الصفويون تحالفوا
مع جميع دول الاستعمار الأوروبي في العالم العربي
على الرغم من محاولات الشاه إسماعيل مؤسس الدولة الصفوية صَبْغَ مشروعه بصبغة مذهبية على النسق الصفوي في إيران، إلا أن مشروعه الحقيقي سياسي بالأساس، ولا نبالغ إذا قلنا: إن مشروعًا استعماريًّا صفويًّا استهدف منذ البداية السيطرة على الجناح الشرقي من المنطقة العربية، وبصفة خاصة العراق وسواحل الخليج العربي، وللتأكيد على ذلك علينا أن نتذكر ما قاله أحد الساسة الفرس عن العراق: “واأسفاه على وقوع تلك البلاد الجميلة بين أيدي ذلك الشعب- العراقي-!! لو كانت لنا، والله سيمنحنا إياها، فيا لها من بلد ستصير فردوسًا”.
لم يكن غريبًا أن تتلاقى النزعة الاستعمارية الصفوية مع الأطماع الأوروبية الصليبية الاستعمارية التي أصبحت تشكِّل خطرًا كبيرًا ليس فقط على المنطقة العربية، بل والعالم الإسلامي بأكمله.
تبدأ أولى صفحات التحالف الاستعماري الصفوي مع قوى الاستعمار الصليبي الأوروبي على يد الشاه إسماعيل الصفوي مؤسس الدولة ومع الاستعمار البرتغالي، ولكي ندرك مدى شناعة هذا التحالف المشين وتأثيره السيئ على العالم العربي والإسلامي، علينا أن نتذكر ما فعله الاستعمار البرتغالي -في الوقت نفسه تقريبًا- في منطقة المغرب العربي؛ إذ لم تكتفِ البرتغال بما فعلته هي وإسبانيا بالمسلمين في الأندلس من إنهاء حُكمهم، ومحاكم التفتيش، والمذابح ضد مَن بقي من المسلمين في الأندلس، إنما بدأت البرتغال، وتبعتها إسبانيا، في محاولة غزو المغرب العربي من أجل السيطرة عليه، وكانت أولى الحملات الاستعمارية على المغرب العربي هي حملة برتغالية استطاعت أن تستولي على ميناء سبتة المغربي المُطِلّ على البحر المتوسط، ومنذ ذلك الوقت لم تَعُد سبتة إلى حضن الوطن المغربي؛ إذ ورثت إسبانيا بعد ذلك سبتة عندما خضع التاج البرتغالي لإسبانيا.
حاول الفرس التلاعب بقوى الاستعمار لتحقيق مكاسب خاصة بهم في الخليج العربي وفشلوا.
ويَصِف المؤرخ المصري شوقي الجمل هذه الحملات البرتغالية الإسبانية على المغرب العربي بأنها “لم تكن هذه الحروب أقل ضراوةً مما دار من حروب في الشرق بين المسلمين وبين الذين جاءوا متخفِّين وراء صليب المسيح من الأوروبيين، وهكذا يمكن أن نقول: إن موجة الحروب الصليبية التي هدأت وطأتها في الشرق بدأت من جديد في المغرب، ولعل المُشاهد يدهش لانتقال سير هذه الحروب من الشام إلى مصر ثم إلى تونس ثم الجزائر والمغرب الأقصى”.
وفي المشرق العربي عُقِد التحالف الاستعماري الصفوي والبرتغالي لالتهام منطقة الخليج العربي؛ إذ التفَّ البرتغاليون حول أفريقيا للوصول إلى المياه العربية والإسلامية للسيطرة عليها. وعمد الشاه إسماعيل الصفوي إلى عقد صفقة مُرِيبة مع البرتغاليين تسمح للأخيرين بالسيطرة على جزيرة هرمز التي تتحكم في المضيق، وبالتالي على حركة الملاحة في الخليج العربي.
وكان الهدف الحقيقي من وراء هذه الصفقة أن توافق البرتغال على سيطرة إيران على مناطق من الجزيرة العربية، المُطِلة على الخليج العربي، لكن البرتغاليين بعد سيطرتهم على هرمز رفضوا السماح للصفويين بالوصول إلى الجزيرة العربية؛ لوجود أطماع برتغالية مشابهة للأطماع الصفوية، ويوضح عبد العزيز نوار مدى التأثير السيئ لهذا التحالف الصفوي البرتغالي على تاريخ الخليج العربي لعدة عقود قائلًا: “كانت النتيجة أن ساعدت سياسة الشاه هذه على تقوية التسلط البرتغالي على الخليج العربي”.
