الباطنية الفارسية محرقة العصر

 تُظْهر الباطنية السرية التَشَيُّع، وتُبْطن وتخفي الكفر البواح والانسلاخ من الدين، مؤسسهم الزنديق ابن سبأ، وأعظم أعيادهم ذلك اليوم الذي يصيب المسلمين فيه بلاء وكرب، ارتبط مذهبهم وضررهم برباط اليهود، بل إنهم أشد ضرراً منهم.

تحدث محمود قاسم في كتابه: “دراسات في الفلسفة”، عن الباطنية وجذورها فقال: “أمَّا أصلُ الدعوةِ ورأسُها فكان من زمرة الشيعة، فالباطنية ظاهرة شاعت بين الطوائفِ الفارسية الشيعية “، وقال : “… نشأت محاولة هدم الإسلام من الداخل، عن طريق ابتداع مناهج الباطنية في تأويل الشريعة على نحو يؤدي إلى نسخها ، والاستعاضة عنها بخليط عجيب من الحكمة، يجمع بين خرافات الفرس، ووثنية الإغريق، وعقائد اليهودِ الذين حرفوا دينهم من قبل، فظهرت بصِبْغَة إسلامية خادعة، كفكرة النورِ المحمديِّ، وعصمةِ الأئمةِ ، ومعجزاتِهم، والغَيبة، والرجعةِ، والحلول، والتجسيمِ، والتأويل والتشبيه ، وغيرِ ذلك من الأفكارِ والعقائِدِ..”.

عُرف عمن أسسوا ودعوا إلى الفكر الباطني بأنهم نحوا منحى التلفع بالتشَيُّعِ واتخذوه وسيلةً للحشد، ذكر ذلك كثير ممن كتبوا عنهم، كما عرف عنهم تكوين الجمعيات السرية التي تسعى إلى نشر مذهب الإباحية المزدكية المجوسية والإلحادِ الفلسفي.

كانت السرية أساس التنظيم وهي عندهم ضرورة قصوى، خاصة في مراحل الجمع والتجنيد، مما جعل تنظيمهم يخدم أهدافًا دنيوية بحتة ظاهرها -كما ذكرنا سابقًا- دينية عقدية.

كانوا -ولا يزالون- يظهرون بمظهر الوقار والورع والزهدِ أمام العامة ومن لا يدرون عن خفايا مُنْكَرِهم، خاصة في زمن المرحلة السرية، فيبدون دماثة الأخلاق والتعبد والتقشف، والتحسر على ما آلَ إليه المسلمون، حتى يكثرَ الأتباعُ مِن حولهم، فيعلنون الدعوة للإمام المستتر المنجِي من الغم والضيق إلى سعة لا يعلمون أُخراها، ثم يأتي على يديه الفرج وقيام الشريعة.

وقد خرجت من رَحِم الباطنيةِ، الإسماعيليةُ، والمباركيةُ، والسبعيةُ، والعبيديةُ، والقرامطةُ، والحشاشون، والتعليميةُ، وهذه الأخيرة أبطلت العمل بالعقول.

ومراتبهم هي كبار الدعاة، والدعاة، والرفاق، والضراوية أو الفدائية، واللاصقون، والمستجيبون وهم عامةُ الناس المؤيدون للدعوة.

أثر الحركات الباطنية على واقع المسلمين

منذ أن قامت هذه الحركاتُ الباطِنية وهي لا تبغي إلا الإطاحةَ بالخِلافةِ الإسلامية آنذاك، والعودة إلى أمجاد آبائِهم المجوسِ بإعلان الإمامة الشيعية، وهنا لا ينفصل الخطَر الديني عن السياسي، فلا قِوامَ لديانتهم ونِحْلَتِهم دون قيام دولتِهم، فالحركة الباطِنية الشيعية -كما جاء في دائرة المعارف الإسلامية-: عبارةٌ عن دعاية خفية مستترة أكثَر ممَّا هي مقاوَمة مكشوفة، وهذا ما جعَلَها مخالِفة لغَيرِها من الفِرق، وهي دعاية يحيط بها غلاف من الأسرار الخفية، وتعتمد أساليب المكرِ والمراوغة.

والمذاهب الفكرية المنحرفة ما هي الا بقايا الأمس تتجدد كلما وجدت بُؤَرًا ملائمةً تترعرع فيها، هم دوماً مع كل عدو للمسلمين، فقد كانوا زمن أحداث الحروب الصليبية أعظم أعوان النصارى، فلم يستول الصليبيون على السواحل الشامية إلا من جهتهم، وما دخل التتار بلاد المسلمين إلا بمعونتهم.