"البوسنة والهرسك"
اندلس اخرى أضاعها عبد الحميد الثاني !!
إذا كانت السلطنة العثمانية وصفت في اخر ايامها بأنها “رجل أوربا المريض”، فلم تكن القيادة السياسية في العاصمة إسطنبول التي ارتكبت اكثر الحماقات وأكثرها دموية في تاريخ الشعوب، بعيدة هي الأخرى عن ذلك الوصف، بل ان “العثمانية” تحت ادارة السلطان عبد الحميد أوصلت الدولة الى ارذل عمرها وامتهانها وسرعت في القضاء عليها، بسبب تصرفاتها وطيشها وطريقة تعاملها مع قضايا الشعوب المحتلة التي كانت ثائرة باحثة عن حرية سلبت منها لمئات السنين.
لعلنا نستعرض هنا عدد من الإخفاقات السياسية – المعتمة- والتي لم يتطرق لها الكثير، بسبب الدعاية الكثيفة التي تولاها أنصار العثمانية الجديدة، على الرغم من تكلفتها الباهظة، وثمنها المرتفع، والتي ارتكبها عبد الحميد وسلطته في منعرجات السياسية الدولية.
حماقات زادت وتيرتها بعدما اكتشف ” عبد الحميد” انه سلطنته تتفكك أمام عينيه، واصوات وانين الشعوب المحتلة بدأت تصل الى اطراف قصره ساعية الى التحرر من تحت احتلال دولته.
بلا شك ستبقى “البوسنة والهرسك” لغزا عصيا في تاريخ العثمانيين، وغصة في تاريخهم الحديث، لأنهم – بكل بساطة – هم من فقدها وضيعها وتعمدوا اغفالها من تاريخهم مدركين فداحة ضياعها الى الابد، كيف وقد خضعت البوسنة للحكم العثماني ما يقارب الخمسة قرون، ومع ذلك أضاع عبد الحميد “اندلس الشرق” كما أضاع سلفه بايزيد الثاني “اندلس الغرب”.
كانت البوسنة والهرسك واحدة من اهم الاخفاقات الكبرى في التاريخ السياسي والعسكري للسلطان عبد الحميد، وهي تضاف الى سجله المتعثر والمخجل، بعد فقد فلسطين والتحالف مع الصهيونية العالمية، وبالرغم من فداحة الفقد والالم الذي أصاب البوسنة فيما بعد اثر الحرب الطائفية التي قادها الصرب في منتصف التسعينات الميلادية، الا أن المروجين للثقافة العثمانية والمدافعين عن اخفاقاتها والمبررين لجرائمها يتغافلون عمدا عن قصة سقوط البوسنة ولا يقتربون منها، رغم أهميتها جسرا ونافذة للسلطنة على اوربا، وأيضا حائط صد ضد أطماع الاوربيين.
لم يكن سقوط البوسنة والهرسك وبلاد البلغار “بلغاريا” منفصلا عن الحالة السياسية المهترئة التي اصابت الطبقة السياسية في تركيا العثمانية، والتي دفعت الجميع الى الهروب من السفينة الغارقة، فضلا عن دخول الصرب والجبل الأسود – كما الامم الأخرى – في حالة حرب استقلال بسبب الإرث السيء وتعامل العثمانيين مع شعوبهم.
هذه الأسباب دفعت الدول الأوروبية فيما بعد للتدخل في الازمة التي أعقبت حرب استقلال البلقان، واجبار السلطان عبد الحميد على القبول باتفاقات مذلة تحت ذريعة تحقيق السلام بين الأطراف المتنازعة، تدحرجت حجارة الدومينو العثمانية وتساقطت الأقاليم والبلدات واحدة تلو الأخرى بعد الحرب الروسية العثمانية 1877-1878، وتحولت الى صراع بين الدولة العثمانية من جهة وقوات التحالف الأرثوذكسي الشرقي، الذي يتألف من دول البلقان بقيادة الإمبراطورية الروسية، ليقف الجار الشمالي -روسيا- مع الصرب والجبل الأسود في حربهم مع العثمانيين.