أما عصر الشاه عباس الكبير فهو ذروة براجماتية المشروع الصفوي الاستعماري في تحالفه مع المشاريع الاستعمارية الأوروبية، وفتح الباب لهم للسيطرة على مقدرات العالم العربي والإسلامي، ويتَّضح ذلك من خلال السفارات المتبادلة بين البلاط الصفوي وحكام أوروبا، وفي الحقيقة أراد الشاه عباس من خلال هذا الأمر الاستعانة بملوك، ففتح الباب على مصراعيه للأطماع الاستعمارية الأوروبية في المنطقة، ومن أهم نماذج هذا التحالف الأثيم في هذا الشأن السفارات والرسائل المتبادلة بين البلاط الصفوي والبلاط الإسباني، بينما كانت إسبانيا تعمل على احتلال تونس والجزائر وطرابلس في المغرب العربي.
وعندما اصطدمت المصالح الصفوية مع المصالح البرتغالية في منطقة الخليج العربي، لم يستنكف الشاه عباس الصفوي التحالفَ مع إنجلترا لمواجهة النفوذ البرتغالي في المنطقة، وبالفعل نجح التحالف البريطاني- الصفوي في كسر الوجود البرتغالي في المنطقة، لكنه من ناحية أخرى فتح الباب على مصراعيه لتصاعد النفوذ البريطاني في المنطقة لعدة قرون.
ولم يكتفِ الشاه عباس الصفوي باللعب بمقدرات المنطقة باستعانته بإنجلترا، بل استمر في هذه السياسة البراجماتية، فمع وقوع اضطرابات وصراعات داخلية في إنجلترا لجأ إلى الاستعانة بحليف جديد بدلًا عن إنجلترا التي انشغلت بعض الشيء في شأنها، وكانت هولندا هي الحليف الجديد للشاه، واستفحل النفوذ البحري والتجاري الهولندي في منطقة الخليج العربي والمياه العربية الإسلامية بشكلٍ عام، لكن سرعان ما هدأت الاضطرابات الداخلية في إنجلترا، وعاد النفوذ الإنجليزي من جديد إلى المنطقة، ليستمر حتى منتصف القرن العشرين.
فتح المشروع السياسي البراجماتي الصفوي الباب على مصراعيه لدخول القوى الأوروبية الاستعمارية إلى المنطقة، ويعترف بذلك المتخصص في الدراسات الفارسية في العالم العربي بديع جمعة قائلًا: “لا شك أن اهتمام الشركات الاحتكارية الأوروبية بمنطقة الخليج العربي جلب الكثير من الكوارث على المنطقة، حيث فتح الشاه عباس الكبير الباب لهذه الشركات في الوجود في الخليج العربي، ومن بعده لم يوجد في إيران ولا في البلاد العربية المُطِلَّة على الخليج العربي الشخصية السياسية التي توقف هذه الشركات عند حد التعامل التجاري، فانقلب وجودها إلى استعمار أوروبي سيطر على معظم البلاد المُطِلَّة على الخليج من جهتيه”.
هكذا ومن خلال التحالفات التي عقدها الصفويون مع الدول الاستعمارية الأوروبية وجدت هذه الدول موطئ قدَم لها في المنطقة، وتم احتلال بلاد المسلمين.
- بديع جمعة، أحمد الخولي، تاريخ الصفويين وحضارتهم (القاهرة: د.ن، د.ت).
- شوقي الجمل، المغرب العربي الكبير من الفتح الإسلامي إلى الوقت الحاضر (القاهرة: مكتبة الأنجلو المصرية، 1977).
- عبد العزيز نوار، داود باشا والي بغداد (القاهرة: دار الكتاب العربي، 1968).
- عبد العزيز نوار، تاريخ الشعوب الإسلامية في العصر الحديث (القاهرة: دار الفكر العربي، 1998).
