الدولة العثمانية
الثقافة والسلطة
تاريخ الدولة نجده في أحيان يتأرجح بين التاريخ والأساطير كابن عربي الذي تم توضيح بعض من المفارقات في شخصيته – بمقال سابق – وتعامل السلاطين معه لدرجة القدسية وبناء الضريح ليصبح مزاراً وما يتبع ذلك .
إذا ما توجهنا الى علماء الاجتماع وما وثقوه من دراسات تخص شخصيات سلاطين آل عثمان ومدى خلقهم لمراكز سلطة قوية منفصلة عن المجتمع الخاص والمجتمعات بشكل عام نجد أنهم كتبوا خلاصات تحكي الواقع التاريخي لما بذروه ورعوه ثم حصده من جاء بعدهم بأضرار لا حصر لها .
لقد أدخلت جملة التحولات التي أصابت تأسيس السلطة في الدولة الى نتاج مجتمع يواجه صعوبات وتراكمات لأن السلطة حافظت على مكتسباتها دون مراعاة لغيرها كدولة لها رعيتها .
وعلى ما واجهته الدولة من علاقات خارجية ، وكان للحاشية سلطان في صياغة السياسات وضرب بيد من حديد كسلطان محمد علي باشا وجيوش المرتزقة معه ، ثم يقال بأنه جيش مصري قدم منها ، صوب بلاد وحروب ، وكأن سلاطين الدولة في أبراج يعيشون خيال الأساطير والدراويش.
كتب كثير من مؤرخي الأتراك ومن الفرس وكذلك العرب وغيرهم من غربيين ما مفاده أن السلطان الذي كان لقبه ” الفاتح ” استن سنن ووافق على قرارات أتت على هدم كيانات وحقوق من أجل السلطة وأساطير القوة الخارقة لسلاطينها ومن ذلك ، تذكر المصادر أن الفاتح بعد العمل على إضعاف أي سلطة في الدولة لتصبح سلطته هيا العليا أنه لجأ الى سياسة مصادرة الأوقاف والأراضي الملك ووضعها في تصرف الدولة ، وبذلك جعل من تقليل التنظيمات المالية للخدمات ومنهم الدراويش ، وجلب الرفض والتذمر، مما الى أدى الى ما بعد وفاته واعتلاء بايزيد والذ لقبه ( الولي ) يلاحظ الألقاب ومنح الأسماء التي يعملون بها من آراء ابن عربي وانها تحل في شخصياتهم ، المهم أن بايزيد تخلى عن سياسة المصادرة في عام 1481م .
وكان تعيين بايزيد على حساب ابنه ( جيم ) – يلاحظ أسماء غريبة تستمر بينهم لكن عند اعتلاء السلطة يكون الأمر مختلف والأسماء عربية بحتة – ، وكان ممن ادخل قانون قتل الأخوة واعتمده آل عثمان في سياسة حكمهم وتسلطهم ، مما خدم في رأيهم تغليب المصلحة السياسية العليا للدولة وان السلطان ينزل منزلة يصل بها الى تقديس اعماله التي يرون بأنها خارقة ، وهي في واقعها اختلالات تكوينية وتفكيك كيان ، وتعرض اللحمة الأسرية الى تربص ومكائد ، وأخضع الدولة الى تقنيين قاس بغية تأمين مستلزمات لاستمرارية السلطة وهرميتها في آن واحد .
لقد أدى ذلك القانون وصناعة قدسية محددة للسلطان وآلية الحكم ، سجن الكثير من الأقارب كالأخوة والأعمام وغيرهم ، واستبعادهم لأنهم نظر اليهم بأنهم لا خطورة منهم على السلطة بعد قتل الأخوة ووصل الحد الى الأبناء كذلك .
لقد أوجب ذلك القانون الذي حقق لنفسيات أغلب سلاطين آل عثمان الى الزامية انتقال العرش حين خلوه إلى أكبر الاحياء من الذكور من الأسرة العثمانية . وترتب على ذلك وخلال اكثر من قرن من الزمان الى اعلاء الأخوة والأعمام وأولاد العم منصب السلطان وهم في غالبيتهم من سجناء الأقفاص ، فظهر المختل عقلياً على حد زعمهم ، وظهر الضعيف المهزوز ، وصغار السن اللذين يحتاجون الى إقامة وصي ، ودخلت وتدخلت الأمهات والربيبات ، ورجال من السلطة عملوا لأهواء خاصة . وبالتالي تبوأ مركز السلطان أفراد يفتقدون أبسط شروط تولي السلطنة ، لإبعادهم عن السلطة وشؤنها ، وانقاعهم وعزلتهم عن المجتمع الذي يحكمون .
أين الشخصيات وأسطورية الحكم والخوارق ذهبت….
كتابات امتلأت بها بعض من كتبوا ومجدوا لتلك القصص الخارجة عن التفكير للعقل السليم .