مدحت باشا الماسوني

وحلم تأسيس دولة علمانية تركية قبل الاتاتورك :

ولد مدحت باشا في أكتوبر 1822م في اسطنبول ، سياسي عثماني ذو توجه موالي للغرب ، انضم  في شبابه إلى المحافل الماسونية السرية التي أسسها اليهود في الدولة العثمانية ، ومكَّنه هذا الانضمام من أن يلتحق بالسلك السياسي وزيارة العواصم الكبرى في أوروبا .

عمل في ديوان في الباب العالي ، ووصل مدحت باشا إلى اعلى المراتب منها باشوية سوريا والعراق ومنصب اصدر الاعظم – رئاسة الوزراء –  الذي يعتبر أكبر الرتب في السلطنة العثمانية. فتم تعيينه صدرا اعظم عام 1872م.

ووسط  الأزمات الاقتصادية للدولة العثمانية و الهزائم العسكرية امام روسيا ، استطاع مدحت باشا بشكل وآخر من عزل السلطان عبد العزيز، ثم تم قتله عام 1876 م وانتشر أن مدحت باشا هو البطل العظيم حامل لواء الاصلاح والحرية في الدولة العثمانية  ، و تبنى مدحت باشا فكرة الإصلاح على الطريقة الأوروبية ولقب بـ “أبي الدستور” و”أبي الأحرار” حيث سعى إلى إعلان القانون الأساسي وظهور البرلمان العثماني عام 1876م.

وكان مدحت باشا  يرى ان التخلص من الدولة العثمانية لا يتم باعلان القانون الاساسي الموجود في انكلترا   كما كان يحلم ان يؤسس جمهورية تركية يكون هو اول رئيس لها .

وفي عهد السلطان عبد الحميد تمكن الصدر الاعظم مدحت باشا من وضع مشروع الدستور الذي استوحى من الدستور البلجيكي تحت اسم قانون أساسي  فأصبح الدستور البلجيكي المعدل دستورًا للدولة الإسلامية العثمانية.

لقد نص على  الاعتراف بالحرية الشخصية واعتبار الاسلام دين الدولة بعد أن كان الاسلام هو دستور الدولة فأصبح يراعى في الأعياد والمناسبات وما شابهها ، لكن السلطان عبد الحميد رفض تطبيق ذلك الدستور لانه يتعارض مع الاسلام ، وأخذ بدهاء  يبطش بمن يدعو للاعتماد على دول الغرب أو يطالب بترك الاسلام كما أخذ بتدعيم مركز الخلافة وتقوية الجامعة الاسلامية.

لذلك تمت محاكمة مدحت باشا بأمر من السلطان عبد الحميد الثاني بتهمة الضلوع في اغتيال عمه السلطان عبد العزيز وحكم عليه بالإعدام إلا إن الحكم خفف إلى المؤبد ونفي إلى الطائف حيث مات فيها مخنوقا في ظروف غامضة عام 1884م.

وذلك يعني ان سبب اصدار قرار الإعدام وتعديله للنفي ، لم يكن بسبب تغيير الدستور الى قوانين أوروبية بدلاً عن الإسلامية !!!؟؟؟

ماهي تلك الظروف الغامضة التي يُحجم بعض المؤرخين الإفصاح عنها ؟

خلاصة القول :

قَبِل مدحت التعديل في الدستور والإصلاحات ، رغبة في سرعة العمل ، ولأن التعديل المشار إليه يتعلق بالولايات، ولم يخطر بباله أنه سيجري عليه هو نفسه ، لأنه كان قد احتاط لهذا الأمر بالمواد ٣١ و٣٢ و٣٣ وفحواها أن الوكلاء أو الوزراء لا يُعزلون إلا بعد المحاكمة بالمجالس، وتساهله فيها كانت علة وسبب نفيه.

لقد كان السلاطين يقربون الخونة ، ومن ثم يتخلصون منهم ، مثلما فعل السلطان سليم بعد اجتياح مصر والشام ، تعيين خاير بك على مصر ، وكانت نهايته محتومة بغض النظر عن أفعاله .

السؤال فلماذا التقريب والاستفادة السياسية منهم وغير ذلك ثم التخلص ؟

ويبقى التخلص من الخونة في نظر السلاطين أسلوب للسيطرة وبث الرعب  والمحافظة على هيبتهم ، ومع كل ذلك لم يسلم عدد من السلاطين والأمراء وخاصتهم من القتل والايداع في السجون والنفي.