العلاقات الصفوية البرتغالية
تقاسموا النفوذ في العالم العربي وعملوا على مشروع حربي مشترك
منذ مطلع القرن السادس عشر الميلادي بدأ المشهد السياسي في العالم الإسلامي بالتغير بصورة متسارعة، فكان لظهور الدولة الصفوية في إيران وإزاحتها لدولة آق قوينلو عن المشهد السياسي، واحتلالها بغداد (1508)، وإطاحتها بسلطة المشعشعين العربية في الأحواز مؤشرًا لذلك التغير، إضافةً إلى بروز البرتغاليين في المنطقة كقوة استعمارية متعصبة ضد المسلمين، وأصبحت قوة فاعلة ومؤثرة في المحيط الهندي.
استطاع البرتغاليون خلال فترة وجيزة من غزوهم للمنطقة الوصول إلى ثروات الهند، معتمدين على ما كانوا يحملونه معهم من مرسوم بابوي منحهم شرق العالم القديم، وكانت سيطرتهم على البحار على حساب البنادقة والعرب، فعمدوا على إنشاء المراكز التجارية على سواحل شرق أفريقيا، وبدأوا يهاجمون المنشآت العربية في المحيط الهندي، مستخدمين أبشع الأساليب الوحشية في التعامل معها من خلال إحراق السفن وإغراقها، وتدمير المدن والمراكز الإسلامية وطرد التجار منها.
استمر البرتغاليون في غزوهم حتى وصلوا بحر العرب وبحر عمان والخليج العربي، فنشروا الرعب من عدن مرورًا بالمرافئ العمانية كرأس الحد وقلهات ومسقط وصحار وخورفكان ورأس الخيمة، وصولًا إلى جزر الخليج العربي كهرمز وقسم حتى البحرين.
وأمام تلك الأحداث والتطورات على الساحة السياسية حرص الصفويون بزعامة الشاه إسماعيل على التحالف مع البرتغاليين، وبناء علاقة يسودها التودد، وقد ظهر ذلك التعاون بوضوح في أكثر من موقف؛ حيث كان الأسطول الفارسي يقوم بدعم وتعاون لوجستي خلال مهاجمة جزيرة هرمز حتى استكمال احتلالها من قِبَل البرتغاليين، بل لم يكتفِ بذلك حين أقرَّ الشاه استيلاءهم على الجزيرة، في مقابل طلب الشاه مساعدة البرتغاليين العسكرية ضد ملك مكران البلوشي، وعلى أن يكون ميناؤها جوادر يخضع للبرتغاليين، كما سمح البرتغاليون للفرس بفتح مركز تجاري لهم في الهند بمدينة “غوا” فقط، وألَّا تصادر تلك البضائع الفارسية.
وقد أظهرت رسالة “ألبوكيرك” للشاه مدى التحالف بينهما حين قال له: “لقد علمت أن السلطان عدو لكم، وأنه يشن حربًا ضدكم، فإذا رغبتم جلالتكم بمساعدتنا فسوف أُنفِّذ لكم هذا الطلب وأقهر خصمكم أينما كان ومتى ما كان، فإن أردتم مهاجمة السلطان بَرًّا، فإنني أستطيع أن أساعدكم بحرًا، وتأكد أنه سوف يمكن الاستيلاء على القاهرة والقطر كله بجهود قليلة، فإن وافقتم جلالتكم على الدخول في حلف معي، ووافقتم على حشد جيوشكم وسَوْقها لاحتلال القاهرة، فإن جلالة ملك البرتغال سوف يسوق كل قِطْعاته ويحشدها لتحرير القدس والأراضي المجاورة لها، لذلك أرجو من جلالتكم إخباري عن المكان الذي ترغبون فيه أن يحتشد الأسطول البرتغالي لتنفيذ الخطة”، كما استعان الشاه الصفوي بالبرتغاليين كي تصاحبه قوة بحرية برتغالية في حملته على البحرين والقطيف، إلى جانب تعهُّدهم بمساندتهم.
