعة غير أخلاقية ، وأنهم يستحقون ما حل بهم – المقصود فتح القسطنطينية باعتباره فتح !- ، وفي المقابل يمجدون الأتراك الموجودين في الأناضول وأنهم أمة نبيلة عادوا في هيئة ” الأتراك المسلمين ” ، ويستحقون التمجيد . لأن السلطان العثماني قال مقولته عند دخوله القسطنطينية مشيراً لإعادة أمجاد الطرواديين ، وهو أمر فيما بعد شكا نوع من أنواع العلاقات الأوروبية التركية ضد اليونان – ولا ننسى أنه من ضمن المسائل التي ظهرت كقضايا ضد التاريخ العثماني ” المسألة اليونانية ” وغيرها كالكردية والأرمنية – . تبنى نشر تلك المقولة ” ها نحن اليوم ننتقم لطروادة ” ماريو فيليلفو واعتبر ان السلطان الفاتح بطل اعلن الروح الانتقامية ، وهو يعتبر من بين الأبطال التاريخيين العظام أمثال هانيبال وبيروس وكيروس وفيليب المقدوني .

ما يؤكد فخر الأوروبيين بمقولة الفاتح ، ما كتبه ماريو عام 1470 في شعره والمكون من أربعة آلاف بيت ، مشيراً الى ان الفاتح قد أخذ بثأر طروادة أخيراً من اليونانيين ، وعندما استخدم السلطان مقولته تلك عند دخوله وشعوره بالانتصار ، قد أعاد استخدام أسطورة أصول طروادة لصالحه ، وعزز ذلك في خطاب رُوي أنه ارسله الى البابا نيكولاس الخامس ، وتم نشره في أوروبا ، أن الأتراك والايطاليين ينحدرون من نفس الأصول ، وأنه لا يجد مبرر للعداوة بين الأمتين واستمرارها الا ذلك الانتصار القديم ، وتكرر على يد الفاتح . وفي خطابه يقول : ” هدفنا إعادة طروادة لمجدها السابق والأخذ بثأر هيكتور العظيم ..”.

المؤرخ البيزنطي ايمروزلو كريتو فيولس ، نقل أنه عندما مر الفاتح عام 1462 ، قبل حصار جزيرة لسبوس بطروادة ، وحدد موقعها بأنها تقع داخل حدود شناق . قال المؤرخ : ” ……..قام – الفاتح – بخطبة كان لها صدى واسع في أوروبا . مدح في خطبته الأبطال الطرواديين ، وانتقد اليونانيين والسيلانيكيين والمقدونيين والموراليين بسبب إسقاط طروادة . كان الفاتح يعتقد نفسه سيعاقب اليونانيين بسبب ظلمهم لشعوب آسيا…” .

ويشبه المؤرخ الروماني ليو نيكوس نظرة البيزنطيين الباقين على قيد الحياة بعد سقوط القسطنطينية وما حل بهم على يد الفتح الإسلامي ، على أنه انتقام بربري للقتل الجماعي الذي نفذه اليونان في طروادة قبل مئات السنين ، جاء الفاتح منتقماً لأبطال طروادة ؟؟؟!!.

الطرواديين كانت بينهم وبين اليونانيين حروب خسروا فيها الحرب ، ولكن أداء قائدهم البطولي ” هيكتور ” الأسطوري يجعل تلك الخلفية التاريخية مرتكز على انتماء الأتراك وان بطولات محمد الفاتح تعود الى تلك الجذور فخراً بعد فتح القسطنطينية .

توجد على ملابس سلاطين آل عثمان صور ونقوش للطروادتين وكذلك المنمنمات والتي تعود للقرنين 14 و 15 م ، تلك لفتات وجب لفت الانتباه لها .

ولابد من إعادة كتابة التاريخ من داخل أروقة التاريخ التركي والأوروبي المشترك

حينها سيرفع الستار عن الكثير ……