الترك والفرس

سمَّموا النص الديني خدمةً للطرح العِرقي

السياسة مِن الفِعل (ساس)، أي: أرشد إلى الطريق الصواب، ومن خلال منطوق العبارة فإن الطريق الصواب لا يمكن أن يكون مفروشًا بالحقد والكراهية وحب الكريهة (الحرب)، وكراهية الآخر الذي تشترك معه على الأقل في معايير الانتماء إلى البشرية، وإلى عالم مشترك يفرض التعامل والتفاعل ولو في الحد الأدنى، {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم}.

وإذا كان الإسلام قد حضَّ على التعارف والتلاقح، مع احترام خصوصية الانتماء والمعتقَد، فإن بعض القادة السياسيين الفرس والأتراك اعتبروا أن الإسلام سَحَب من تحت أقدامهم بساط الحكم، وأجهز على مظاهر الاستعباد، ورسم ملامح مصارع الاستبداد.

وفي هذا السياق يمكن الجزم بأن الحقد الفارسي التركي على العرب هو، في أصله وجوهره، تأسيس سياسي تم تنزيله عموديًّا من الطبقة السياسية إلى الطبقات الاجتماعية، ثم أفقيًّا حين عملت نفس الطبقة السياسية على ترسيخه بين مكونات المجتمعات الفارسية والتركية، ومن أجل ذلك عمد الطرفان إلى استخدام مجموعة من “الأدوات والوسائل” من أجل تحقيق هذه الرؤية العنصرية وترسيخها في اللاشعور الجماعي للفرس والأتراك.

اجتهد الأتراك والفرس في تسميم النص الديني من أجل توجيهه لخدمة الطرح العِرقي، وهنا تمت أخطر عمليات سطو على التدين الفطري للمسلمين، من خلال اختراق الفرس للمذهب الشيعي، وتوجيه أقلام مشبوهة للتقوُّل على أئمة أهل البيت الكرام، وبالموازاة مع ذلك قام الترك بتشجيع بعض الفرق الصوفية من أجل تجميل صورتها في المجتمع الإسلامي، وهو التكتيك الذي خدم الترك والفرس على اعتبار أن بعض الفرق الصوفية كانت بمثابة القنطرة المؤدية إلى التشيُّع وخنجرًا ضرب وحدة الإسلام السُّني الأصيل.

لقد تمكَّنت العقيدة العنصرية الاستعلائية من العِرق الفارسي، وتحوَّلَت كراهية العرب إلى جزء من ثقافته الشعبية، والتي تصوِّر له “العربي في الصحراء يأكل الجراد، مثلما يشرب كلب أصفهان المياه المثلجة”، ولا تزال الثقافة الإيرانية المعاصرة تحطُّ من قَدْر العرب، وتحقر صورتهم في التعليم المدرسي والجامعي، والحكم والأمثال الشعبية، والصحافة والإعلام، بل والموسيقى، والغناء، والمسرح، والفن.

على الجانب الآخر رسخ الأتراك لصورة ذهنية نمطية للعرب، والتي تم إقحامها قسرًا في كتب التاريخ المدرسية، ولذلك نجد أن مناهج التاريخ المدرسية في تركيا تصوِّر العرب بأنهم “خائنون” “لا يهتمون بنظافتهم”، كما أن المجتمعات العربية يهيمن عليها الذكور، ولا تحترم المرأة، ويستخدم الأتراك وصف “البدو” كوصف سلبي في الإشارة إلى العرب، فضلًا عن تصويرهم بالعداء والنهب والقمع.

تحوَّلَت كراهية العرب إلى جزء من الثقافة الشعبية الفارسية والتركية.

ولعل هذه الصورة السلبية التي رسمها الأتراك (كسلطة سياسية) حول العرب تصطدم بالحقائق التاريخية التي تؤكد بأن الإسلام الذي حمله العرب إليهم هو الذي شكَّل الأسس الحضارية والسياسية التي قامت عليها الدولة العثمانية، وهنا “توضح المجلة الأمريكية للدراسات التاريخية كيف أن الإسلام هو الجسر الذي عبَرت عليه الجماعات البشرية التركية، إلى حيث التبلور والرشد، والشعور بالرسالة التاريخية التي ترجمتها إلى بناء دولة وبلورة حضارة”.

