باعوا النسب الشريف
بعد أن فشلوا في مجاراته والانتساب إليه
لم يكتف إسماعيل حقي إزميرلي الأستاذ بجامعة إسطنبول بالاستدلال التاريخي الخاطئ عن نسب الرسول صلي الله عليه وسلم، بل استند إلى فرضيات غير منطقية، منها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف في سرادق تركي ما يدل على حنين النبي صلى الله عليه وسلم إلى أصله، وهذا لا علاقة له بالحنين إلى الأصل، وإنما هو أمر شخصي خاص بالنبي عليه الصلاة والسلام، ثم إن إزميرلي يردد افتراضات واهية تتعارض مع الحقائق العلمية ولا تحتاج إلى أدلة أو براهين تثبت صحتها.
رددوا افتراضات متعارضة مع المنطق والعلم والمعرفة بالتاريخ والأنساب.
ويشذ أزميرلي في التأويل أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يذكر مناقب الأتراك، ويقول: “اتركوهم ما تركوكم”، ويخرج هذا الحديث لإبراز محبة النبي صلى الله عليه وسلم للأتراك بسبب اتصاله العرقي بهم، بينما لا يتضمن الحديث أي منقبة للأتراك، بل هناك أحاديث تؤكد أن الترك هم الأعداء، وأنهم سيتقاتلون مع المسلمين في ملحمة آخر الزمان، ففي حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى تُقاتِلُوا قَوْمًا نِعالُهُمُ الشَّعَرُ، ولا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى تُقاتِلُوا قَوْمًا كَأنَّ وُجُوهَهُمُ المَجانُّ المُطْرَقَةُ. [وفي رِوايةٍ]: صِغارَ الأعْيُنِ، ذُلْفَ الأُنُوفِ، كَأنَّ وُجُوهَهُمُ المَجَانُّ المُطْرَقَةُ” (صحيح البخاري: 2929). وشرح الحديث: “يُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن عَلامةٍ مِنَ العَلاماتِ التي تَكونُ قبْلَ قيامِ الساعةِ؛ وهي أنَّ المُسلِمينَ سيُقاتِلونَ قَومًا نِعَالُهمُ الشَّعَرُ، يَعني أنَّهم يَصنَعونَ نِعالَهم مِنَ الشَّعَرِ، أو أنَّهُم يُطِيلُونَ شَعَرَهم حتَّى تَصيرَ أطرافُه عِندَ أرجُلِهم بمَوضِعِ النَّعلِ مِن طُولِه. ومِن صِفةِ هؤلاء أيضًا: أنَّ وُجُوهَهم كالمَجَانِّ المُطْرَقَةِ، والمَجانُّ هي التُّروسُ مِنَ الجِلدِ، التي تُستَخدَمُ في اتِّقاءِ ضَرَباتِ السَّيفِ في الحَربِ، والمُطرَقةُ: الغَليظةُ التي رُكِّبتْ طَبَقةً فَوقَ أُخرى، والمُرادُ: أنَّ وُجوهَهم غَليظةٌ مُستَديرةٌ كَثيرةُ اللَّحمِ. ومِن صِفَتِهم أنَّهم صِغَارُ الأعْيُنِ، وذُلْفُ الأُنوفِ، أي: في أُنوفِهم قِصَرٌ مع استِواءِ الأرنَبةِ وغِلَظِها. وهي أوصاف التُّرك والتَّتارِ والمَغولِ”.
يقابل تزييفات النسب العربي الشريف؛ ممارسة بعض المحسوبين على النظام التركي التلاعب بالأنساب والمتاجرة بها؛ فلأسباب مادية بحتة عمد بعض المسؤولين في وزارة الشؤون الدينية بيع العديد من الوثائق التاريخية المحفوظة عندهم، والتي تزيد على عشرة آلاف وثيقة، استعملت هذه الوثائق المشتراة في أعمال لا أخلاقية، حيث استخدمها المرتزقة وضعاف النفوس من الأتراك في إعطاء وإثبات نسب شريف إلى النبي صلى الله عليه وسلم لمن يدفع مبلغًا من المال يتراوح بين 3000-5000 دولار أميركي.
قالوا: النبي اعتكف بسرادق تركي لأنه يحن إلى أصله.
هذه المتاجرة بالأنساب وتزييفها تعد جريمة أخلاقية وإساءة في حق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالطعن في الأنساب جريمة أخلاقية ودينية من كبائر الذنوب ومن نواقض العدالة وهذا ما انتهجه بعض الأتراك في تزييف التراث والوثائق حتى غدا بهم المقام إلى نسب أناس لا يمتون للنسب الشريف بصلة؛ من أجل المال، فما فعلوه يعد خيانة وكذبًا وتدليسًا لا يرتكبها إلا أراذل الخلق.
1. محمد ناصر الدين الألباني، السلسلة الصحيحة (الرياض: دار المعارف، د.ت).
2. فؤاد حمزة، وصف تركيا الكمالية (بيروت: دار الجديد).