ميمون القدَّاح
مؤسس الفكر الباطني والفساد العقدي
يقول عبد القاهر بن طاهر البغدادي في كتابه الشهير الفَرق بين الفِرَق: “اعلموا أسعدكم الله أن ضرر الباطنية على فِرَق المسلمين أعظم من ضرر اليهود والنصارى والمجوس عليهم، بل وأعظم من الدهرية وسائر أصناف الكفرة عليهم، بل أعظم من ضرر الدجال الذي يظهر آخر الزمان؛ لأن الذين ضلُّوا عن الدين بدعوة الباطنية من وقت ظهور دعوتهم إلى يومنا أكثر من الذين يَضِلُّون بالدجال في وقت ظهوره؛ لأن فتنة الدجال لا تزيد مدتها على أربعين يومًا، وفضائح الباطنية أكثر من عدد الرمل والقطر”.
ويؤكد على ذلك أبو حامد الغزالي بقوله: “الباطنية ليست مذهبًا إسلاميًّا أو فِرقة من فِرَق أهل الإسلام، وإنما هي مذهب وطريقة أراد بها واضعوها هدم الإسلام وإبطاله عقيدة وشريعة”، فالسؤال المطروح هنا: متى ظهر مذهب الباطنية في تاريخنا؟
اختلف المؤرِّخون في تحديد زمن ظهور الباطنية وهو خلاف مبرَّر؛ إذ من أصول المذاهب الباطنية عدم نشر عقائدها وأفكارها، فهم يأخذون العهود والمواثيق على من يدخل في مذهبهم ألا يُظهر شيئًا منها، ويَعُدُّون ذلك من أصول دينهم وأركانه التي لا يجوز الإخلال بها، ويرى السيوطي أن أول ظهور للباطنية كان في سنة 92هـ (711م)، وذهب البعض إلى أن ظهورها كان سنة 205هـ (820م)، وقال آخرون سنة 250هـ (864م)، ويرى البعض أن ظهورها سنة 276هـ (889م)، حينما قام زعيمهم ميمون القداح بإنشاء الفكر الباطني.
وقد ذكر عبد القاهر البغدادي أن ميمون بن ديصان المعروف بالقداح من الذين أسَّسوا دعوة الباطنية، وهو مولى جعفر بن محمد الصادق، وكان في الأحواز، ورجل آخر اسمه محمد بن الحسين المُلَقَّب بدندان، وقد اجتمعوا في سجن بغداد وأسَّسوا الفكر الباطني، ثم أظهرا دعوتهما بعد خروجهما من السجن، فدندان بدأ دعوته الباطنية في جهات توز “توز خرماتو”، فدخل في دينه جماعة من أكراد الجبل.
والمشهور في التاريخ أن ابن القداح ميمون بن ديصان من رجال الراوندية، ومن دعاة الباطنية والغلو، والذي بدوره ارتحل إلى بلاد المغرب العربي، وانتسب هناك إلى عقيل بن أبي طالب، وادَّعى أنه من نَسلِه وذريته، فلما دخل في دعوته قوم من غلاة الرافضة والحلولية، منهم من ادَّعى أنه من ولد محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق، فقبل الجهلاء ذلك منه! رغم أن محمد بن إسماعيل مات ولم يكن له عقب!!.
وقال عنه بعض العلماء في الرد على الإسماعيلية، قال -وأنا بريء من قوله-: “هؤلاء القوم من ولد ديصان الثنوي، الذي يُنسَب إليه الثنوية، وهو مذهب يعتقدون فيه خالِقَين، أحدهما يخلق النور، والآخر يخلق الظلمة، فولد ديصان هذا ابنًا يقال له ميمون القداح”. ويذكر ميمون بن ديصان، القداح الأحوازي، أنه كان مشعبِذًا ممخرِقًا، وكان معظم مخرقته بإظهار الزهد والورع، وأن الأرض تطوى له، وكان يبعث خَوَاصَّ أصحابه إلى الأطراف، معهم طير، ويأمرهم أن يكتبوا له بالأخبار عن الأباعد، ثم يُحدِّث الناس بذلك، فيقوى شبههم.
