الحروفيُّون أحباب "الفاتح"
محمد "الثاني" خالف العُلماء
بإيواء مؤسسهم "التبريزي"
حصروا تواصلهم مع الله لفظًا
بدأ أثر الحروفيِّة في الأناضول منذ عصر سلاجقة الروم، وتواصل امتداده بعد ذلك عبر مختلف حقب تاريخ الدولة العثمانية، وقد أشار مجموعة من المؤلفين الأتراك في كتاب: (الدولة العثمانية تاريخ وحضارة) إلى أن الأناضول كانت متأثرة دائمًا بما كان يفِد إليها من تعاليم التيارات الدينية الصادرة عن إيران، ويؤكد هؤلاء المؤرخون أن تأثير الحروفيِّة كان حيًا نابضًا ونافذًا على الطُّرُق الصوفيِّة، وعلى رأسها الطريقة البكتاشية وهي أهمها، لأنها حظيت بدعمٍ غير محدود من سلاطين الدولة العثمانية، حيث تبلور الفكر الحُرُوفي في رؤاها وتطبيقاتها، وفي غيرها باستلهام المعاني الخاصة والخفيِّة للحروف، وتبلور ممزوجًا بفلسفة وحدة الوجود، وقد وجد الحروفيِّون ملجأً وملاذًا آمنًا لهم في الأناضول ومناطق الروميلي من خلال تغلغلهم في مفاصل المجتمعات التركية، وتأثروا أول الأمر بالطريقة القلندرية، ومن ثم الطرق الأخرى.
البكتاشية
تُعدّ البكتاشية إحدى أهم الطُّرُق الصوفية في الدولة العثمانية لما لها من أثر رسميٍّ فيها، خاصةً أنها كانت الراعية للجيش الإنكشاري، إذ ارتبط أفراد الإنكشاريين بالبكتاشية وتعاليمها، حتى أن معسكراتهم كانت مملوءة بشيوخ البكتاشية الموجهين، وقد عُرف في التاريخ العثماني أن الجيش الإنكشاري كان تحت تصرف البكتاشية وتوجيهها، وتأثروا وأطاعوها أكثر مما أطاعوا السلاطين العثمانيين، وهذا ما جعل السلاطين يتناغمون مع البكتاشية باعتبار ما تمثله من دعمٍ لهم بين صفوف الإنكشارية. أسِّس هذه الطريقة الحاج بكتاش الذي عاش خلال النصف الثاني من القرن الثالث عشر الميلادي في الأناضول.
المرجع:
خليل إينالجيك، تاريخ الدولة العثمانية (بيروت: دار المدارالإسلامي، 2002).
وحدة الوجود
وتُعرف بالاتحادية، وتتلخص فلسفة وحدة الوجود بالقول بأن الله والطبيعة حقيقة واحدة، وأن الله هو الوجود الحق، ويصوِّرون الله بما حولهم من مخلوقات، فيما أن كل ما هو مادي في المخلوقات ما هو إلا تعبير عن وجود الله، وإلا فإن الماديات ليس لها وجود قائم بذاتها. ومن أبرز الذين قالوا بها وأعادوا إحياءها في التاريخ الإسلامي محيي الدين بن عربي، وابن الفارض، وغيرهم ممن تأثروا بالفلسفة الأفلاطونية المحدثة وفلسفة الرواقيين. وينظر إليهم علماء السُّنة على أنهم زنادقة، وأن من يقول بقولهم خارج من المِلِّة.
المرجع:
أحمد القصيِّر، عقيدة الصوفيِّة وحدة الوجود الخفيِّة (الرياض: مكتبة . الرُّشد، 200 )
القلندرية
تُعتبر من الطُّرق ذات المنشأ الخُرساني، وقد انتشرت بعد ان أسسها جمال الدين الساوي سنة 463 ه/ 1070 م، ووصلت إلى العراق وسوريا ومصر والهند والأناضول، وقد واجهت في البداية هجومًا عنيفًا من قبل الطُّرُق الصوفية السُّنيِّة لما كانت تؤمن به من طقوس غريبة ومريبة، كذلك ما كان ينتهجه القلندريون من إباحيِّة ممقوتة، وبالتالي كانوا يطمحون للعزوبة والفقر والتسوّل، فقد كانوا يطوفون مدن الأناضول بأزيائهم الغريبة ورؤوسهم الحليقة مع شواربهم وحواجبهم، بحيث يحملون أعلامًا خاصةً بهم وهم يقرعون الطبول، وكانت أبرز الأمور التي جعلت المجتمع الأناضولي يمقتهم بشكلٍ مباشر أنهم كانوا يعمدون للتمرد على النظم الاجتماعية والأخلاقية.
المرجع
محمد كوبريلي، قيام الدولة العثمانية، ترجمة: أحمد السعيد . ( القاهرة: دار الكاتب العربي، 19 )
إحسان أوغلي: فتشوا عنهم في "القلندرية والبكتاشية"
ابن عربي
638-560 ه/ 1165 - 1240 م
أبو بكر محمد بن علي بن عربي الطائي، ولد في مرسيِّة في الأندلس، وهو من أوائل من فصلوا في فلسفة فكرة وحدة الوجود، ومن آرائه وحدة جوهر الأديان ولا يفرق بين الأديان والعبادات الموصلة لله في أيِّ دين، وله مجموعة من النبوءات المتداولة في التاريخ العثماني، أبرزها ما يُدعى بأنه أعطى وصفًا لفاتح القسطنطينية، وحدد سنتها، لذلك يقال بأن سليمًا بنى على قبرة قبةً وجعله مزارًا في الشام.
المرجع:
سعد رستم، الفرق والمذاهب الإسلامية، ط 3 (دمشق: الأوائل للنشر والتوزيع، 20 )
1) إحسان أوغلي وآخرون، الدولة العثمانية تاريخ وحضارة، ترجمة: صالح سعداوي (إسطنبول: إرسيكا، 1999).
2) أحمد شيمشيرغل، تاريخ بني عثمان، ترجمة: مهتاب محمد (أبوظبي: ثقافة للنشر والتوزيع، 2016).
3) أوليا جلبي، الرحلة إلى مصر والسودان والحبشة، ترجمة: حسين المصري وآخرون (القاهرة: دار الآفاق العربية، 2006).
4) جورج طرابيشي، معجم الفلاسفة، ط 3، (بيروت: دار الطليعة، 2006).
5) خليل إينالجيك، تاريخ الدولة العثمانية (بيروت: دار المدار الإسلامي، 2002).
6) طاشكبري زاده، الشقائق النعمانية في علماء الدولة العثمانية (بيروت: دار الكتاب العربي، 1975(.
7) عبدالمنعم الحفني، موسوعة الفرق والجماعات والمذاهب الإسلامية (القاهرة: دار الرشاد، 1993).
8) فاتح آقجه، السلطان سليم الأول، ترجمة: أحمد كمال (القاهرة: دار النيل، 2 ).