أسفرت الحرب عن تمكن روسيا من الاطاحة بهيبة السلطان عبد الحميد والمطالبة بعدة أقاليم في القوقاز وهي قارص، وباطومي، كما أدت الى الإعلان رسمياً عن استقلال صربيا والجبل الأسود عن الدولة العثمانية، بعد ما يقارب خمسة قرون من الهيمنة العثمانية (1396-1878)، كما أُعيد تأسيس الدولة البلغارية على إمارة بلغاريا.
على ناحية أخرى من الأداء السياسي الضعيف للسلطان عبد الحميد، اكدت قرارات مؤتمر “برلين” على ضعف العثمانيين، فاستغلت التنظيمات الشعبية والقومية هذا الضعف، وقامت بثورات متتالية على حكم اسطنبول سعيا للاستقلال عن احتلال دام لقرون، وهكذا توالت الأزمات السياسية في وجه السلطان عبد الحميد الثاني بعد الحرب العثمانية الروسية ومؤتمر برلين.
وكما سقطت البوسنة والهرسك وفلسطين في عهد عبد الحميد الثاني، انضمت تونس إلى الأقاليم التي فقدتها الدولة العثمانية لصالح أوروبا، بعدما احتلتها فرنسا وهي التي أجبرت “باي تونس” – حاكم تونس – على توقيع معاهدة قصر سعيد، والتي أدخلت بموجبها فرنسا الى إقليم تونس تحت حمايتها.
لقد حول عبد الحميد سلطنته الى كيكة كبرى التهمتها القوى العظمى الناهضة، فبعد احتلال البريطانيين لقبرص، فرضت ارادتها على إسطنبول المثقلة بالديون بعد فتح قناة السويس لتحتل مصر في 1882.
خلاصة الامر ان الأداء الساسي المتواضع الذي ادار به عبد الحميد مملكته الكبيرة، مؤمنا اشد الايمان بذكائه وجبروت قواته، والتي وظفها للأسف ضد المسلمين في الجزيرة العربية والشام ومصر والبوسنة والهرسك، وعندما ضاقت به السبل امام الزحف الروسي والإنجليزي، تنازل عن تلك الاقاليم واحدة تلو الأخرى او عقد تحالفات هشة قضمت المتبقي منها.
إذا كانت السلطنة العثمانية وصفت في اخر ايامها بأنها “رجل أوربا المريض”، فلم تكن القيادة السياسية في العاصمة إسطنبول التي ارتكبت اكثر الحماقات وأكثرها دموية في تاريخ الشعوب، بعيدة هي الأخرى عن ذلك الوصف، بل ان “العثمانية” تحت ادارة السلطان عبد الحميد أوصلت الدولة الى ارذل عمرها وامتهانها وسرعت في القضاء عليها، بسبب تصرفاتها وطيشها وطريقة تعاملها مع قضايا الشعوب المحتلة التي كانت ثائرة باحثة عن حرية سلبت منها لمئات السنين.
لعلنا نستعرض هنا عدد من الإخفاقات السياسية – المعتمة- والتي لم يتطرق لها الكثير، بسبب الدعاية الكثيفة التي تولاها أنصار العثمانية الجديدة، على الرغم من تكلفتها الباهظة، وثمنها المرتفع، والتي ارتكبها عبد الحميد وسلطته في منعرجات السياسية الدولية.
حماقات زادت وتيرتها بعدما اكتشف ” عبد الحميد” انه سلطنته تتفكك أمام عينيه، واصوات وانين الشعوب المحتلة بدأت تصل الى اطراف قصره ساعية الى التحرر من تحت احتلال دولته.
بلا شك ستبقى “البوسنة والهرسك” لغزا عصيا في تاريخ العثمانيين، وغصة في تاريخهم الحديث، لأنهم – بكل بساطة – هم من فقدها وضيعها وتعمدوا اغفالها من تاريخهم مدركين فداحة ضياعها الى الابد، كيف وقد خضعت البوسنة للحكم العثماني ما يقارب الخمسة قرون، ومع ذلك أضاع عبد الحميد “اندلس الشرق” كما أضاع سلفه بايزيد الثاني “اندلس الغرب”.