إن أصل الصدام التركي-العربي يعود إلى إحلال ثقافة الانتقام بدل ثقافة الاعتراف، وعقيدة التوسع بدل فضيلة التوحد، وبالتالي ترسَّخَت فكرة التوسع على حساب نفي الآخر، ولو استدعى الأمر الارتكان إلى النص الديني الذي كان في أصله نبراسًا للوحدة الدينية، ليتحول إلى أداة وظيفية تم استغلالها لإخضاع أقوام كانوا سببًا في خروج الترك والفرس من ظلمات الجهل إلى نور وهدي الإسلام.

ولعل السؤال الذي يجب أن يجيب عليه العرب من مراكش إلى البحرين مرتبط بالسبب الذي جعل العِرق أداة للضبط والربط الفارسي-التركي، في حين لم ينفع الانتماء العربي في توحيد أمة اجتمع لها ما لم يجتمع لغيرها، فكيف إذًا لأمة هَرَمُ سكانها قاعدته شابة، ويمتلك أكبر احتياطات الطاقة والنفط، وأعزَّه الله بنعمة الإسلام وبهدي خير الأنام، ولغةٍ واحدة، ألا يقود قاطرة البشرية وقد أعزَّه الله واختاره لرسالته دون غيره.

إن البيئة الإستراتيجية الدولية تفرض التوجه نحو الأقطاب السياسية والاقتصادية والتكتلات الاقتصادية، وذلك حتى يكون الصوت العربي مسموعًا ومدويًا في المنتديات الدولية والتنظيمات الإقليمية، ويجب التصدي الحقيقي للتزييف في الشأن التاريخي، الذي يمارسه الشعوبيون من فرس وترك.

  1. حسين مجيب المصري، صلات بين العرب والفرس والترك (القاهرة: الدار الثقافية للنشر، 2001).

 

  1. جويا بلندل، صورة العرب في الأدب الفارسي الحديث (دمشق: قدمس للنشر والتوزيع، 2007).

 

  1. سيار الجميل، العثمنة الجديدة.. القطيعة في التاريخ الموازي بين العرب والأتراك (بيروت: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2015).

الفرس والترك

لم يستطيعوا التخلص من ثقافة العرب.. لغةً وهويَّة

من أطرف المشاهد التي نقلتها شاشات التلفاز مشهد استقبال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للرئيس الإيراني الأسبق حسن روحاني، حين تبادلَا السلام باللغة العربية، وسألا بعضهما: كيف الحال؟ وأجاب الأخير: بخير والحمد لله، كانت تلك الكلمات الترحيبية باللغة العربية وهما أعجميان لا يُجِيدان فَهْمَ بعضهما بلغتهما الأصلية، فالعربية هي لغة القرآن الكريم، واللغة الوحيدة المحافِظة على مفرداتها ومشتقاتها.

لماذا بلاد فارس (إيران حاليًّا) لا تتحدث باللغة العربية رغم أن المسلمين فتحوها في نفس وقت فتح مصر تقريبًا؟ ولماذا إيران تمنع اللغة العربية في الأحواز؟ ولماذا تحارب اللغة العربية في مناهجها الدراسية، وتفرض شعوبية مقيتة وهي تستخدم الحروف العربية في الكتابة حتى اليوم؟ بالفعل إنه أمر محيِّر ومثير للكثير من الأسئلة لفهم العقلية الفارسية المشبعة بالعنصرية، والشعوبية منذ القِدَم وهم يسعون إلى تشويه صورة الحضارة العربية.

الشعوبيون اليوم يكرهون العرب مثل أسلافهم، ولكنهم يدَّعون الإسلام، ويتناسون أن الإسلام كدينٍ إنما أُرسل على يد رجل من العرب؛ فرسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم عربيٌّ، وكتابه القرآن الكريم نزل بلسان عربي مبينٍ، وناشِروه في أصقاع الدنيا عربٌ، و”الفرس” و”الترك” إنما دخلوا الإسلام عن طريق العرب، فلماذا هذا الجحود للعرب الذين كان لهم الفضل على كل شعوبي؟

"العربية" مصدر قلق في الفكر الشعوبي الفارسي والتركي.