وقد وطَّـأ دعوة زيدان، وظاهر عليها، وأسعَفَه بالمال والرجال، فلمـا مـات (زيدان) اتسق الأمر لابن القداح المتعصب لدولة المجـوس، فكـان يجتهد لإرجاعها في أوقات منها بالمجاهرة، ومنها بالحيلـة، وكـان كافرًا مُلحِدًا أجابه قوم إلى ضلالاته وبِدَعه، فعبد الله وأبوه ميمون القداح في كتب الفِرَق متآمران على المجتمع الإسلامي واستقراره وأمنه، محرِّفان للدعوة الإسلامية عقيدةً وشريعةً، وذلك بعقيدة القرامطة ودعوتهم، وبالحركة الباطنية بشكل عام، فهما يَبُثَّان العقائد المنحرفة عن الإسلام، وينظمان الخلايا السرية، ويتحركان في رقعة كبيرة من العالم الإسلامي بين الكوفة والمغرب.
تحرك من الكوفة إلى المغرب مؤسسًا للفكرة الباطني مع ابنه ميمون القدَّاح.
- أحمد المقريزي، اتِّعاظ الحنفاء بأخبار الأئمة الفاطميين الخلفاء، تحقيق: جمال الدين الشيال (القاهرة: المجلس العلى للشؤون الإسلامية، د. ت).
- سهيل زكار، الجامع في أخبار القرامطة، ط3 (دمشق: دار حسان للطباعة والنشر، 1987).
- مجموعة من الباحثين، موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام (الناشر: موقع الدرر السَّنية على الإنترنت).
- عبد القاهر البغدادي، الفَرق بين الفِرَق، تحقيق: محمد عثمان الخشت (القاهرة: مكتبة ابن سينا ، 1988).
- محمد بن عبد الكريم الشهرستاني: المِلَل والنِّحَل، تحقيق: محمد سيد كيلاني، ج1 (بيروت : دار المعرفة ، 1982م).
- محمد الغزالي، فضائح الباطنية، تحقيق: عبد الرحمن بدوي (الكويت: مؤسسة دار الكتب الثقافية، د.ت).
الزندقة والشعوبية
جعلت من العرب العدو الأول لها على مرِّ التاريخ
إن الخيط الرابط بين جميع التنظيمات السرية التي جعلت من أرض الإسلام مجالاً للنشاط والانتشار هو استهدافها لبنية الدولة الإسلامية، ومحاولة تفجيرها من الداخل، والتأصيل لمفاهيم العدو القريب والعدو البعيد، انطلقت مع هذه التنظيمات الباطنية، التي جعلت من الحكام المسلمين ذلك “العدو القريب” المُقدِم في القتال، فيما رأت في باقي الحكام غير المسلمين، ذلك العدو البعيد الذي لا تجب مُقاتلته ومنازعته إلا بعد إبادة جميع حكام المسلمين.
ويمكن القول بأن المفاهيم حول الزندقة اختلفت من مؤرِّخ إلى آخر، ولعل أقرب تعريف للحركة ما طرحه إدوارد براون حين اعتبر أن “كلمة زنديق صفة فارسية معناها مُتَّبِع الزند، أي الشروح القديمة للأفستا، وهو كتاب زرادشت – المفضل على النص المقدس. وقد سُمِّي المانوية زنادقة؛ لميلهم إلى تأويل الكتب المقدسة للديانات الأخرى، وشرحها حسب آرائهم وأهوائهم”.
في السياق ذاته يربط ابن النديم “بين المنانية أتباع ماني وبين الزنادقة، ويذكر أسماء رؤساء المنانية المتكلمين الذين يُظهِرون الإسلام ويُبطِنون الزندقة، ثم تطوَّر لفظ الزندقة، وأصبح يطلق على جميع الهرطقات والنِّحَل الفارسية، لا فرق بين الخرمية والمزدكية والمانوية والمجوسية، ثم تطوَّر مرة ثانية حتى صار يشمل الملحدين أو المتشكِّكين في الدين”.
