"تشابه السياسة الفارسية والتركية في اضطهاد العرب"

فُرضت الحكومة الإيرانية بالقوة على رقاب القبائل  العربية المغلوبة على أمرها في إقليم الأحواز، فالحكومات الإيرانية المتعاقبة لها نفس الأفكار والأساليب الإرهابية ضد إخوتنا العرب في الأحواز، ولكن في بعض الاحيان يُظهر النظام الإيراني  للناس أن له بعض المرونة، ويستخدم بعض التكتيكات والخديعة من أجل الغطاء على الجرائم البشعة التي يرتكبها ضد الشعوب المضطهدة، ومنها عرب الأحواز الذين نالتهم الإعدامات والاعتقالات، وتهجير الأهالي من ديارهم وأماكنهم الأصلية بالقوة من خلال طردهم قسريًّا، كتهجيرهم القبائل العربية الأحوازية  إلى مناطق الشمال الإيراني واستجلاب سكان هذه المناطق إلى الأحواز وإسكانهم فيها، في محاولة فرض واقع وديمغرافيا جديدَين.

وفي بعض الأحيان تظهر سيناريوهات وهمية مختلَقة من قبل النظام الإيراني يوهم فيها العالم أنه يريد منح الأحوازيين بعضًا من حقوقهم كـاللغة والثقافة وما شابه ذلك، وهو مجرد تلاعب بالألفاظ وبالعقول، فعلى سبيل المثل كشفت مصادر أحوازية أن النظام الإيراني يخطط لإقامة مشروعات نفطية جديدة تؤثر بشكل مباشر على البيئة والصحة في إقليم الأحواز العربي، الأمر الذي سيؤدي إلى تنفيذ عملية تهجير قسري ستطال عشرات الآلاف من العرب في الأحواز، مشيرة إلى أن “النظام الإيراني يمارس تمييزًا عنصريًّا ممنهجًا ضد عرب الأحواز”، والشاهد على ذلك توظيف سبعة موظفين من العرب فقط من أصل نحو أربعة آلاف في إحدى شركات التنقيب عن النفط في الأحواز العربية؟!

ومن المعروف أن قادة النظام الحاكم في إيران يعتبرون الشعوب غير الفارسية القابعة تحت سيطرتهم “أقليات”، ومنهم عرب الأحواز، بل لا يعتبرونهم شعوبًا كبقية الشعوب، ولا يعترفون بحقوقهم، ويتم تعريفهم على أنهم سكان محليون ليس لهم أي حقوق كقوميات، وحتى عند تعريف لغتهم يصفونها باللهجة المحلية، وليست لهم أية خصوصية عن اللغة الفارسية، وهم بذلك يمارسون أبشع صور التمييز العنصري، بل حتى التهجير الثقافي والفكري للأجيال العربية في الأحواز!

      وبنظرة سريعة على الجانب التركي سنجد أن تركيا لم تكن بعيدة في تعاملها مع عرب تركيا  بذات الأسلوب الذي استخدمته إيران ضد عرب الأحواز، فعندما نرى على سبيل المثال سلوكيات وتصرفات القيادة التركية رغم تلك النظرة التي يكسوها الفخر والاعتزاز لها من قبل بعض العرب الكارهين لبلادهم لأسباب سياسية، أو لخلافات مع أنظمة الحكم؛ نجد الطبقة السياسية في تركيا تنظر إلى العرب بـ”دونية وعنصرية”، بل وتغذي تلك النظرة في المرحلة الراهنة، ويتحدث البعض منهم بكل فخر عن أصوله العثمانية، وعن حلمهم في استعادة تلك الإمبراطورية البائدة، ولكن على أنقاض العرب، ولعل أسلوب التهجير معروف منذ تاريخ الدولة العثمانية، التي اتبعت سياسة التهجير بالقوة للسكان القرى والقبائل  المخالفة للعنصر التركي، وأشهر ذلك التهجير القسري الذي أصاب سكان المدينة المنورة فيما عُرف بمحنة “سفربرلك”، وظل هذا الأسلوب العنصري الدفين وإن اختلفت آليات تطبيقه،  ومن ذلك شاهدنا في الأسابيع الماضية الأسلوب الأرعن والفوقية في التعامل من قِبَل أحد المحللين السياسيين الأتراك، الذي استُضِيف على إحدى القنوات الفضائية، وعندما سأله المذيع السوري عن ممارسات “الجندرما” التركية بحق عدد من السوريين، حيث جرى اعتقال وتعذيب ثمانية منهم، على حد قول المذيع، وهو ما نفاه المحلل التركي واستنكره، واستفسر عن السبب وراء مهاجمة تركيا بهذا الشكل، متسائلًا: “بأي حق تتم مهاجمة تركيا بهذا الشكل”، موجهًا اللوم في ذلك إلى المذيع نفسه.

وأردف المحلِّل قائلًا: “أنت ضيف في تركيا وتفتري على الدولة التركية، هناك 5 ملايين سوري يأكلون في تركيا”، وفي ذلك محاولة للتهرب من الإجابة، واعتبر المحلل التركي أن الدولة التركية من حقها أن تكون “ذات سيادة على حدودها، ولا تكون مستباحة من كل مَن هَبَّ ودَبَّ”، مشددًا على أن كل ما يقال “افتراء وكذب وإثارة” ، ثم سأله: “من أنت؟”، ليقاطعه المذيع السوري قائلًا له: “لا تقل لي: من أنت؛ لأن في هذه اللهجة تصغيرًا، واحترم نفسك”، ليواصل المحلل تكرار عبارة: “من أنت؟”، مما اضطر المذيع إلى تخيير ضيفه التركي بين خيارين، إما “النقاش باحترام وإما مغادرة الحلقة”، ليختار المحلل المغادرة، مكررًا اتهامات الافتراء وعبارة “من أنتم؟”، ولعل ما قالته نادية هاردمان، باحثة في حقوق اللاجئين والمهاجرين في هيومن رايتس ووتش: “في انتهاك للقانون الدولي بأن السلطات التركية اعتقلت مئات اللاجئين السوريين، حتى الأطفال غير المصحوبين بذويهم، وأجبرتهم على العودة إلى شمال سوريا، رغم أن تركيا قدمت حماية مؤقتة لـ 3.6 مليون لاجئ سوري، ويبدو الآن أن تركيا تحاول جعل شمال سوريا منطقة للتخلص من اللاجئين ومنطقة حدودية يشكلها اللاجئون والهاربون من الجحيم في سوريا وتركيا.