العنصرية الفارسية

ضد المسلمين العرب

في كتابه الذي يحمل عنوان “التشيع العربي والتشيع الفرسي”، وثّق الباحث العراقي نبيل الحيدري، العنصرية العِرقية لدى الفرس تجاه الجميع، موضحًا كيف أدخل الفرس كثيرًا من الانحرافات الفكرية والإشكالات العقائدية والبدع والطقوس في المذهب الشيعي عبر التاريخ، لاسيما الفرس الذين تشيعوا في الكوفة فهم يحملون تراثًا في تقديس الملوك ووضع ألقاب الإله عليهم، وبعد أن تبنوا التشيع نقلوا ثقافتهم معهم، وأدخلوا تلك الهالة، أي أخذوا صفات التقديس لملوكهم وأدخلوها في التشيع.

ويؤكد الباحث، أنه بعد تولي الدولة الصفوية الحكم في بلاد فارس  (1501– 1736م) ، توسّع دورها بشكل كبير في انحراف التشيع العربي وتأسيس التشيع الفارسي، لاسيما في زمن سطوتها إبان عهد الشاه إسماعيل حيدر الصفوي (1478– 1524م)، الذي جمع بين السلطتين الدينية والدنيوية، وقد أحاط به العديد من وعاظ السلاطين، من أمثال المجلسي صاحب البحار، الذين أسهموا في إلغاء الآخر المختلف، وفي تحويل إيران إلى التشيع الفارسي باتخاذ الأساليب القهرية المبنية على مفاهيم خاطئة، لا تخلو من البغضاء والأحقاد والتكفير والسباب.

وتلك الأسباب المتلونة في تنوعها ما بين عقدي وقومي، أدت في النهاية إلى نظرتهم العِرقية والدونية للعرب، وقد ورثت الأجيال المتلاحقة تلك النظرة، ولعل سبب حقد الفرس المضطرم في صدورهم وألسنتهم على عرب الجزيرة العربية، بدأ منذ تولي الفاروق عمر بن الخطاب الحكم، ثم بدأ الفتح العربي بمعركة الجسر بقيادة أبي عبيدة الثقفي تلاه المثنى بن حارثة، وقتل قائدهم الفارسي «مهران» في معركة «البويب» التي سماها المسلمون الأعشار، حيث إن كثيرًا من جند المسلمين قتل عشرة من الفرس، ثم عاصفة العواصف العمرية “القادسية” بقيادة سعد ابن أبي وقاص، التي فر فيها من يعتبروه من أعظم قادتهم “رستم”  فتساقطت مدن فارس بيد المسلمين تساقط أوراق الشجر بحلول الخريف، حتى تبدت العاصمة  طيسفون  المعروفة عند العرب بالمدائن  ليهرب عظيم آخر من عظمائهم أمام العواصف العمرية وهو يزدجرد بن شهريار.

ومع تلك الهزائم المتوالية لم يقبلوا إسلامًا ولا جزية وظلوا على عبادة الكواكب والنار والمجوسية، وأعلنوا عداءهم للمسلمين، لاسيما أن الإسلام بدأ يدخله الأعاجم، وذلك أرق مضاجعهم قهرًا على تفوق العربي المسلم، ونشره دين الله الأوحد بكل ثبات وقوة بالله لا بقوة عقائد فاسدة، واستعد الفرس لتلك الأسباب بما لم يستعدوا به من قبل بقيادة عظيمهم المقدس الهارب يزدجرد، فقاتلهم المسلمون بقيادة  هاشم بن عتبة في جلولاء، ويهرب مرة أخرى يزدجرد، ليعد العدة لعله يغسل عار هروبه مرتين .

وكانت المواجهة بمعركة سَجَّل التاريخ أحداثها وهي فتح الفتوح في نهاوند، بقيادة النعمان بن مقرن واستشهد بطلاً، فقاد المسلمين من بعد استشهاد النعمان حذيفة بن اليمان وحفر في ذاكرة الفرس تجريد الهرمزان من حليته حتى وصلوا به أسيرًا إلى عمر في المدينة.

لقد كان انتصار المسلمين على الفرس مبدأ عهد جديد في تاريخهم، فقد حمل المسلمون الفاتحون معهم مبادئ الإسلام خالصة نقية إلى تلك البلاد، وهي مبادئ التوحيد والعدل والخلق القويم، فسعد الناس فقيرهم وغنيهم، واسترد المظلومون حقوقهم فأبصروا النور بعد طول ظلام، وانتشر علم كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- فاستقامت العقائد والأعمال.

لكن هيهات فطواغيت الظلام المختبئة كانت تتربص وتذكي نيران الفتن عودًا للعقائد الفاسدة.