وإذا كانت الزندقة قد فشلت في إيجاد موطئ لها في عصر الدولة الأموي، فإن العصر العباسي شكَّل فضاءً خصبًا لانتشار مثل تلك الأفكار الهدامة، وذلك بالنظر إلى اجتماع مجموعة من الشروط الذاتية والموضوعية التي ساهمت في هذا الانتشار والاختراق، خاصة في العراق، حيث وُجِدت بيئة سكانية هجينة سهلة الاختراق والتوجيه، بالإضافة إلى تطور العلوم والفلسفة، وهو ما واكبَته نقاشات وجدالات كانت مدخلاً للزنادقة لنشر أفكارهم الشاذة، على استحياء أولاً، ثم على استقواء ثانيًا.
وجد الشعوبيون والزنادقة فضاءً واسعًا للتجرُّؤ على إعلان فسادهم في عصر الدولة العباسية.
وهنا نسجِّل بأن بعض الأقليات قد استهوتها الزندقة للتعبير عن رفضها لنمط سياسي وفكري سائد، بالإضافة إلى بعض من دفعتهم حياة الترف والبذخ إلى الاستجابة، لهذا النوع من الزندقة، ورَوَّجَت له واصطنعت “الزندقة وسيلة للتظرف، وحُسن المنادمة، وسِمة على الرُّقيِّ الثقافي والاجتماعي”.
ويمكن تقسيم الزنادقة إلى ثلاث فِرَق أساسية؛ الطائفة الأولى “يسميهم صاحب (الفهرست) رؤساء المنانية في الإسلام، والثانية طائفة المتكلمين، والثالثة طائفة الأدباء من كتاب وشعراء”.
لقد شكَّلَت الزندقة تهديدًا حقيقيًّا لنمط التديُّن الذي طبع الشخصية الرئيسة للمسلمين، وأصبح يهدِّد تماسُك المجتمع الإسلامي من خلال استباحة وإباحة الرذائل والموبقات والمحرَّمات، على اعتبار أن سقوط الأخلاق هو مقدمة لسقوط الدين نفسه، وبالتالي سقوط الخلافة الإسلامية العربية كحاضِنة شرعية للمشروع الإسلامي العروبي، هذا التكتيك يتقاطع مع جميع التنظيمات الباطنية التي ترى ضرورة نسف الأعمدة كمقدمة لانهيار السقف.
على هذا المستوى من التحليل، يمكن فَهم خلفيات تنظيم الزندقة الباطنية، وحلمها بهدم أركان الدولة العباسية من خلال نشر مقومات تفسخ المجتمع، “وعلى هذا الأساس يكون الدافع الرئيس لظهور حركة الزندقة، كراهية الفرس بوجهٍ خاص للسلطان العربي وللإسلام”.
لقد جعلت الزندقة أو الشعوبية من العرب العدو الأول لها، وبما أن العرب هم الحاضنة الشرعية للدين الإسلامي، فقد تحوَّل عداء الزندقة من العروبة إلى الإسلام، فكرِهوا الإسلام وكرِهُوا حامله، هذا التفكير القاصر والتدليل العاثر يُعبِّر عنه الجاحظ بقوله: “فإنما عامة من ارتاب بالإسلام، إنما جاءه هذا عن طريق الشعوبية، فإذا أبغضَ شيئًا أبغض أهله، وإن أبغض تلك اللغة أبغض تلك الجزيرة، فلا تزال الحالات تنتقل به حتى ينسلخ عن الإسلام إذا كانت العرب هي التي جاءت به وكانوا السلف”.
إن فهم التاريخ كـأحد الأهداف المهمة يقتضي منا فهم التدافعات التاريخية والمتدخِّلين فيها من أجل استشراف المستقبل، وتحديد الأدوات والوسائل، بالمفهوم الإستراتيجي، التي يمكن من خلالها مواجهة تكتيكات الاختراق والانتشار التي تتبنَّاها التنظيمات الباطنية الحديثة.
ويمكن الجزم بأن هذه التنظيمات التي تنسب نفسها إلى الإسلام، سواء بشِقِّها السُّني أو الشيعي، هي نسخة جينية معدَّلة للتنظيمات الباطنية القديمة.
