استدعاء رسمي:
عبدالحميد الثاني أراد سرقة مفهوم الخلافة بـ"القانون" ففشل في التنفيذ!
شراء القدسية:
ذبح العرق القرشي:
تخريجات خديجة عسفية أسقطت أصحابها في وحل النفاق السياسي.
وحسب واقع المصادر التاريخية المحايدة التي أهملها- مغالطةٌ تاريخية للواقعيْن؛ الواقع العثماني المعتل والمرير، والواقع الأموي والعباسي الذي حقق الأسبقية والفضل في خدمة الإسلام والمسلمين، وفوق ذلك فإن خلفاءه يتحقق فيهم العرق القرشي العربي أحد أهم شروط “الشرعية” في الخليفة الإسلامي، وهذا الشرط حاول كثير من المؤرخين المعاصرين للدولة العثمانية أو المتأخرين ممن اعتقدوا بأحقيّة بني عثمان تحييده دون جدوى بأراء خديجة أو بأفكار واهنة لأنها ببساطة حاولت تغييرالوصف الفقهي للخلافة ومتطلباتها إمّا بتجنب المصادر التاريخية ككل ، أو بتجاهلها حتى لا يصطدم المؤرخ بنفسه، بل وتجاوز الحال إلى انتقال العدوى المرضية التأريخية إلى المؤرخين في الضفة المقابلة ممن لا يرون خلافة العثمانيين ويعارضونها ، كما فعل محمد العشماوي في كتابه “الخلافة الإسلامية” حين تناول نزع سليم الأول خلافة الخليفة العباسي المتوكل على الله، فقال واصفا الموقف التاريخي : “تنازل من لم يكن خليفة إلى من كان يستحيل أن يكون خليفة”، وعبارته وإن كانت تحتفظ ببعد واقعي عن المتوكل على الله، إلا أنها أخطأت حين تعاملت مع نزع الخلافة على أنه حقيقة فهذا مخالف للمصادر التاريخية المعاصرة للمتوكل وسليم، إلا أنه عاد وأكّد على أن الدولة العثمانية بدأت سلطنة واستمرت كذلك ، ولم تكن في يوم من الأيام خلافة، وما الخلافة العثمانية إلا ادعاء ركنت إليه لفرض سلطانها على رعاياها باسم الدين، ومحاولة منها لإبطال أي معارضة قادمة من باب الشريعة، لذا أدرك عبدالحميد الثاني كما يشير “الخلافة الإسلامية ” أن عدم القناعة الجمعية بخلافة دولته سيقوّض سلطانه.
اقتسامٌ جاهل:
محمود الثاني حمقًا عرض على الشاه الإيراني المشاركة في لقب الخليفة
حاولت الكتابات المعاصـرة والموالية تشويه سمعة العباسيين من أجل الطربوش الأحمر
باسم "الخلافة" المزيِّف أجاز "سليم" لجنده الزواج من الأرملة قبل انقضاء عدتها
الدم غير المبرر:
هذه الكتابة ونوعيتها تسطيحٌ واضح وتهميشٌ متعمِّد للدفاع عن خلافة العثمانيين بتجاهل النصوص الشرعية والمعنى والمفهوم الحقيقيان للخلافة الإسلامية، كما أنها ترتطم بواقع دروب الحج غير الآمنة، والعناية التركية بالحرمين الشريفين المتواضعة والمحدودة على طول أربعة قرون زمنية، ثم إنها ومثيلاتها من الكتابات غير المنضبطة بالعقل والمصادر التاريخية تغفل عن نقطة رئيسة فكون الدولة العثمانية دولة إسلامية – على سبيل التسليم بذلك – لا يعني أن ندعم فكرة أن كل ما قيل ضدها جناية وتدليس وتبلي، فشواهد التاريخ لجرائم سليم الأول والقانوني وغيرهما من السلاطين إلى عهد الاتحاديين ماثلة في الذاكرة التاريخية بمختلف تصانيفها، وكانت مهمة الكثيرين التابعين لدولة اسطنبول تغليف هذه