العثمانيون..
خلافةٌ بثياب المغول!!
كان تأثير استيلاء سليم الأول ومن بعده على منصب الخليفة عميقًا، فقد مكنهم من حكم الحرمين الشريفين أقدس مقدسات المسلمين لأول مرة، وليْطلِوُّا على العالم من منبرين لهما تأُثير هائل، أحدهما يجاور الكعبة، وآخر يجاور القبر النبوي الشريف، ومن خلالهما بقي منصب “الخلافة” المسروقة بأيديهم حتى أسقطهم الفرسان العرب العام 1918م.
كان منصب الخلافة المزعومة موجها فقط للعالم العربي الذي وقع تحت الاحتلال العثماني لما يقارب الأربعة قرون، لكنه لم ينعكس على الإرث الحضاري في الإقليم العربي، لا في تعليمه ولا بنيته الاجتماعية ولا العمرانية ولا التنموية، فالأمويون عندما حكموا الشام تحت مظلة الخلافة آثروا الشام والحجاز ومصر، وكذلك العباسيون الذين أناروا بغداد وحولوها إلى عاصمة العالم حينها.
العثمانيون الجدد الذين نشأوا في تركيا الحديثة بعد العام (1924م) على إثر الانتكاسات المتتالية التي وجهتها السلطنة، فهموا أن إعادة “الخلافة السلطانية” التي أنشأها سليم الأول ورسَّخها عبد الحميد الأول من بعده، هي المفتاح الاقتصادي لثراء تركيا وترسيخها باعتبارها قوة في الإقليم، ولذلك هي في نهاية الأمر ليست سوى مشروع سياسي يحقق لتركيا أحلامها، فبعد تركيا دول المحور مع الألمان والإيطاليين، وبعد تركيا الاتحاد والترقي -ومن ثم تركيا الاتحاد الأوروبي- جاء دور “تركيا الخلافة” كلها مجرد أدوات سياسية للوصول إلى السيطرة والهيمنة.