أما الأتراك فهم عنصريون إلى حد كبير، وينظرون لغيرهم بطريقة فيها من التعالي الكثير، على الرغم أنه تعالٍ مفتعَل لا مبرر له نهائيًّا، باعتبار أن العُقدة التي تحاصرهم بكونهم جاؤوا مماليك للعرب في البداية خلال عصر الدولة العباسية، الترك لا يتحدثون إلا اللغة التركية فقط، رغم أنهم يدَّعون أنهم مسلمون ولغة القرآن عربية، ما سبب ذلك؟ هل يحاربون العروبة أم الإسلام؟ وقد يقول قائل: إن بعض سلاطين الترك تعلموا العربية وتحدثوا بها، ولكن هل جعلوها لغة الديوان والقصر؟ وهل احترموا لغة القرآن وأهلها؟ فاللغة العربية شرفتهم ودعمتهم، ولكن تأبَى العنصرية والشعوبية أن تفارقهم، والشواهد التاريخية كثيرة على محاربة الترك للغة العربية، ولعلها برزت أكثر في أواخر القرن التاسع عشر عند صعود حزب الاتحاد والترقي، الذي حارب اللغة العربية بشراسة، حتى ألغى الأذان باللغة العربية وتم تحويله باللغة التركية، وغيَّر حروف اللغة التركية من الحروف العربية إلى اللاتينية، وظلَّت اللغة العربية حتى الآن تحارَب في تركيا الحديثة، ولعل المناطق العربية المتاخمة للحدود السورية، ومعظم سكانها عرب لا يتمكَّنون من الدراسة والعمل وممارسة أعمالهم إلا من خلال اللغة التركية الحديثة. 

بالرغم من اختلاف اللغة الفارسية والتركية في كثير المصطلحات والنطق، إلا أن هناك كلمات كثيرة مشتركة في معاجمهم وقواميسهم، فالتشابه في اللغة تبعه أيضًا تشابه آخر في محاربة اللغة العربية بشتى الطرق، فهل هناك تحالف غير مُعلَن من كلا القوميتين ضد العربية؟

  1. أحمد أمين، ضحى الإسلام (المملكة المتحدة: مؤسسة هنداوي، 2017).

 

  1. زاهية قدورة، الشعوبية وأثرها الاجتماعي والسياسي في الحياة الإسلامية في العصر العباسي الأول (بيروت: دار الكتاب اللبناني، 1972).

 

  1. عبد الله السامرائي، الشعوبية حركة مضادة للإسلام والأمة العربية (بغداد: د: ن، 1984).

 

  1. محمد جميل بيهم، الحلقة المفقودة في تاريخ العرب (القاهرة: شركة مكتبة ومطبعة مصطفى الحلبي وأولاده، 1950).
تشغيل الفيديو

أجمع الفرس والترك

على كراهية العرب الذين عاملوهم بالدين ومكارم الأخلاق

قُدِّر على العرب أن يعيش على تخومهم أمتان مناهضتان ثقافيًّا، وطوال 1400 عام مع الفرس، وألف عام تقريبًا مع الترك، لم تزَل النظرة الاستعلائية والعنصرية المفتعَلة التي رأى بها الفرس والأتراك العرب قائمة، ففي نظرهم في نهاية الأمر أن العرب مجرد أمة بدوية لا تستحق رسالة الإسلام.

وقُدِّر على العرب أيضًا أن يتجرعوا الكراهية والعنصرية والتعالي، ويتعاملوا بدينهم ومكارم أخلاقهم العربية، فلا يمكن لأي باحث حصيف أن يجد في الأدبيات العربية ما يؤسس لكراهية الشعبين الفارسي أو التركي، بينما العكس صحيح، وجولة في كتب التراث أو المناهج الدراسية للترك والفرس تكشف حجم البغضاء التي تخرج من أفواههم.

يُجمِعون على الكراهية:

إذا وُجد أكثرُ قاسم مشترك بين الترك والفرس فهو كراهية العرب واحتقارهم وتمنِّي زوالهم، بل والتنسيق لإبقائهم خارج سلم الحضارة، ولعل المزاج الشعبي والفلكلوري التركي والفارسي يحملان سمات متشابهة في نظرتهم للإنسان العربي، وتحميله ذنوبًا لم يرتكبها في حقهما، بل وحتى التأخر والسقوط السياسي والحضاري حمَّلوه للإنسان العربي.