تضمَّن مشروع التحالف البرتغالي الصفوي تقسيم المشرق العربي إلى مناطق نفوذ بينهما، حيث اقترح أن يحتلَّ الصفويون مصرَ، والبرتغاليون فلسطين، لقد أثَّر ذلك التحالف كبيرًا على المنطقة العربية بأسرها، حيث فُقدت أهم الطرق البحرية في المحيط الهندي والبحر الأبيض المتوسط، مما أثَّر على سير عمليات الملاحة العربية التجارية، بل وعلى إنهائها بشكل كبير، إلى جانب افتقادها المركز التجاري الذي اشتهرت به لقرون طويلة خلت، فأصبح المستعمر البرتغالي المدعوم بحلف الشر من حكومة الدولة الصفوية سيد الموقف، وتأثرت بذلك التجارة العربية في موانئ البحر الأحمر والخليج العربي مما أضعف الحكومات والممالك القائمة فيها آنذاك.
ضربوا التجارة العربية وطوقوا الموانئ الحيوية، واحتلوا أهم المواقع.
- جلال يحيى، التاريخ الأوروبي الحديث والمعاصر.. سيطرة أوروبا على العالم (الإسكندرية: المكتب الجامعي الحديث، 1990).
- فالح حنظل، العرب والبرتغال في التاريخ (أبو ظبي: منشورات المجمع الثقافي، 1997).
- عبد اللطيف الحميدان، تاريخ البصرة والحساء والقطيف 1505-1552م (الرياض: دارة الملك عبد العزيز، 2020).
التحالف الفارسي الأوروبي الكلاسيكي
يُفسِّر سر التمادي الإيراني المعاصر
أصرَّ ملوك فارس منذ انسلاخهم عن العقيدة الإسلامية بعد تأسيس الدولة الصفوية على تبني التطرف، وتطويع وتوجيه العواطف الدينية بما يخدم الأهداف العِرقية للفرس، وفي هذه السياسة الصفوية مخادعة واضحة للمسلمين، حيث ينطبق عليهم مقولة الرئيس الأميركي أبراهام لينكولن: “يمكن أن تخدع كل الناس بعض الوقت، وبعض الناس كل الوقت، لكنك لن تستطيع خداع كل الناس كل الوقت”.
مثَّلَت الدولة الصفوية خنجرًا خبيثًا في خاصرة الإسلام، حيث “عملت على هدم الإسلام عقيدة ودولة، وكانت عائقًا في تحقيق وحدة المسلمين وقوتهم”، واجتهدت في الكيد بالناس ودينهم، مقابل تقوية علاقتها مع الدول المسيحية، والبحث عن تحالفات قوية لاستهداف المنطقة العربية، والانتقام لسقوط الإمبراطورية الساسانية الوثنية على أيدي سيوف المسلمين العرب.
دفع الحقد الصفوي حكام فارس إلى الاجتهاد في محاربة المشرق العربي، وهو ما أدى إلى الصدام السياسي الذي أحدث شرخًا وجرحًا أدى إلى “الانقسام والتحارب انطلاقًا من الاختلاف حول المذهب، والثاني الذي لا يقل أهميةً تمثَّل في أن الاحتراب أضعفَ الطرفين ويسَّر للاستعمار الغربي سبل السيطرة على كثير من الدول الإسلامية والتدخل في شؤونها، وساهم في إيجاد العديد من المشكلات التي لا يزال بعضها قائمًا حتى الوقت الراهن، فيما صار يُعرف لاحقًا بمشكلات الشرق الأوسط”.
ولقد كانت معركة جالديران منعطفًا حاسمًا في توجُّه الفرس نحو تقوية تحالفهم مع الغرب الصليبي حين تحاربوا مع العثمانيين، الذين كانوا يهدفون للأمر نفسه في السعي للسيطرة واستعمار العالم العربي، والتي انتهت بهزيمة الصفويين وعجَّلت بهلاك الشاه إسماعيل الصفوي عن عمرٍ لا يتجاوز 38 سنة، ولعل هذه الهزيمة العسكرية كانت وراء اقتناع الفرس بضرورة الاستنجاد بحليفهم المسيحي ضد العدو؛ الدولة العثمانية، التي تقاسَمَها المشروع نفسه في النفوذ والسيطرة، كذلك العدو الأزلي ممثلًا في العرب المسلمين.
