الاختراق الفارسي لليمن الطريق إلى مكة يبدأ من صنعاء!!
لطالما كانت مكة المكرمة هي الجائزة الكبرى التي يطمح إليها الإيرانيون الفرس، وطوال تاريخهم المليء بالمؤامرات والأحقاد لم تقف أطماعهم داخل حدودهم الجغرافية، بل كانت الجزيرة العربية هي الضفة الأخرى التي حلم الإيرانيون بالعبور من خلالها إلى العالم، لم تكن مكة في نظرهم سوى رمز للتفوق العربي، والسيادة العربية، والانتصار العربي، ذلك التفوق الذي أذاق الفرس مرارة الهزيمة في معارك كثيرة، والذين حلموا باقتلاعه وتدميره.
التاريخ لا يكذب، والقصص لا تُمحَى، هكذا هي الحياة، فمنذ اتفاق الشاه إسماعيل الصفوي مع البرتغاليين 1514م على احتلال مدينة جدة، والانطلاق منها لتدمير مكة المكرمة والأماكن المقدسة الأخرى، وإلى اليوم وهاجس احتلال مكة أو تدميرها سياسة إيرانية مستمرة، هل نتذكر الأحداث الدامية التي ارتكبها الإيرانيون في موسم حج 1987 م، في ذلك العام تحوَّل الإيرانيون إلى ماكينة للقتل والترويع، في محاولة لاحتلال الحرم الشريف واختطافه، وربما تدمير الكعبة كما فعل القرامطة من قبل، كلها تهدف في نهاية الأمر إلى اقتلاع مكة المكرمة من ذاكرة العرب؛ إما بالسيطرة عليها وتحويلها لمعبد فارسي، أو إنهاء وجوده، وبالتالي إنهاء وجود العرب.
أضف إلى ذلك تفجيرات المعيصم قرب مشعر منى، وما نتج عنها من قتلى وجرحى من حجاج أبرياء أسلموا أنفسهم لله، لكنهم لم يَسلَموا من جرائم إيران العابرة، كلها حوادث تؤكد نوايا إجرامية مُمنهَجة وموجَّهة إلى أقدس أقداس المسلمين “مكة المكرمة”.
آمنت طهران بأن الطريق إلى مكة يبدأ من صنعاء، ولذلك سخَّرت طاقاتها وأموالها وكل ما تمتلكه من أجل هذا الهدف، هذا ليس حديثًا جديدًا، بل مستمر منذ وصول الجيوش الفارسية إلى اليمن قبل الإسلام عام 516 م، ولذلك فإن التخطيط الإستراتيجي الإيراني يبدأ من صنعاء لتطويق الجزيرة العربية من خاصرتها الجنوبية، وخَنْقها ثم اغتيالها للأبد.
يعتقد الإيرانيون أن اليمن منطقة رخوة، ومن السهولة الانطلاق منها نحو السعودية، مستغلين بعض المكونات التي استجابت –للأسف- للفكر الخميني المتطرف، وبالرغم من الخلاف الحاد بين إيران واليمن خلال الثمانينيات الميلادية بسبب وقوف صنعاء مع العراق، وإرسال مجنَّدين يمنيِّين للقتال ضدها، إلا أن طهران تغاضت عن ذلك لأهداف خبيثة، ففي عام 1990م فتحت طهران مع الحكومة اليمنية قنوات اتصال، وأفرجت عن عسكريين يمنيين كانوا قد أُسِروا في المعارك المؤيدة للعراق، كل ذلك كان إيرانيًّا للتسلُّل نحو اليمن، وبناء علاقات مع حكومة صنعاء والاستفادة منها لاحقًا، وبذلك تكون طهران قد بدأت أولى خطوات الاختراق لليمن، وصولًا بعد ذلك إلى صعدة، حيث شكَّلَت ميليشيات وعصابات إرهابية أضحت في غضون سنوات ذراعها الإرهابية لإيذاء وحرب السعودية.
التدخل الإيراني السري في اليمن بدأ مبكرًا، وحتى قبل العلاقات العلنية العام 1990، إذ فتحت طهران مدارسها الشيعية المتطرفة لتستقبل مئات من الطلاب اليمنيين الذين تحوَّلوا فيما بعد لرأس حربة في المشروع “الإيراني الحوثي”، كان منهم قادة الحوثيين ومؤسِّسي ذلك التنظيم.
استخدم الإيرانيون العاطفة الشيعية لتكون مدخلهم نحو المكونات الزيدية في اليمن، وبالرغم من أن المكوِّن الزيدي بقي طوال تاريخه في منأى عن الالتحاق بالتشيُّع الصفوي، إلا أن المال الإيراني استطاع تطويع بعض القيادات مختطِفًا جزءًا منه ومحوِّلًا إياه إلى ميليشيا متطرفة وإرهابية تحت مسمى الحوثيين.
لم يكن ذلك إلا ظهيرًا للمشروع الإيراني الإقليمي الممتد من العراق إلى سوريا ولبنان، نزولًا إلى اليمن، الطامح لاستعادة عرش “كسرى أنو شروان” الذي هدمه الفرسان العرب على رؤوس الفرس، والذين انطلقوا من مكة المكرمة والمدينة المنورة وبقية حواضر وقرى الجزيرة العربية، حاملين الرسالة المحمدية، ومُطفِئين النار الفارسية.