مجدوا نسلهم وغيروا أسماءهم..

التركيون..
تبرؤوا من كل ما هو عربي

ظاهرة العداء للعرب والحقد عليهم أضحت بادية في الممارسات الرسمية، فمن مظاهر ذلك العداء سياسة التتريك ورفض كل ما يَمُتُّ للعرب بصلة؛ فقاموا بتغيير الأسماء فيما بينهم، إذ غُيّرت الأسماء العربية إلى أسماء تركية صِرفة، وجرى تغيير بعض الأدعية العربية وتحويلها إلى أدعية خاصة بهم.

اهتم الرئيس أتاتورك شخصيًّا بإقصاء العربية وإبدالها بالتركية

أيضا عمد الأتراك إلى طمس العرب وتجاهلهم وإقصائهم، ويؤكد ذلك قيام الجهات الرسمية التابعة للاتحاديين بمحاربة اللغة العربية وآدابها، فعملت على نشر الكتب التي تدعم التوجه القومي التركي، كما سعت إلى فرض تدريس التاريخ الطوراني، وتمجيد نسل الأوغوز، ومنظّرين للزعم القائل بأن الأتراك أعظم أمة على الأرض، لذلك اختيرت لقيادة العالم وسيادته، مما جعلهم يصنعون ملامح أدبية لثقافتهم الطورانية، من خلال استدعاء تاريخ أجدادهم.

استشرى الحراك العنصري ضد العرب في الدوائر الحكومية التركية، فقام الاتحاديون بطرد المستشارين العرب في الحكومة العثمانية في عهد عبد الحميد الثاني، ومنعوهم من الدخول في النخبة المركزية لجمعيتهم (الاتحاد والترقي)، وأصبح الأمر للترك وحدهم، فعزلوا جميع الوزراء العرب عدا وزارة الأوقاف التي أبقوها للعرب، ولم تدم طويلًا حتى انتزعوها للأتراك.

عملوا على نشر الكتب التي تدعم التوجه القومي التركي

بعد ذلك قام الاتحاديون بتتريك جامعة إسطنبول حيث عينوا (شمس الدين كون آلتالي) أستاذًا للتاريخ فيها، لأنه عُرف بشدة نفرته وعدائه من العناصر غير التركية، وتمسكه بتركيته، وقد ألف في التاريخ التركي الشرقي كتابه الذي أطلق عليه (من الماضي إلى المستقبل). 

تطور الأمر وأصبحت السلطات العليا في الدولة التركية تقرر سابقة خطيرة تجاه التراث العربي، فقد قرر المجلس بعد سماعه خطاب رئيس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك، حين افتتح دورة المجلس الجديد، بأن يجعل استعمال الحروف اللاتينية إجباريًّا بعد مرور مدة معينة، ثم قاموا مباشرة بطباعة الكتب المدرسية بالحروف الجديدة، وطُلب من الدوائر الرسمية أن تكتب تقاريرها وتجري معاملاتها بالحروف الجديدة، على أن يوقف العمل بالحروف القديمة.

جرى تشكيل المجمع اللغوي التركي ليكون الطعنة الأخيرة الغادرة في التراث العربي في تركيا، فقد نشر الكاتب التركي (روشن أشرف أون آيدن) سفير تركيا في لندن، كتابًا ضمنه ذكرياته عن كيفية تأسيس جمعية تدقيق اللغة التركية، حيث ذكر المؤلف أنه دُعي إلى قصر رئيس الجمهورية مصطفى كمال أتاتورك في مساء يوم 11 يوليو 1932م، فوجده مجتمعًا بأعضاء جمعية التاريخ التركي، وبعد أن انتهى أتاتورك من البحث في المواضيع التاريخية التفت إلى الحاضرين، وقال لهم: الآن وقد انتهينا من أعمال المؤتمر التاريخي فإنني أرى أنه قد حان الوقت للتفكير حتميًّا في موضوع لغتنا، وأقترح أن ننشئ جمعية جديدة اسمها جمعية تدقيق اللغة التركية، مهمتها العناية بالشؤون اللغوية من حيث الاشتقاق والتصريف وأصول اللغة ووضع الاصطلاحات ومسائل الإعراب. 

اهتم الرئيس أتاتورك شخص يا بإقصاء العربية وإبدالها بالتركية

عقدت جمعية تدقيق اللغة أربع مؤتمرات لغوية كبيرة رأسها رئيس الجمهورية شخصيًّا كمال أتاتورك، عام 1932م، كان هدفها طمس اللغة العربية لغة القرآن الكريم، والعمل باللغة التركية لتكون اللغة الرسمية للدولة، وأن تجري معاملات الدولة باللغة التركية بدلًا عن العربية، فكانت جمعية تدقيق اللغة التركية مظهرًا عنصريًّا من مظاهر العداء والحقد لكل ما له علاقة بتراث العرب وثقافتهم، حتى أن الصحفيين الأتراك لجأوا إلى تنقيح اللغة التركية من المفردات العربية”. 

بالتأكيد أن كمية حقد الأتراك على العرب استدعت اهتمام رئيس الجمهورية التركية كمال أتاتورك شخصيًّا بالجمعية وحضوره لقاءات وأعمال ومؤتمرات الجمعية من أجل اللغة التركية وطمس العربية لغة القرآن الكريم، وهذا يؤكد مدى كَمِّ الحقد والكراهية من الأتراك على العرب.

1. فؤاد حمزة، وصف تركيا الكمالية (بيروت: دار الجديد، 2013). 

2. مذكرات سليمان فيضي وباسل سليمان، ط3، (بيروت: دار الساقي، 1998).

3. نعيم اليافي، وخليل الموسى، نضال العرب والأرمن ضد الاستعمار العثماني، (دمشق: دار الحوار للنشر، 1995).