في هذا الصدد تجتهد التنظيمات الباطنية “القديمة” و”الحديثة” في محاولات الانتشار الجماهيري والاختراق المؤسَّساتي، مع العمل على خلخلة المشترك العَقَدي لجماهير المسلمين والتشكيك في شرعية السلطة السياسية القائمة، بالموازاة مع محاولة نسج تحالفات مرحلية تنتهي بالاصطدام “الحتمي” مع منظومة الدولة على مستوى حسم السلطة السياسية، وهو ما يفرض تَبنِّي إستراتيجية متكاملة ومتناغمة، الغرض منها تحصين المجتمع من جهة، وأيضًا القضاء على البيئة الحاضنة والمنتجة للفكر الباطني الانقلابي.
- حسين عطوان، الزندقة والشعوبية في العصر العباسي الأول (بيروت: دار الجيل بيروت، 1984).
- السيد عبد العزيز سالم، العصر العباسي الأول (الإسكندرية: مؤسسة شباب الجامعة، 1993م).
- عبد الرحمن بدوي، تاريخ الإلحاد في الإسلام (بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 1980).
- محمد الخضري، محاضرات في تاريخ الأمم الإسلامية.. الدولة العباسية (بيروت: دار القلم، 1986).
- محمد عنان، تاريخ الجمعيات السرية والحركات الهدامة في المشرق (القاهرة: مؤسسة المختار، 1991).
حركة المازيار الفارسي
أثبتت الإصرار الشعوبي على محاربة الدولة العربية
كان ولا يزال الإسلام “كدين ونبوة” مستهدَفًا من التنظيمات السرية الفارسية، يضاف إليهم بعض العجم، الذين لطالما أضمَروا الحقد والكراهية والتآمر على الإسلام دينًا وتشريعًا ومنهجًا، وصولًا إلى كُره العرب؛ لأن الإسلام نزل بين العرب.
الفتن الفارسية:
وُلِدت الدولة العباسية رهينة تمرُّد الفرس المستمر، فقد اقتنعوا أنهم سبب قيامها، ولذلك عَدُّوا أنفسهم شركاء تارة، وأصحاب مُلك تارة أخرى، ولم يكتفوا بذلك، بل تحوَّلت خراسان وفارس إلى بيئة خصبة للتمرد، فما أن تستقر الدولة العباسية قليلًا حتى تخرج عليها فتنة من خراسان وما وراءها، فتحولت فارس إلى موطن الفتن، وديار الخارجين على الخلافة، وفيها حِيكَت المؤامرات على الدولة العربية في بغداد.
وما كادت دولة العباسيين تتخلَّص من الأخطار التي كانت تمثِّلها حركة “بابك الخرمي” في المناطق الواقعة إلى الغرب من بحر قزوين حتى واجهتها حركة فارسية أخرى تمثَّلت في حركة المتمرد المازيار بن قارن، وهو آخر الأمراء القاريانيين بطبرستان، الذي اتخذ من موطنه مسرحًا لنشاطه الثوري المعادي للدولة العباسية.
إبطان الكراهية وادِّعاء الولاء:
اعتنق المازيار أول أمره الإسلام –تَقِيَّةً- وتَسمَّى باسم محمد، ثم تسلَّل إلى وظائف الدولة العباسية، حتى ولَّاه المأمون على طبرستان ورويان ودونباوند، ويبدو أنه كان ذا نزعات متمردة وأحلام توسُّعية وأفكار خارجية، فأراد الانفصال عن الدولة العباسية تحت غطاء دين وعقيدة غير الإسلام، فاستغل الخصومة بين “الطاهريين” -وهم مكوِّن آخر يعيش في فارس- الذين كان يكرههم- وبين الأفشين الطامع في ولاية خراسان ليرفع راية الثورة، وكان هذا الأخير قد كاتَبَ المازيار وشجَّعه على إعلان العصيان، ليتخذ عندئذ ذلك ذريعة لانتزاع خراسان منهم.
