فسادًا وتزييفًا وباطنية
العثمانيون فسروا القرآن بما يخدم مصالحهم
قالوا تزييفًا إن قول الله تعالى: "العباد الصالحين" يعني أنهم سلاطين بني عثمان.
وفي موضع آخر مشابه تصل شفاعة العثمانيين وعلمائهم إلى تفسير السيد الحموي لقوله تعالى: {الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ} [الروم:3-4] في كتابه المسمى (بالدر المنظوم في فضل الروم) ما نصه القائل: “قوله تعالى: {يومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله}: أي للروم أصحاب قيصر ملك الشام، على فارس أصحاب كسرى وهم المجوس، وقوله تعالى: {وهو العزيز الرحيم}: أي في انتصاره لأحبابه وانتقامه من أعدائه، هذا وقد ذكر بعض أهل الكشف أن في هذه الآية الشريفة إشارة إلى امتداد الدولة العثمانية إلى آخر الزمان”.
وفسروا "فرح المؤمنين" بأنه امتداد للدولة العثمانية إلى آخر الزمان.
لذلك فقد بلغت الجرأة بعلماء الدولة العثمانية، أن تطاولوا على كتاب الله عز وجل، بتفسيره حسب الأهواء؛ لغرض الدنيا وإرضاء السلاطين. ويكفي أن المثالين السابقين يعطيان دلالة على أمرين مهمين: أولهما: عمق النرجسية التي كان يعيشها ويتعايش بها سلاطين العثمانيين، وثانيهما: سوء الحال الدينية التي كانت سائدة آنذاك، ففساد العلماء وجرأتهم على كتاب الله تدل على ضعف المعتقد وسوء النية.
وقد كان هذا التزييف لمعاني الآيات القرآنية بخلاف تفسيرها المثبت في كتب المفسرين الموثوقين من علماء الأمة الإسلامية؛ يكشف عن مدى فساد الدولة العثمانية وباطنيتها؛ لأن تفسير القرآن بالهوى وبخلاف المعروف، ما هو إلا خدمةً لأجندةٍ سياسية، وترويجًا لحكم الأتراك وسيطرتهم وسطوتهم، وتبريرًا لظلمهم، كي تتم شرعنة الظلم بما يُفسر زيفًا من آيات القرآن على غيرِ معناها الصحيح.
1. فؤاد حمزة، وصف تركيا الكمالية (بيروت: دار الجديد، 2013).
2. محمود أفندي الحمزاوي، البرهان على بقاء مُلْك بني عثمان إلى آخر الزمان (بيروت: جمعية الفنون، 1308هـ).