أنور باشا
قاتل بملامح "رومانسية"
ولد أنور عام 1880 في إسطنبول، والتحق بالكلية الحربية ليتخرج منها ضابطًا في فيلق “سيلانيك” ثم رئيسًا لهذا الفيلق في تونس، شارك في عملية خلع عبدالحميد الثاني، ليُكافأ بعد ذلك بمنصب “وزير الحرب” بعد انقلاب الباب العالي 23 يناير 1913.
سِجلّ أنور باشا حافل بالإجرام؛ فقد أشاعت سيرته منذ أن استلم الوزارة رائحة الدم الذي سفكه وشارك فيه، ووصف بأنه قائدٌ مستبدٌ، أدار البلاد من موقعه القريب من السلطنة إلى الطريق المؤدية إلى الهاوية، التي هي الأخرى جنت ما صنعته من بيئة لإنتاج المجرمين والمستبدين، فقتلت نفسها بنفسها وبأيدي أبنائها في معادلة يجيد صياغتها التاريخ لمعاقبة مخالفي العدل والمساواة وتحقيق التنمية البشرية وإعمار الأرض.
حماقاته التي أنتجها بطشه بمقتل (20) ألفًا من جيشه بسبب شدة البرد الذي لم يحسب حسابه عندما أراد مهاجمة روسيا من جهة القوقاز، ولا يُذكر أنور باشا إلا وتطل العنصرية بوجهها الأسود ويَرْشح كرهه المتجذر للعرب، فكان يرى من موقعه كوزير حرب بأن الأتراك هم الأولى بقيادة العالم، وما وقعة (سَفَرْ برْلَك) بإجبار الرجال والشباب في الولايات العربية إلى الانضمام إلى الجيش العثماني في الحرب العالمية الأولى 1914 إلا بعضٌ من ويلاتها، حيث قُتل وأُسر الآلاف من العرب الذين جرى تحشيدهم بالقوة في هذه الحرب، ومن رفض الذهاب أُعدم، فشُرِّد كثيرٌ من الأسر.
تلقى الرشوة ليُهاجر 20 ألف يهودي إلى فلسطين
أغرقته أحلامه الديكتاتورية بالدم
كان أنور من أشد المخلصين للماسونية؛ يقول في حديث له مع جمال باشا: “أتعرف يا جمال ما هو ذنبنا الحقيقي؟ وبعد تحسر عميق، قال: “أصبحنا آلة بيد الصهيونية، واستثمرتنا الماسونية العالمية”.
عندما قامت الحرب العالمية الأولى كان أحد الذين استفادوا من الرغبة اليهودية في استيطان فلسطين، فدخل أثناء تلك الحرب (20) ألف يهودي إلى فلسطين بعد أن قدّموا الرشاوي إليه.
بعد الخسارة الموجعة لتركيا في الحرب، فرّ هو ورفاقه إلى ألمانيا ثم إلى روسيا، لينتهي به المطاف مقتولًا في 4 أغسطس 1923.
وفي الفترة التي عاشها بعد هربه كان يسعى لإقامة إمبراطورية تركية تشمل تركستان وأفغانستان، بعد أن عقد اتفاقيةً مع الروسي لينين الذي سعى هو الآخر إلى الاستفادة من أنور في القضاء على ثورة تركستان ضد روسيا.
(1) عبد الوهاب المسيري، موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية، (القاهرة، دار الشروق، 1999).
(2) مذكرات أنور باشا في طرابلس الغرب، ترجمة: عبدالمولى الحرير (د.ن: ليبيا، 1979).
مجلة الهلال، عدد سبتمبر، 2020، القاهرة .
(3) هنري مورغنتو، مذكرات سفير أمريكا في الأستانة، ترجمة فؤاد صروف، (مصر: مطبعة المقطم، 1913م).