الفرس يرون أن هزيمتهم في معركة القادسية أدَّت بهم الى التراجع حضاريًّا، ودخولهم في مرحلة الصمت التي توصف –حسب زعمهم– بالصمت الطويل الذي استغرق 200 عام، منذ القادسية وحتى 250 للهجرة، ويفسرونه بأنه تسلُّط الثقافة العربية وطغيانها في بلاد فارس بعد دخول الإسلام، ويعتقدون أنه دفعهم ثقافةً ومعمارًا ومجتمعًا للدخول في صمت طويل خوفًا من العنصر العربي.

الترك أيضًا يرون أن العرب خانوهم وطعنوهم في خاصرتهم بإعلانهم الاستقلال ببلدانهم عما يسمى السلطنة العثمانية، التي أتت بعد احتلال متفرق تجاوز في مجمله أكثر من أربعة قرون، سادها التأخر والتجهيل والتتريك، وإذا كان مِن مُخاصم أو معاتب أو متضرِّر فهم العرب الذين تأخَّروا فعليًّا في التطور الحضاري بسبب الاحتلال العثماني لبلدانهم، وتوجيه التعليم وأدوات التحضر إلى البلاد التركية الأصلية في الأناضول، مدنًا وقرى، بينما أُهمِل العرب أيَّما إهمال.

لم تكن كراهية العرب في وجدان الإنسان العامي الإيراني والتركي مصادفة أو مجرد آراء شعبوية عابرة، بل ثقافة شعوبية واستعلائية ممنهجة ومترسخة، حوَّلها رجال السلطة والمثقفون إلى ممارسة يومية في الشارع، وتجري على الألسنة.

على سبيل المثال حرص المثقف الإيراني على ملء تدوين كراهية الإنسان العربي واصفًا إياه بالبدوي آكل السحالي، الذي تجرأ على الحضارة الساسانية، وما نجده في التراث الفارسي الإيراني هو جزء من مخطط طويل وراسخ في العقل الإيراني لإفشال العرب وإعادتهم إلى الصحراء مجرد بدو هائمين.

شعوبية الفرس والترك ممنهجة ضد العرب.. تسير وفق تربية وخطط وتعليم.

إن أي مُنصف يراجع المنشور من الأدب الفارسي، سواء كان المعاصر أو المتقدم منه، يجد أن التراث الفارسي قائم على كراهية العربي وإرثه، وكل ما يأتي منه دون غيره من الأعراق الأخرى المحيطة ببلاد فارس، وبنظرة سريعة لبعض الألفاظ الاستعلائية في الأدب الفارسي تجاه الإنسان العربي، نجدها لا تخرج عن الموبوئين القذرين البشعين الأغبياء، ذوي الجلود السوداء.

وعند الأتراك نجد تشابهًا في الكراهية والتعالي، فهم يصفون العرب بالشحاذين (ديلنجي عرب)، والمصريين بـ (كور فلا) أي الفلاحين الأجلاف، كما أن كلمة (يس عرب) تعني: العربي القذر، وألصقوا كل ما هو متدنٍّ بالعرب، فعرفوا الرقيق والعبيد والحيوانات السوداء بلفظ “عربي”، أما أشهر عباراتهم فهي عرب خيانات، أي: العربي الخائن.

هي ليست ألفاظًا عابرة أو تعريفات وقتية، فما قيل قبل ألف عام في فارس والأناضول التركية لا يزال يتردد صداه لليوم ضد العرب، ومنه تنطلق الحملات والسياسات، ومنه تخرج المواقف الصلبة والمضادة لكل ما هو عربي، إنها قواسم مشتركة وترسبات ثقافية عميقة تتجذر في العقل والوجدان التركي والفارسي، تقودهم إليها نظرة غير محقة وعنصرية فاشية، لا يمكن أن تحفز الشعب إلى التسامح، بل تخلق حالة من العداء المستدام والمشترك ينطلق من سهول الأناضول وخراسان إلى الفضاء العربي.

العرب وحدهم مَن يوصفون بألفاظ عنصرية:

بالرغم من أن الأتراك والفرس يقفان حاجزَين جغرافيَّين بين العرب وغيرهم من الشعوب، إلا أن الأتراك والفرس ركزوا فوقيتهم وعنصريتهم للإنسان العربي، حتى الإسلام الذي جاء على لسان عربي وأُنزل على نبي عربي لم يَسْلَم منهم، وحمَّل البعض منهم الإسلام مسؤولية تأخُّرهم، وحاولوا استلابه من عروبته وتفرسيه تارة وتتريكه أخرى.

