طلعت باشا

مُنظِّر الجرائم التركية

محمد طلعت باشا، وزير الداخلية في حكومة الانقلاب ولد في (أدرنة) عام 1874، وتلقى تعليمه الابتدائي فيها، كما تخرج من الرشدية العسكرية منها أيضًا.
يُعدّ مهندس سياسة جمعية الاتحاد والترقي التي عارضت عبد الحميد الثاني وأطاحت به، وهو من أهم مديري الجمعية. كان في شبابه من المثقفين المتعمقين في الفكر التركي؛ مما كوّن لديه أفكارًا ثورية، لذا انضم إلى الاتحاد والترقي التي رأى فيها توافقًا مع فكرته عن الثورة العامة، لكن السلطات التركية قبضت عليه وأرسل إلى سجن أدرنة محكومًا عليه بالسجن ثلاث سنوات وعُزِلَ من وظيفته عام 1896 غير أنه نجا من السجن، ونفي إلى (سالونيك) التي شغل بها وظيفة كاتب في إدارة البريد والتلغراف عام 1898 وفي أثناء اشتغاله في إدارة البريد والتلغراف كان يقوم بإرسال الصحف المعارضة سرًا من خارج البلاد إلى (سالونيك) واستخدم كل الطرق لتنظيم المعارضة السياسية، فقد بذل قصارى جهده لتنظيم معارضي حزب المعارضة في انتفاضة 1903.
وبعد توليه وزارة الداخلية سنة 1913 أصبح طلعت باشا من أهم المحددين السياسيين للدولة، وأصبح مع رفيقيه أنور وجمال سلطنة داخل السلطنة، وبالرغم من أنه كان ضد دخول العثمانيين طرفاً في الحرب العالمية الأولى إلا أن له دور مركزي في إصدار القرارات بالإقدام على مذبحة الأرمن، وأشرف على اعتقال كبار المفكرين والمثقفين الأرمنيين وإعدامهم، وتابع عملية تنفيذ أوامر ترحيل وتهجير الأرمن من قراهم، والتي كان قد أصدرها في وقت سابق، لذا عُدّ من المسؤولين المباشرين عن هذه الجرائم الإنسانية.

يتمتع بسادية التحريض على القتل

الشذوذ "البكتاشي" أسهم في صقل موهبته الإجرامية

وعُين في مقام الصدر الأعظم، وانتسب للطائفة البكتاشية، وعندما هزم البريطانيون الجيوش العثمانية على الجبهتين عام 1918وتضخّم ملف طلعت باشا الإجرامي، وبدأت قضايا الفساد والانتهاكات الإنسانية تلاحقه، شعر بالخطر، وقدّم استقالته وهرب مع أنور باشا وجمال باشا إلى برلين، غير أن توفيق باشا الذي أسس الوزارة الجديدة أصدر قرارًا بمصادرة أموال طلعت باشا ورفاقه المتبقية في البلاد، وبعد تشكيل حكومة فريد باشا أنشأ ديوان حرب جديد من أجل محاكمة شيوخ جمعية الاتحاد والترقي وأصدر قراراً بإزالة رتب ونياشين الباشوية لطلعت باشا، وحكم عليه غيابيًّا بالإعدام.
ونظرًا لما ارتكبه من مجازر بحق الأرمن فقد ظلت أعماله الإجرامية تلاحقه في منفاه، وقُتل طلعت باشا في برلين عام 1921م أمام منزله على يد الناشط الأرمني (سوغومون تهليليان)، وبعد محاكمة استغرقت يومين للناشط الأرمني أعلنت المحكمة الألمانية براءته وأطلقت سراحه؛ نظراً للجريمة التاريخية التي اقترفها المقتول.

(1) أحمد النعيمي، اليهود والدولة العثمانية، (مؤسسة الرسالة دار البشير، 1997م).

(2) رغداء محمّد أديب زيدان، قضايا الإصلاح والنّهضة عند محب الدّين الخطيب، (بيروت: رسالة ماجستير من كلية الإمام الأوزاعي بيروت في الدراسات الإسلامية نوقشت في 25 ذي القعدة 1427هـ الموافق 16/12/2006م).

(3) علي سلطان، تاريخ سوريا 1908م- 1918م، (دمشق: دار طلاس، 1987م).

(4) مذكرات جمال باشا السفاح، ترجمة: علي شكري (بيروت: الدار العربي للموسوعات، 2004).

(5) هنري مورغنتو، مذكرات سفير أمريكا في الأستانة، ترجمة فؤاد صروف، (مصر: مطبعة المقطم، 1913م).