تكاثروه على العرب
حين نسبوا محمد صلى الله عليه وسلم للترك
تجاوز الأتراك كل حدود العقل والمنطق، وحاولوا قلب الأمور البديهية التي لا جِدال فيها، كنسب نبينا محمدٍ صلى الله عليه وسلم العربي، والذي لا يساوره الشك، غير أنه لمؤرخي الدولة العثمانية رأيٌ آخر، وهو تتريك النسب النبوي الشريف، ويزعمون أن النبي صلى الله عليه وسلم ليس عربيًّا، وأن نسبه الشريف يعود إلى الأتراك، ففي هذا التطاول الشنيع والتزييف تجرؤٌ على مقام النبوة الطاهر.
نشرت صحيفة التاريخ التركي بحثًا لإسماعيل حقي إزميرلي الأستاذ بجامعة إسطنبول عن علاقة الترك بالإسلام، حاول فيه الاستناد على أقوال ووثائق تاريخية مزيفة ليثبت أن النسب الشريف لنبينا صلى الله عليه وسلم يعود للأتراك. إذ يسوق إزميرلي استدلالاته محاولاً إثبات ما يتوهمه من المزاعم، فينطلق من الحيثيات التاريخية التي تقول بأن النبي صلى الله عليه وسلم ليس من العرب العاربة وإنما من العرب المستعربة التي استوطنت جزيرة العرب، وأن جده الأعلى هو النبي إبراهيم عليه السلام، الذي هو بدوره ابن عابر الذي ينسبه المؤرخون إلى سام بن نوح عليه السلام.
ارتكب الترك جريمة أخلاقية وإعلامية مسيئة للنسب الشريف.
وفي رأي كثيرٍ من النسابة والمؤرخين أن النبي صلى الله عليه وسلم يتصل بالخليل إبراهيم بن آزار عليه السلام، وهو تارخ بن ناحور بن شاروع بن فالغ بن عابر بن سام بن نوح، وأن عابر نفسه هو جد العرب العاربة أبناء يشجب بن يعرب بن قحطان بن عابر.
بينما ينحدر نسب الترك من بني ترك بن كومر بن يافث، وقيل من بني طبراش بن يافث، ويدخل في جنس الترك القبجاق، والتتر، والخوز، وهم الغز الذين كان منهم ملوك السلاجقة، والغور، والشركس، والروس، فكلهم من جنس الترك.
بحجة تشابه الأسماء جعلوا أصل النبي تركيًّا روحًا ودمًا.
لكن العجيب أن يعود هذا المؤرخ ويناقض نفسه، ويقول إن إبراهيم عليه السلام ليس من العرق السامي، وإنما من سبط يافث جد العنصر التركي، متكئًا على أوهام استنبطها من تأويل التشابه بين الأسماء، فيزعم أن والد إبراهيم عليه السلام ليس عابر وإنما تارك وهو قريب من الأتراك؛ وهذا وهم نتج عن تحريف وتصحيف متعمدين لـ(تارخ) وهو أبو إبراهيم، وعابر هو الجد الأعلى، ويتوهم كذلك أن آزر قريب لآذر، وهذا أيضًا محض وهم، وأن تزييف الأنساب وقلب الحقائق، جعل هذا المؤرخ التركي يزعم أن إبراهيم الخليل يعود إلى أصل تركي، ولذا فإن محمدًا صلى الله عليه وسلم تركي الأصل على قاعدته الباطلة.
بدأوا التحريف من والد إبراهيم عليه السلام حتى ينسجم مع تزييفهم.
1. عبد القادر ابن بدران، تهذيب ابن عساكر، (دار إحياء التراث العربي، د.ت) 2: 136 – 137.
2. فؤاد حمزة، وصف تركيا الكمالية، (دار الجديد).
3. القلقشندي، نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب، (دار الكتب العلمية، 2012).
4. محمد بن جرير الطبري، تاريخ الأمم والملوك، (دار الكتب العلمية، 2011).