يشرح المفكر الإيراني الأستاذ في جامعة طهران صادق زيبا العلاقة الإيرانية بالعرب قائلًا: “أعتقد أن الكثير منا –يقصد الإيرانيين- يكرهون العرب، للأسف الشديد الكثير منا كفرس عنصريين!”، ويضيف “الكثير من المثقفين الإيرانيين يُبغضون العرب، والكثير من المتدينين ينفرون منهم، إلا أن هذه الظاهرة أكثر انتشارًا وحِدَّة بين المثقفين الإيرانيين”.

الروائي صادق جوباك يرى “العربي” منافقًا ودميمًا ومتوحشًا، ويعتبر أن “النفاق السامي” – نسبة الى عِرق الساميين- دمَّر الذات الإيرانية وهزمها، ويُمرِّر عبر نصوصه أمثلة كهذه: “عليك أن تحترس في البصرة وتحرص على أغراضك هناك، فحالما تدير وجهك يسرقك العرب، ليس هناك من لصوص أسوأ من العرب”.

أما في “الشاهنامه” نفسها، وهي أُمُّ التراث الفارسي، فقد وصل الانكشاف الحاقد على العرب إلى حد الاحتجاج على “الرب المقدس” في عُلاه بعد هزيمة أجداده الفرس أمام العرب قائلًا: “لقد بلغ الأمر بالعربي ممن شرب لبن الإبل، وأكل الضباع للطموح إلى تاج الكيانين.. فأُفٍّ لك يا فلك السماء”.

استهداف العرب في الثقافة الفارسية ينكشف في إطلاق كلمات ومفردات بشعة، تدور أغلبها في التالي: لصوص، قُطَّاع طرق، وحوش، غرباء، آكلو السحالي، متطفلون، مدمرون، متخلفون بلا حضارة، قادمون من الصحراء، أعراب، متوحشون، قساة، متعطشون للدماء، موبوءون، قذرون، بشعون، وأخيرًا أصحاب الجلود السوداء.

وهو أمر لا يختلف عند الأتراك؛ إذ تقول الدكتورة هند أبو الشعر، في محاضرة نقلها عنها كتاب النهوض العربي ومواكبة العصر: “إن الصورة النمطية عن العرب في الكتب المدرسية التركية تحتاج إلى مراجعة واعية؛ لأن الصورة الحالية لا تخدم العلاقات المستقبلية”، وهنا تلخص أبو الشعر حالة كراهية ممنهجة يتم زرعها في النشء التركي، فكيف سيتعامل وكيف سينظر شاب تركي إلى العالم العربي، وهو ناشئ طوال حياته الدراسية على مناهج تطبع فيه كراهية العرب، وتحمِّلهم مسؤولية خسارة أمَّته لموقعها السياسي والعسكري، كما أن القوميين الأتراك ذهبوا إلى ربط سبب تأخُّر الدولة العثمانية والأتراك بالتراث الإسلامي، الذي أخذه الأتراك ونقلوه عن العرب، وشرعوا بإلغاء وحظر المظاهر الإسلامية من الفضاء العام، التي رأوها مرتبطة بالتأخر، إن مثل هذه الإشارات ليست عابرة، بل هي ترسيخ للتعالي والكراهية لا يمكن أن تُزال إلا عبر مشروع يستمر لعقود.

  1. جويا بلندل، صورة العرب في الأدب الفارسي الحديث (دمشق: قدمس للنشر والتوزيع، 2007).

 

  1. خالد بشير، كيف ينظر الفُرس إلى العرب؟ موقع حفريات (8/1/2020)، على الرابط: https://2u.pw/Zsk0xKf.

 

  1. مجموعة مؤلفين، النهوض العربي ومواكبة العصر، مراجعة: صلاح جرار (د.م: المؤسسة العربية، د.ت).

 

  1. نبيل العتوم، صورة العرب في الكتب المدرسية الإيرانية.. دراسة استقصائية علمية (عمَّان: مركز أمية للبحوث والدراسات الإستراتيجية ودار عمار للنشر، 2015).