من التمرد إلى السجن:
في سنة 225هـ (840م) أعلن المازيار عصيانه على الخليفة العباسي المعتصم، وحشد حوله المُوالين له من الفرس، لذلك توسع جيشه وكثرت عساكره، فما كان من المعتصم إلا أن كتب إليه يأمره بالحضور؛ ليرى هل ما بلغه من تمرُّده صادق أم مجرد وشايات، فأبى، الأمر الذي دفع المعتصم ليكتب إلى عامله عبد الله بن طاهر يأمره بحرب المتمرد المازيار، فسيَّر إليه من نيسابور عمَّه الحسن بن الحسين بن مصعب، فنزل مدينة السارية من بلاد طبرستان، وخاض العباسيون حروبًا كثيرة مع المازيار لم تنجح في القضاء عليه، إلى أن علم القائد الحسن بن الحسين من خلال عيونه بأن المازيار قد خرج إلى الصيد في نفر يسير، فبادره القائد العباسي وأسره، وحمله بعد ذلك إلى سامَرَّاء حيث سُجِن وقُتِل بأمر الخليفة.
اعتراف المازيار:
أقرَّ المازيار على رفيقه الأفشين بأنه هو من دفعه للخروج والعصيان، لمذهبٍ كانوا اجتمعوا عليه، ودِينٍ اتفقوا عليه من المذاهب الوثنية المجوسية، ومن حسن الحظ أنه تم القبض على الأفشين قبل قدوم المازيار إلى سامَرَّاء بيوم، ثم سُجِنا وصُلِبا جميعًا، وجُمِعت الأصنام التي اتخذوها وأُحرِقت.
المؤامرة:
تدل التدابير التي نفَّذها المازيار ومن معه بعد إعلان حركتهم المتمردة على إيمانهم بالديانة الخرمية، التي كانت منتشرة في فارس، وهي ديانة مشوَّهة وعقيدة منحرفة، وما أن بدأ تمرُّده حتى قام بمصادرة الأراضي من المالكين، وتوزيعها على الفالحين، ولهذه النزعة تفسير سياسي إلى جانب المعنى الاقتصادي، خاصة إذا علمنا أن قسمًا كبيرًا من المالكين كانوا من العرب ومَواليهم، لذلك أمر المازيار عامله على سرخستان بأن يجمع مائتين وستين من أبناء القادة ويسلمهم إلى الفلاحين ليقتلوهم، باعتبارهم يُشكِّلون خطرًا، كما أغرى هؤلاء بقتل أرباب الضياع وأباح لهم منازلهم وحُرُمَهم، في محاول تهدف لتسييد الطبقات الفارسية، ودفعها للتخلص من السلطان العربي.
وقد وقف الخليفة المعتصم على أهداف هذا التمرد مبكرًا حين ضبط رسالة من الأفشين إلى المازيار، وبعد أن حصل هو على الرسائل الأخرى من المازيار نفسه.
حركة فاسدة:
الواقع أن هذه الحركة وُلِدت ميتة، ذلك لتوقيت إعلانها عام 222هـ (938)، فقد كانت دولة الخلافة العباسية آنذاك في وضع مستقر، وعلى درجة عالية من القوة، وذلك بعد أن تخلَّصت من العديد من الحركات المعادية التي قامت في وجهها، وبالتالي فإن القضاء على حركة المازيار لم يكلِّفها الكثير من الجهد، أما نهاية المازيار فكانت شبيهة بنهاية المتمرد الآخر بابك، حيث قتله الخليفة ثم صلبه إلى جانب بابك.
أغلب حركات التمرد الفارسية ضد الدولة العباسية بدأت ضعيفة، ووُلِدت ميتة؛ لفساد المعتقدات، وسوء النوايا.
- السيد عبد العزيز سالم، العصر العباسي الأول (الإسكندرية: مؤسسة شباب الجامعة، 1993م).
- عبد المعز ربوشة، موسوعة تاريخ العالم الإسلامي.. عصر الدولة العباسية (الإسكندرية: دار التعليم الجامعي، 2023م).
- علي المسعودي، مروج الذهب ومعادن الجوهر (بيروت: المكتبة العصرية، 2005م).
- محمد الخضري، محاضرات في تاريخ الأمم الإسلامية.. الدولة العباسية (بيروت: دار القلم، 1986م).
- محمد عنان، تاريخ الجمعيات السرية والحركات الهدامة في المشرق (القاهرة: مؤسسة المختار، 1991م).