الصفويون..

فتحوا طريق الاحتلال للبلاد العربية والإسلامية!!

من خلال التحالفات التي عقدها الصفويون مع الدول الاستعمارية الأوروبية وَجَدت هذه الدول لأول مرة موطئ قدَم لها في المنطقة العربية، وسهَّل لها الطريق لاحتلال بلاد المسلمين فيما بعد، إنها قصة الصفوية وأحلامها المتطرفة التي تشكَّلَت في عقل باطني شديد التعقيد، شديد الخصومة، لا يتوانى عن التحالف حتى مع أشد أعداء العرب والمسلمين ليحقِّق حلمه بالقضاء على مَن تصوَّرهم خصومًا له، ويقيم على أنقاضهم إمبراطوريته الفارسية.

لكن الإخفاق الذي لازَمَ الدولة الصفوية -في تدمير عرب الجزيرة- يدفع الكثيرين لطرح سؤال مهم: لماذا لا يعتبر الإيرانيون الدولة الصفوية التي تولَّت الحكم في إيران منذ عام 1501م وحتى عام 1763م، وريثة إمبراطوريتهم الفارسية التي لطالما حلموا بعودتها.

ولعل الإجابة هي في بطن العجم الإيرانيين، الذين يرون أن الصفويين وإن نجحوا في إنشاء دولة فارسية على حدود إيران الجغرافية إلا أنها لم تستطع تحطيم النصر العربي الذي تحقَّق في معركة القادسية، ولم تنتقم لأجدادهم الفرس كما يتمنون.

وكأي مشروع سياسي يقوم على مشروع ديني استخدم الصفويون “التشيُّع الفارسي”، وفرضوه بالقوة على الشعب الإيراني، ليكون ظهيرًا لمشروعهم السياسي بإقامة دولة فارسية خالصة، وليحقق لهم هدفين رئيسَين.

الأول: فصل الإيرانيين عن محيطهم العربي السُّني، وبالتالي يصبحون معزولين داخل حدودهم الإيرانية الجغرافية بلا أي امتداد أيديولوجي، الأمر الذي سهُل معه التحكم بهم، والسيطرة على عقولهم ومشاعرهم.

والثاني: مقاربة المشروع الفارسي مع المذهب الشيعي، والوصول إلى شكل جديد من التدين الأسطوري، يمكن تحميله عقائد ومفاهيم فارسية، أو بمعنى أخر دين يشبه الفرس وعباداتهم القديمة أكثر مما يشبه الإسلام الذي يرونه دينًا عربيًّا.

إنه افتراق عن كل ما هو عربي، وابتعاد عن أي رابط بين الأمتين العربية والفارسية، لا دين ولا جوار ولا مذهب، هكذا قرَّر الصفويون ومِن قبلهم الشعوبيون الفرس، ونجحوا في ذلك أيما نجاح.

كان ذلك على مستوى التدين، وصبغ الشعب الإيراني بعقيدة أخرى تُخالف السائد في المنطقة، إلا أن نتائجه الكارثية حدثت بعد ذلك، ليتحول إلى تمهيد وأرضية لما بعدها من تحركات وتحالفات سياسية.

وجد الصفويون أن الحرب بالوكالة هي أفضل الحلول لقهر الإنسان العربي وتدميره، فتحالفوا مع “البرتغاليين الصليبيين”، ما سهَّل على البرتغاليين الوصول إلى المياه الدافئة في الخليج العربي، ومكَّنهم من الاقتراب من الأراضي المقدسة في مكة المكرمة والمدينة المنورة عبر البحر الأحمر.

لقد عقد الصفويون مع البرتغاليين معاهدات غاية في الخطورة؛ إذ تكشف وثائق برتغالية تعود إلى عام 1510م عن مؤامرة غاية في الخطورة عُقدت بين الصفويين والبرتغاليين، مع ملاحظة أن تلك المراسلات والمعاهدات أُبرمت بعد تسع سنوات فقط من تأسيس الدولة الصفوية.

وتفسير ذلك يعود إلى أن الصفويين كانوا في عجلة من أمرهم لتمكين الصليبيين من العالم العربي.

وعودةً إلى تلك الوثائق الثلاثة التي تقول:

أولًا: عرض الشاه الصفوي على البرتغاليين إشغال السلطان المملوكي في مصر، الذي يمتد سلطانه إلى المدن المقدسة “مكة المكرمة، والمدينة المنورة”، حتى يتمكَّن البرتغاليون من التوغل في البحر الأحمر والوصول للسويس، وهي ميناء مصري هام، مع خطة للاستيلاء على ميناء جدة، وتدمير مكة المكرمة، ثم اجتياح الجزيرة العربية كاملةً.

ثانيًا: الوقيعة بين السلطنة المملوكية السُّنية، والعثمانيين السُّنة، لصالح الصليبيين البرتغاليين والنمساويين والإسبان والإيطاليين، وهو ما حدث بالفعل، ونتج عنه مواجهة عسكرية كبرى في الشام، أسقطت المماليك وذهب مُلكهم.

ثالثًا: الاتفاق بين الصفويين والبرتغاليين على اقتسام جزر الخليج العربي، في مقابل السماح للشاه الصفوي بالاستيلاء على السواحل الشرقية والغربية للخليج العربي، ومقابل ذلك يقدِّم البرتغاليون المساعدات والأموال والسلاح والسفن الحربية للشاه، ويقيمون قواعد عسكرية وحصونًا لجنودهم، وتكون منطلقًا للتحركات العسكرية والإمداد.

إن هذا التواطؤ والتحالف المشئوم هو الذي مهَّد لاحتلال برتغالي تَبِعه احتلال بريطاني وفرنسي، امتد على مدى أربعة قرون تالية، وبدت آثاره في كثير من البلاد العربية والإسلامية، في الإقليم الممتد من الهند شرقًا حتى المغرب العربي.

لكن ذلك ما كان ليحدث وندفع ثمنه اليوم في فلسطين لولا الخيانة التي ارتكبها سلاطين الصفويين ضد كل ما هو عربي وإسلامي، وكانت تلك الكراهية التي يحتضنونها في نفوسهم هي ما يقود سياساتهم ويُحرِّك عقولهم.