الثورة الفارسية وإقليم الاحواز
دأبت السلطات الفارسية الإيرانية على ممارسة سياسات ممنهجة؛ لطمس الهوية العربية ضد الأحواز، وصهرهم في بوتقة القومية الفارسية، ومن ذلك منعهم من الأسماء العربية وحرمانهم من التعليم والدراسة باللغة العربية، والتخاطب بها في المؤسسات الحكومية؛ مما أسهم في ارتفاع نسب الأمية إلى أربعة أضعاف، والبطالة إلى ستة أضعاف المعدل العام في إيران، وسط إقصاء كبير للموظفين العرب، وحرمانهم من ارتداء الزّي العربي الأصيل، وفق ممارسة وحشيَّة قمعية لتسطيح الإقليم، والتقليل من شأنه، والتشكيك في انتمائه، والتعتيم على تعداد سكانه، والذي من المرجح حسبما ذكر بعض الباحثين أنه يتراوح بين 10 -12 مليون نسمة، ومن الأعمال العدائية احتكار الوظائف وتوفير المساكن للمُهَجَّرين الفرس، وبناء المدن لتغيير النسيج السكاني مثل مدينة رامين شمال مدينة الأحواز العاصمة، ومدينة شيرين شهر بالقرب من عابادان الحديثة، وبحرمان العرب من كل ذلك، ناهيك عن الحرمان السياسي، والتمثيل الحكومي، والتعتيم الإعلامي، وسياسة القمع والتجويع، والسطو ونهب ومصادرة الممتلكات، والتهجير والإخفاء القسري والإعدامات، كل هذا يعدُّ بعضًا مما يتعرض له الأحوازيون، وغيض من فيض من ممارسات العصابة الإيرانية والمافيا المجوسية، فهل يُسْتَثْمَر هذا القطر الغني، ويُدْعَم للخُطا تجاه الاستقلال والحق في تقرير المصير؛ ليكون شوكة تغص بها الحنجرة الإيرانية المتوسعة.
ومما يميِّزُ إقليم الأحواز بأنه يعدُّ المنفذ البحري للدولة الفارسية، وهو الإقليم العربي المحاذي للعراق، والمطل على شمال الخليج العربي، وخوزستان الاسم المفرّس، بعد أن كان عربيًّا للأحواز، بهدف إخفاء عروبتها، بعد السعي الحثيث للتغيير الديموغرافي، فبعد أن كان العرب يشكلون 98 % من السكان، أصبحوا يمثلون 70 % فقط بحسب المؤرخ الأمريكي وليام سترونغ.
وعربستان باللغة الفارسية، قلبت الحاء فيها هاءً، فأصبحت أهوازًا بدلاً من أحواز، وذلك ضمن سلسلة من محاولات طمس معالمها العربية، أعقبها منع اللغة العربية فيها، والتضييق على أهلها حتى في ملابسهم العربية.
والأحواز العربية غنية بالثروات، خصوصاً النفط، حيث إن 85 في المائة من النفط الذي تبيعه إيران تستخرجه من الأحواز العربية، وهذا يفسر وصف الرئيس الإيراني محمد خاتمي لها بقوله فيها: إيران با خوزستان زنده است. ومعناها إيران تحيا بخوزستان، ولعل هذا يفسر استمرار مطامع إيران في احتلال الأحواز، التي يعيش فيها أفقر شعب عربي تحت الاحتلال الفارسي.
الأحواز أو عربستان، أو الدولة المشعشعية العربية، التي ابتلعتها إيران عام 1925م، والتي عمدت إيران على إقصاء أميرها، وضم الإقليم الغني بالنفط إلى إيران، حيث إن إقليم الأحواز عربي الجذور، وتاريخه وجغرافيته كانتا ضمن دولة حمورابي، ويعود وجود العرب فيه إلى سنة 311 قبل الميلاد، وكان تحت حكم الدول الإسلامية يتبع ولاية البصرة، إلى أن نشأت الدولة المشعشعية العربية، واعترفت بها الدولة الصفوية والخلافة العثمانية دولةً مستقلةً، ثم نشأت الدولة الكعبية (1724- 1925م) وحافظت على استقلالها حتى سقوطها على يد الشاه بهلوي، وهي الحقيقة التي يقفز عليها الجميع للأسف؛ بعضهم نفاقاً لإيران، والبعض تجنباً للمشكلات، بينما في الحقيقة أن الأحواز إقليم عربي خالص وقع في خِضَمِّ النسيان، وذكره العرب قديماً في أشعارهم، ومنهم الشاعر جرير بقوله:
سيروا بني العم فالأحواز منزلكم… ونهر تيري فلم تعرفكم العرب
السلطات الإيرانية عبر السنين تتعامل مع الأحواز العربية المحتلة من الباب الأمني البوليسي، فأشعلت الإعدامات اليومية وتعليق الأحوازيين على أعواد المشانق، واستخدمت الروافع الميكانيكية في ذلك أيضاً لزيادة الرعب والقمع، دون أدنى درجات التقاضي والمحاكمة العادلة، مستخدمة شماعة المندسين والخونة من قاموس خاص للعرق العربي لتسويغ القمع والقتل بدم بارد، فشعبُ الأحواز شعبٌ محتل لا ذنب له سوى أنه عربي مسلم سُني.