الصفويون لم يكتفوا بفتح جبهات المواجهة العسكرية فقط، بل اجتهدوا في تطويع النص الديني لضرب رموز الأمة الإسلامية ورُكنهم الركين، وذلك بالموازاة مع تلميع المسيحية وتقديمها كديانة مسالمة ومهادنة، والتمهيد الشرعي لتحالفات عسكرية مرتقَبة ضد العالم العربي، إن الاطلاع على أمهات الكتب الدينية الصفوية التي حادت عن صفاء العقيدة، ونَحَتْ في اتجاه تقديس التوجه السياسي- العرقي للفرس، يقطع بأن “شيطنة” رموز الإسلام تحوَّل إلى عقيدة دينية يتعبَّد بها كلُّ مَن وقع ضحية “البروباغندا” الصفوية، ولعل مجرد إطلالة على ما كتبه الكُليني في “الكافي”، والطوسي في “الاستبصار”، وابن بابيوه القمِّي في “مَن لا يحضره الفقيه”، يقع عنده اليقين بأن هذه السموم الفكرية والمخلفات الإرهابية ما هي إلا تصريف لعقيدة الحقد والكراهية ضد العرب المسلمين؛ لأن ضرب العقيدة ينطلق من استهداف الرجال الذين حملوا أمانة تبليغ رسالة الرسول الكريم، والذين شهد لهم المولى عز وجل بالوفاء والصدق والاستقامة، وبأنهم ممن بايعوا الله وأخلصوا البيعة وأدوا الأمانة واستحقوا البشرى بالجنة.
الصفويون كانوا سبَّاقين إلى تغيير وجهة السيرورة الإسلامية، وكانوا أول عِرق يدَّعي الانتساب إلى الإسلام، وفي الوقت نفسه يجتهدون في ضربه بالبدع الخبيثة التي لم يسبقهم إليها أحد من العالمين، وبذلك سارت الدولة الصفوي “في توجهاتها، في اتجاه معاكس لمسيرة تاريخ الأمة، ويأتي ذلك بسبب قيامها على أسس منحرفة … كما أن جل جهودها العسكرية وعلاقاتها السياسية موجَّهة لضرب الأمة من داخلها”.
ورغم التقية السياسية التي مارسها الفرس في فترات ضعفهم، وتخلِّي “الشاه عباس عن علويته المتطرفة في رسائل للعثمانيين”.. حين “بدأ يستهلُّها بالسلام على الخلفاء الراشدين الأربعة”، إلا أن حقيقة المعتقد الفاسد تقطع بأن الصفويين كانوا يجتهدون في تأليب الرأي العام على رموز المسلمين من أجل شرعنة عدائهم للعثمانيين أولًا، ثم الاستعداد للانقضاض على مركز الأمة الإسلامية ممثلًا في الحرمين الشريفين.
قاد الصفويون حربًا سياسية وفكرية ودينية ضد المسلمين العرب.
إن واقع العلاقات الدولية اليوم يؤكد أن إيران الصفوية أظهرت مرونة كبيرة في ربط تحالفات كلاسيكية مع الغرب، وذلك رغم ادِّعاء العداء لأمريكا، ورفع شعارات الهلاك والموت لإسرائيل، ولعل ما يقع في المنطقة العربية من تمكين لإيران في سوريا والعراق واليمن ولبنان بمباركة غربية، يقطع بأن الملالي كانوا دائمًا في قلب المشروع الغربي في المنطقة.
ويمكن القول، إجمالًا، بأن الحذر العربي من الخطر الإيراني، وإن كان حاليًّا حقيقة واقعة، إلا أن مَن يحرك خيوط اللعبة في الغرف المظلمة ومن وراء جُدُر هي قوى لا تختلف في عدائها وكيدها للأمة العربية والإسلامية عن إيران مهما حاولت تجميل أهدافها الخبيثة بمساحيق الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، وبالتالي فإن خصم العرب والمسلمين ليس -ولم يكن يومًا- إيران وحدها.
- باسم حمزة، “سياسة إيران العسكرية والمذهبية والداخلية وأثرها على السياسة الخارجية في عهد الشاه إسماعيل الصفوي 1501-1524″، مجلة الدراسات الإيرانية، جامعة البصرة، ع 10-11 (2009).
- فهمي هويدي، “التاريخ والدين في العلاقة بين العرب وإيران”، دراسة نُشرت على موقع المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات (2011).
- محمد سهيل طقوش، تاريخ الدولة الصفوية في إيران (بيروت: دار النفائس، 2009).
- هيثم الكسواني، الدولة الصفوية وأثرها على العالم الإسلامي، ط2 (سلسلة كتاب منارات، 2008).