كانت البوسنة والهرسك واحدة من اهم الاخفاقات الكبرى في التاريخ السياسي والعسكري للسلطان عبد الحميد، وهي تضاف الى سجله المتعثر والمخجل، بعد فقد فلسطين والتحالف مع الصهيونية العالمية، وبالرغم من فداحة الفقد والالم الذي أصاب البوسنة فيما بعد اثر الحرب الطائفية التي قادها الصرب في منتصف التسعينات الميلادية، الا أن المروجين للثقافة العثمانية والمدافعين عن اخفاقاتها والمبررين لجرائمها يتغافلون عمدا عن قصة سقوط البوسنة ولا يقتربون منها، رغم أهميتها جسرا ونافذة للسلطنة على اوربا، وأيضا حائط صد ضد أطماع الاوربيين.
لم يكن سقوط البوسنة والهرسك وبلاد البلغار “بلغاريا” منفصلا عن الحالة السياسية المهترئة التي اصابت الطبقة السياسية في تركيا العثمانية، والتي دفعت الجميع الى الهروب من السفينة الغارقة، فضلا عن دخول الصرب والجبل الأسود – كما الامم الأخرى – في حالة حرب استقلال بسبب الإرث السيء وتعامل العثمانيين مع شعوبهم.
هذه الأسباب دفعت الدول الأوروبية فيما بعد للتدخل في الازمة التي أعقبت حرب استقلال البلقان، واجبار السلطان عبد الحميد على القبول باتفاقات مذلة تحت ذريعة تحقيق السلام بين الأطراف المتنازعة، تدحرجت حجارة الدومينو العثمانية وتساقطت الأقاليم والبلدات واحدة تلو الأخرى بعد الحرب الروسية العثمانية 1877-1878، وتحولت الى صراع بين الدولة العثمانية من جهة وقوات التحالف الأرثوذكسي الشرقي، الذي يتألف من دول البلقان بقيادة الإمبراطورية الروسية، ليقف الجار الشمالي -روسيا- مع الصرب والجبل الأسود في حربهم مع العثمانيين.
أسفرت الحرب عن تمكن روسيا من الاطاحة بهيبة السلطان عبد الحميد والمطالبة بعدة أقاليم في القوقاز وهي قارص، وباطومي، كما أدت الى الإعلان رسمياً عن استقلال صربيا والجبل الأسود عن الدولة العثمانية، بعد ما يقارب خمسة قرون من الهيمنة العثمانية (1396-1878)، كما أُعيد تأسيس الدولة البلغارية على إمارة بلغاريا.
على ناحية أخرى من الأداء السياسي الضعيف للسلطان عبد الحميد، اكدت قرارات مؤتمر “برلين” على ضعف العثمانيين، فاستغلت التنظيمات الشعبية والقومية هذا الضعف، وقامت بثورات متتالية على حكم اسطنبول سعيا للاستقلال عن احتلال دام لقرون، وهكذا توالت الأزمات السياسية في وجه السلطان عبد الحميد الثاني بعد الحرب العثمانية الروسية ومؤتمر برلين.
وكما سقطت البوسنة والهرسك وفلسطين في عهد عبد الحميد الثاني، انضمت تونس إلى الأقاليم التي فقدتها الدولة العثمانية لصالح أوروبا، بعدما احتلتها فرنسا وهي التي أجبرت “باي تونس” – حاكم تونس – على توقيع معاهدة قصر سعيد، والتي أدخلت بموجبها فرنسا الى إقليم تونس تحت حمايتها.
لقد حول عبد الحميد سلطنته الى كيكة كبرى التهمتها القوى العظمى الناهضة، فبعد احتلال البريطانيين لقبرص، فرضت ارادتها على إسطنبول المثقلة بالديون بعد فتح قناة السويس لتحتل مصر في 1882.
خلاصة الامر ان الأداء الساسي المتواضع الذي ادار به عبد الحميد مملكته الكبيرة، مؤمنا اشد الايمان بذكائه وجبروت قواته، والتي وظفها للأسف ضد المسلمين في الجزيرة العربية والشام ومصر والبوسنة والهرسك، وعندما ضاقت به السبل امام الزحف الروسي والإنجليزي، تنازل عن تلك الاقاليم واحدة تلو الأخرى او عقد تحالفات هشة قضمت المتبقي منها.