عقيدة أردوغان السياسية تجاه الأكراد!!

تعتمد عقيدة أردوغان السياسية تجاه الأكراد على ثلاثة محاور رئيسة؛ التهميش السياسي، البطش العسكري، الاتهام بالإرهاب، فأردوغان مثله مثل كل حكام أنقرة ومن قبلها إسطنبول،  لا يرى الأكراد شعبًا ومكونًا من مكونات الدولة التركية أبدا، بل يراهم مجمعات بشريةً قُدِّر لها أن تعيش في مصادفة تاريخية داخل الإقطاعية التركية التي تتحكم في مصير هذا الشعب الذي يتوق للاستقلال وإنشاء دولته الكردية الحرة من غرب إيران إلى البحر الأبيض المتوسط.

أردوغان بهذا التوجه السياسي يحاول التحلل من فواتير العلاقة مع الأكراد بكونهم شعبًا له حقوقه وأحلامه وشخصيته المستقلة، باحث عن حكم ذاتي في حده الأدنى، في العلاقة مع تركيا وبقية الدول التي تحتل أجزاء من أراضيهم التاريخية.

الأكراد في نظرتهم إلى حقوقهم ومطالبتهم الدائمة بها، ينطلقون من كونهم شعبًا أصيلاً يسكن مناطق “ديار بكر” موطنهم الأصلي، منذ آلاف السنين، ومن حقه أن يحكم أرضه ويستخدم لغته ويتعايش مع  جيرانه الآخرين ندًا لند، وليس شعبًا ثانويًّا أو محتلاًّ، بينما الشعب التركي طارئ على الإقليم وعمره لا يتجاوز 900 سنة بعدما قدم من أسيا الوسطى بانيًا سلطنته العثمانية على آثار الدم والقهر والقتل والاحتلال.

وعَوْدًا إلى عقيدة أردوغان التي تستند في أساسها على الإرث العثماني في التعامل مع الأكراد بعد الاستيلاء على أراضيهم وثرواتهم وتهميشهم المستمر خلال عهد السلطان العثماني سليم الأول 1514م، وحتى اليوم.

فالعثمانيون أسلاف أردوغان استهدفوا الأكراد، مثلهم مثل بقية الشعوب التي احتلوها “الأرمن والعرب والبلغار واليونان”، واعتبروهم من مكاسب الحروب، وجعلوهم في طبقة متدنية أمام العرق التركي.

ويعتمد أردوغان في علاقاته مع الأكراد على آلته العسكرية الضخمة في البطش وكسر الإرادة، إضافة إلى قدرته على إخفاء آثار ما يرُتَكب من جرائم التطهير العرقي والإخفاء القسري في القرى والمدن التركية، ملاحقًا الأكراد تحت طائلة الإرهاب، هذه السياسة أنتجت عشرات الآلاف من الضحايا والقرى المهجرة المنكوبة، وشعبًا يعيش تحت الحكم العسكري المستبد.

لقد استخدم العثمانيون الجدد في إخماد المقاومة الكردية كل مخزونهم من المراوغة والألاعيب السياسية، وكذلك توظيف السلاح الثقيل بما فيها الطائرات العسكرية التي قامت بأعمال قصف وتدمير للقرى والمدن الكردية، لا يقوم بها إلا جيش احتلال.

على جانب آخر ولترسيخ كسر الإرادة الكردية، يُمنع الأكراد من استخدام لغتهم الأم أو الكتابة بها، وحرمان الأطفال منها لبناء جيل جديد لا يتحدث ولا يفهم لغته الأم، ومنع الأناشيد القومية ومحاربة الإرث الكردي وقتله تدريجيًّا حتى يأتي اليوم المنتظر عند أردوغان لدفن القضية الكردية حية.

تستخدم الآلة الإعلامية التركية مصطلح الإرهاب الفضفاض لتشويه الأكراد وملاحقتهم في كل بقاع العالم، بعدما هربوا من بطش الأنظمة التركية المتلاحقة، فحزب العمال الكردي على سبيل المثال وهو أحد التنظيمات السياسية التي استخدمت النضال في مواجهة القمع التركي، ومع ذلك أصحبت اليوم ضحية لإسطنبول، وقائد حزب العمال عبد الله أوجلان يقبع في السجون التركية منذ عقدين تقريبًا بعد اختطافه على أيدي الموساد الإسرائيلي لصالح أردوغان.

لاشك أن العقيدة الأردوغانية بذلت المستحيل لاقتلاع النضال الكردي من جذوره وطمس معاناته، وتقديم الأكراد في العالم على أنهم إحدى الأعراق التركية وأن ما يحصل في جنوب الأناضول من مقاومة كردية ليس سوى أعمالاً لمجموعات تخريبية، لكن الحقيقة تقول دوماً  :
إن الكرد أمة لوحدهم لا يمكن تذويبها ولا القضاء عليها، وأن نضالهم من أجل حقوقهم سيبقى ما بقيت النفس الكردية تتنفس هواء جبال  أرزنجان، أرضروم، قارص، ملطية، تونجيلي، إيلازيغ، بينغول، موش، أغري، باتمان، آدي يمان، ديار بكر، سيرت، بتليس، وان، شانلي عُرفة، ماردين، هكاري، شرناق، غازي عنتاب، مرعش، أو كما قال الشاعر ( ستبقى منارا من دم.. يوحي إلى جيـل الكرد البغضاء)، لكل من وقف في طريقهم وحاول القضاء عليهم وبالأخص الحكومة الأردوغانية الحالية.