الجرائم بالمدائح كما حصل على سبيل المثال مع سليم الأول، السلطان التي تتفق المصادر جميعها بشكلٍ مباشر وغير مباشر على أنه سلطان معتلّ، صاحب شخصية ساديِّة يستمتع بعذابات الآخرين، وقتل الإنسان لديه مسلمًا كان أو غير مسلم أبسط من أن يُجهد ضميره في المشاورة ، ولنا جميعاً في ما قاله عنه ابن إياس الدليل الكافي، فيقول عنه: “وفي مدة إقامة ابن عثمان بمصر لم يجلس بقلعة الجبل على سرير الملك جلوسًا عامًا، ولا رآه أحد، ولا أنصف مظلومًا من ظالم في محاكمته، بل كان مشغولاً بلذته وسكره وإقامته في القياس بين الصبيان المُرد، ويجعل الحكم لوزرائه بما يختارونه. فكان ابن عثمان لا يظهر إلا عند سفك دماء المماليك الجراكسة، وما كان له أمان إذا أعطاه لأحدٍ من الناس، وليس له قول ولا فعل، وكلامه ناقص ومنقوص لا يثبت على قول واحد”، ويضيف ابن إياس كشاهد عيان لهذه الفترة قائلاً: “وأما عسكره فكانوا جيعانين العين، نفسهم قذرة، يأكلون الأكل وهم راكبون خيولهم في الأسواق، وعندهم عفاشة في أنفسهم زائدة وقلة دين، يتجاهرون بشرب الخمور في الأسواق بين الناس، ولما جاء عليهم شهر رمضان فكان غالبهم لا يصوم ولا يصلي في الجوامع ولا صلاة الجمعة إلا قليل منهم، ولم يكن عندهم أدب ولا حشمة، وليس لهم نظام يعرف لا هم ولا أمراؤهم ولا وزراؤهم وهم همج كالبهائم”، أوصاف وتوثيقات أخرى مقيتة تجعلنا ومن باب قناعتنا وإيماننا بما أنجزته الخلافة الإسلامية الحقيقية من عمارة للأرض وللإنسان نربأ بأن يُطْلق على سليم الأول لقب خليفة، تطهيرًا وتشريفًا لمنصب الخلافة الذي تسلِّمه صحابة رضي الله عنهم جميعًا، ودفاعًا عن منهج سياسي أصيل يتلخص في”الخلافة” له نتاجات دينية واجتماعية ومعرفية واقتصادية كان سلاطين آل عثمان بعيدين عنه كل البعد ولم يلجأوا إليه إلا لأسباب دنيوية تخصهم هم فقط، وأيضا تناولناه للحفاظ على الحق التاريخي والأسبقية في التنفيذ الذي عجز عبدالحميد الثاني رسمياً عنه ومن سبقه ومن بعده لأسباب تكشف ظلمة في دواخلهم لم تتواكب مع نور الإسلام العظيم.
(1) أبو الأعلى المودودي، الخلافة والملك، ترجمة: أحمد إدريس (الكويت: دار القلم، 1978).
(2) أماني الغازي، الدولة العثمانية من خلال كتابات المستشرقين في دائرة المعارف الإسلامية (جدة: الأعمال الثقافية، 1433هـ).
(3) بروس ماسترز، عرب الإمبراطورية العثمانية، ترجمة: عبدالحكيم ياسين (بيروت: دار الرافدين، 2018).
(4) حسن بك حسني، مقالة في إجمال الكلام على مسألة الخلافة بين أهل الإسلام (القاهرة: مطبعة المحروسة، 1891).
(5) عمر يلماز، السلطان عبدالحميد خان الثاني بالوثائق، ترجمة: طارق السيد (استانبول: دار نشر عثمانلي، 1999).
(6) محمد العشماوي، الخلافة الإسلامية، ط2 (القاهرة: سيناء للنشر، 1992).
(7) محمد بن إياس، بدائع الزهور في وقائع الدهور، تحقيق: محمد مصطفى، ط3 (القاهرة: دار الكتب والوثائق القومية، 2008م).
(8) وليد فكري، تاريخ في الظل، ط6 (القاهرة: دار الرواق، 2018).