أمينة أردوغان
و"الحرمــــــــلك"
كان سلاطين بني عثمان حريصين على استرضاء الدول الغربية من خلال إقامة علاقات شتى معهم، ومنحهم الامتيازات غير المحدودة التي أضرَّت بالدولة العثمانية نفسها، وفي مقابل ذلك ينتهكون الحريات الإنسانية في العالم الإسلامي، ويسخّرون الطبقة الدونية للخدمة، ونزع أي تعاملات تحافظ على آدميتهم.
يذكر أكمل الدين إحسان أوغلي بأن السلطانة الوالدة، وهي أم السلطان الحاكم في الدولة العثمانية، كانت تأتيها إيرادات من أماكن شتى في الإمبراطورية من ريع الخاصة السلطانية باسم “باشمقلِق” ومخصصات أخرى صيفية وشتوية.
كما كانت الهدايا التي تأتيها من الدول الأجنبية ومن رجالات الدولة العثمانية تعدِلُ مقداراً كبيراً، وتعدُّ صاحبة سدة الحكم “خاتون” الأكثر نفوذاً، كما كانت لها علاقاتها الداخلية والخارجية داخل الحرم الهمايوني .
فالأمر يُستغرب إذا كان الحرملك ذا خصوصية عالية جدًا، ويكتنفه الغموض في التعاملات، فما السبب في أن لوالدة السلطان ذلك النفوذ الخارجي، لا سيما أن قتل الإخوة المنافسين للسلطان، والأبناء كانت من المهمات التي تنجزها صاحبة النفوذ.
ويذكر أوغلي بأن بعضًا من السلطانات مثل (نور بانو) و(صفية) وكذلك (كوسم ماه بيكر) نماذج سيئة؛ لأنهن استخدمن نفوذهن بما جلب الضرر على الدولة؛ لأنهن تدخلن في السياسة، فكيف يمكن أن يتوافق هذا الرأي مع الرأي السابق عندما ذكر مصادر الأموال وأهمية نفوذ الوالدة في العلاقات الخارجية.
أما الأمر الأكثر عجبًا فهو رأي أمينة أردوغان، حرم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في نظام “الحرملك” والذي اعتبرته مؤسسة تعليمية أعدّت النساء للحياة.
كان ذلك الرأي في أنقرة في اجتماع رسمي عن السلاطين العثمانيين، وأكد عليه صاحب السلطنة الوهمية أردوغان الذي قال: إن المرأة هي “أم في النهاية”، في حديثه بمناسبة اليوم العالمي للمرأة.
والسؤال الآن إن كان أردوغان يرى ذلك، وحرمه ترى أن الحرملك نظام تعليمي، فماذا لو كانت أمينة أردوغان ضمن نساء الحرملك، وكيف حالها إذا وقعت تحت سيطرة الوالدة باشا ونفوذها، هل تستطيع أن تتظاهر بالرضى داخل ذلك التنظيم، وكيفية التعاملات مع المحظيات أو الجواري ومدى تدني مستوى السلوكيات لأن الغالبية العظمى تطمح للوصول إلى أعلى المراتب دون النظر إلى الوسائل، فالغاية تبرر الوسيلة حسب المعتقد السائد.
وخلال الحكم العثماني، كان أفراد العائلة الملكية، والخدم، والمحظيات يعيشون جميعا فيما كان يعرف باسم “حرملك السلطان”.
لقد كان السلطان العثماني يقضي وقته العائلي في الحرملك، حيث تقيم زوجاته، وبقية نساء العائلة، والمحظيات اللاتي كان يصل عددهن أحيانا إلى مئات النساء.
وقالت قرينة الرئيس التركي إن الحرملك كان بمثابة مدرسة لأعضاء العائلة الملكية العثمانية. وأشارت إلى أن الآثار التي تركتها النساء في تاريخ حرملك الإمبراطورية العثمانية الذي يصل إلى ستة قرون، يمكن أن تمثل “مصدرا للإلهام”. عن أي إلهام وصل بها الخيال؟!!
كان هناك حرملك مخصص للسلاطين العثمانيين في قصر توبكابي في إسطنبول، وقد تحول إلى متحف منذ 1924م. والأجدر أن تنظر إليه حرم السلطان أردوغان على أنه متحف لأن واقع الحال فيه كان غامضاً مريرًا.