الديانة الإسماعيلية

وصل بهم الأمر في المعتقد أن يتعبروا معتنقي هذه الفرقة أصحاب دين له خصوصيته ودستوره الخاص بهم، وهم من الفرق التي تُحَبِّذ استدراج الآخرين من أجل أن يكونوا أكثرية، منتشرين في الأرض.

والباطنية فرقة من الإسماعيلية، ترجع أصولها إلى الفرس المجوس، وقد جرى الحديث عنهم في مقالات سابقة.

فالإسماعيلية إحدى الفرق الشيعية الثلاث الكبرى ومعها الإمامية، والزيدية، وقد أسبغوا على أئمتهم صفـات باطنية بحيث أصبحوا في مرتبـة لا تَمُتُّ إلى البشرية بصلة، وهم تيار قديم لا يُعرف تاريخ نشأته على وجه التحديد، حسبما ذكر باحثو علم الأديان والملل والنحل، وإنما له إطار فكري عام تنبثق من داخله عشرات الأديان والمذاهب والفلسفات والتقليعات التي ما زالت تتوالد حتى يضمن زعماؤه وأتباعه الاستمرارية، إذًا هذا دين يُمَكِّن للبشر -في زعمهم- أن يمارسوا كل ما تُمليه عليه أهواؤهم مع تغير الزمان واستحداث المكان بمتغيراته.

لهم كتب سرية تُتَدَاول بين مريديهم لتأصيل معتقدهم، ولهم منتدياتُهم التي يديرون فيها تحريك الأعمال الباطنية ضد علماء المسلمين من أهل السنة والجماعة، ومكتباتهم التي يغرقونها بمؤلفات تحمل فكرهم، والتي وصلوا بها إلى الغرب بعد أن دمجوا من المسيحية ما أرادوا لتتقبل أعمالهم الشيطانية في مد يد الشر لتلقي الدعم والمساعدة في الكتابة ضد المكتبات الإسلامية وما تحويه من مؤلفات علماء حرصوا على نقلٍ خالٍ من شوائب البشر التي تتعمد الإساءة؛ لينفر الناس من دين نشره الأوائل بحذر شديد بألَّا تُمس الأصول والثوابت من كلام الله عز وجل وسنة نبيه المصطفى عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم .

ويتبع تنفيذَ مخططاتهم مرشدون سريون يَتَخَفَّون بين الناس، وقد نبه عدد من الباحثين من خلال استصدار مؤلفات تبين ذلك وتحذر منه، ويشبههم البعض بأنهم مغول الأديان وتتار في زحفهم المدمر.

إذًا الإسماعيلية هي إحدى الفرق الباطنية التي تزعم أن للدين ظاهرًا وباطنًا: ظاهراً يظنه عامة الناس، وباطناً لا يعلمه إلا الخاصة والعلماء، وهو المراد والمطلوب من العقائد والأحكام الشرعية. وأما عن تأثر الباطنية بالمسيحية، فأشار إليه النـوبختي (تـ310هـ) في كتابه فرق الشيعة، حيث رأى وجود أصول مسيحية في العقيدة الإسماعيلية الباطنية بقوله: “وزعموا أن محمد بن إسماعيل هو خاتم”. وسنتناول هنا موقف (صلاح الدين) من الحركة الباطنية، والتي تمثلت رؤوسها بالحركة الإسماعيلية، وما نتج عنها من تأسيس الدولة الفاطمية في شمال إفريقيا ومصر (297 هـ فنشأت أفكار الصدور والحلول، حيث نجد آثار هذا الغزو والتأثر في رسائل إخوان الصفا، التي تشكل أفكار مجموعة من الفرقة الإسماعيلية الباطنية التي عمدت إلى عرض الأفلاطونية الجديدة بتعبيرات. ولكن ما هو موقف البطل صلاح الدين من ظهورهم في عهد دولته وتكاثرهم؟

نقمت طائفة الشيعة الإسماعيلية (الحشاشون) على صلاح الدين الأيوبي؛ لأنه أسقط خلافتهم العُبَيْدِيَّة الفاطمية، وتقدم إلى بلاد الشام لتوحيدها، وضمها إلى مصر مما يشكل تهديدًا لهم، فتعاونوا مع كل من الصليبيين والزنكيين للقضاء عليه.

وفي عام 570هـ/1174م توجه الملك الصالح إسماعيل إلى قائد الإسماعيلية رشيد الدين، يطلب مساعدته وبذل له أموالا كثيرة، وعددًا من القرى، ثمنًا لقتل صلاح الدين الأيوبي، والواضح أن مصلحةً مشتركةً قد جمعت الطرفين، وهي العداء للقائد صلاح الدين، وأرسل قائد الإسماعيلية مجموعة من أتباعه الفدائيين إلى معسكر صلاح الدين الأيوبي لاغتياله ولكن حراس صلاح الدين كشفوا أمرهم واشتبكوا معهم أمام خيمته وقتلوهم جميعًا.. وتلك المحاولة الأولى لاغتياله.

لم يتوقف قائد الطائفة الإسماعيلية عن محاولات اغتيال صلاح الدين رغم فشل المحاولة الأولى، فأرسل في ذي القعدة عام 571هـ الموافق مايو 1176م مجموعة من أتباعه يتنكرون في زي الجنود المسلمين، فدخلوا المعسكر الأيوبي أثناء حصار قلعة عزاز، وباشروا الحرب مع جند صلاح الدين واختلطوا بهم لِيَتَحَيَّنُوا الفرصة لقتل القائد صلاح الدين بينما كان الجند مشغولين بحصار القلعة..

وعندما مرّ صلاح الدين على جنوده لتشجيعهم على مواصلة القتال، هجم عليه أحد الإسماعيلية وضربه بسكينة على رأسه ضربة قاتلة، ولكن الله أنجاه منها وصدتها الخوذة الحديدية التي كان يلبسها، وتنبه الجند إلى وجود متسللين بين صفوفهم فهرعوا إلى قائدهم والتَفُّوا حوله وفشلت هذه المحاولة أيضًا، وقُتِل أربعةٌ من أتباع الطائفة الإسماعيلية بعد انكشاف أمرهم..

وتلك المحاولة الثانية لاغتياله  ….

نجح صلاح الدين الأيوبي في اقتحام قلعة عزاز الحصينة، وذلك ضمن خطته لإقامة وحدة إسلامية، وقد سقطت القلعة بعد حصار دام ثمانية وثلاثين يومًا، وقد صعد صلاح الدين إلى القلعة بعد التسليم، وكانت أهميتها تكمن في كونها قاعدة لتجمع الجيوش المتحالفة من جنود حلب وصليبيي أنطاكية وفلول الإسماعيلية المندسين.

والمحاولات تتكرر في مختلف الأزمنة لإزالة كل من يحاول أن يعيدهم إلى طريق الصواب ….