استدعاء رسمي:

كان منصب الخليفة في بداية أحداثه في الكيان السياسي العثماني يخضع للهوى السلطاني ولقانون الحاجة من عدمها، وهو كذلك رصيد مغشوش للبلاط السلطاني في اسطنبول لدفعه إلى البسطاء والعامة ومن باع قلمه أو خاف على نفسه من السجن أو الموت، يلجأ إليه السلطان كلما عنّت إليه رغبة للانتماء إلى الإسلام شكلياً في الفترات التي يحتاج فيها دعم المسلمين، إلا أن هذا الوضع تجاه لقب الخلفاء تحول إلى شكل جدّي وبُعدٍ رسمي بعد الدستور العثماني الأول الذي وافق عليه ووقعه عبدالحميد الثاني في أول أيام عهده (1293هـ /1879م ـ 1327هـ /1909م) حيث ركّز على منصب الخلافة وأكد على أهميته وقدسيته، فقالت المادة الرابعة من الدستور الذي يكتب للمرة الأولى في تاريخ الدولة العثمانية: “إن حضرة السلطان باعتباره الخليفة هو الحامي لدين الإسلام وهو ملك الرعايا العثمانيين وسلطانهم” وأكملت المادة الخامسة: “إنّ نفس ذات الحضرة السلطانية هي مقدسة وغير مسؤولة”، ويبدو أن هذا التركيز الرسمي جاء بعد حالة من التباكي العالي والطويل من عدد من المؤرخين المسيسين على “الخلافة” التي كانت في الأصل منقطعة ولا أثر لها من الناحيتين العملية والفعلية في الحياة السياسية الإسلامية عمومًا منذ سقوط الدولة العباسية على يد المغول (656هـ /1258م).
وجاءت هذه العناية الدستورية لهذا المنصب الإسلامي نتاجا مضاداً لحالة توسع الاستعمار الأوروبي للعالم العربي في محاولة من اسطنبول لاستعارة مخرجات الحماسة الدينية التي فاضت بها صدور شعوب المنطقة بسبب الاعتداء الأوروربي على الأراضي العربية، وإعادة صياغة هذه المشاعر الملتهبة سياسياً بما يحمي الكراسي العثمانية من السقوط ، باعتبار أن آل عثمان هم الأسرة الوحيدة التي من الممكن أن يقنع العالم الإسلامي بأحقيتها بالمطالبة بها، في ظلِّ عدم وجود البديل المماثل سياسيًا، ومع ذلك واجه هذا الاعتبار معارضةً من قبل السلطة السياسية في مصر والمغرب وإيران، وكان أكثر المتعاطفين معه مسلمي الهند، وبعض مسلمي أفريقيا الذين كانوا تحت وطأة الاستعمار.

عبدالحميد الثاني أراد سرقة مفهوم الخلافة بـ"القانون" ففشل في التنفيذ!

شراء القدسية:

نعود قليلاً؛ سليم الأول هو أول من أُشيع بأنه تلقّب بـ “الخليفة” وعبدالحميد الثاني هو صاحب الاهتمام القانوني الأول بهذا اللقب، لكن عبدالحميد الأول هو أول من أشار إليه ضمنًا على المستوى الدولي وذلك خلال مفاوضته الجانب الروسي في معاهدة كيتشوك كايناجي (1188هـ /1774م) من خلال تأكيده للروس على أن التتر المسلمين في حدودهم في شبه جزيرة القرم تحت وصايته باعتباره المسؤول عن مسلمي العالم، مقابل وصاية القيصر الروسي على أرثوذكس الدولة العثمانية. وبالتركيز على محاولة عبدالحميد الثاني التطبيق السياسي العملي لمنصبه الجديد ضمن إدارته لشؤون دولته نجد أن العرب تصدوا له، ورفعوا ضده الاعتراض وعدم المبايعة؛ لأنه لا يمثل المستوى المكافئ للخلافة الإسلامية من حيث الشروط الشرعية، وكذلك من حيث السيرة التاريخية المعوجّة والملطخة بالفساد لدولته التي تتناقض، بل تهدم هذه الشروط وتكفر بها، فتبلورت في المجتمع العربي حالة صراع بين فريقين أحدهما يقوده علماء دين يمثلون سلطة اسطنبول ابتكروا تخريجة سياسية ودينية لعبدالحميد الثاني من هذا المأزق بتمرير فكرة أنه الوحيد الذي يحق له المطالبة بالخلافة للحفاظ على المجتمع الإسلامي من الحركة الاستعمارية، فوجد عبدالحميد هذه الفكرة مخرجاً مناسباً لأزمة الخلافة ، فأخذ به بل وعمل ـ كما سبق ـ على إقحام القدسيَّة لمنصب الخلافة من خلال الدستور في مادته الخامسة بأن نفسه ذات حضرة سلطانية مقدسة وغير مسؤولة. على الرغم من أن الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم لم يكونوا فوق القانون، ولم يجعلوا ذواتهم سلطة تعلو عليه، بل كانوا سواسية مع رعاياهم من مسلمين وذميين أمام الشريعة وقوانينها.

ذبح العرق القرشي:

لم يتوقف هوس العثمانيين وأقلامهم الموالية بقول وفعل أي شيء للحفاظ على الكرسي ” الخشبي” للدولة في تركيا من الهجمة الأوروبية على العالم العربي، والحركات التحررية العربية المتعددة التي رأت التخلص من الأورروبيين والعثمانيين كوجهين لعملة واحدة ولعملية واحدة، ففي عام (1309هـ/1891م) أُلّف كتابٌ غريب الطبع والتصور انتهج فيه مؤلفه مذهبا متطرفاً في طمس الحقيقة حين حسّن وذوّق من صورة العثمانيين على حساب الأمويين والعباسيين، حين قال: “لا يخفى أن الدولة العليَّة لم تعمل كأعمال الأموية والعباسية والفاطمية بالحجر على حرية المعتقدات ولا تضطهد القائلين بما ينافي مصلحتها خصوصًا في مسألة الخلافة ولم يجتهد علماؤها في بيان ما لها من الحقوق حتى بقيت هذه الأراجيف تتلقاها أولاد الأمة جيلاً بعد جيل وقبيلاً عن قبيل تظهر في كل آنٍ وزمان وربما بما يناسب الحال والشأن ولو أنهم أنصفوا وانتصفوا لكان خيرًا لهم وأحسن ووافق للمصلحة العمومية وأوقى وأنقى للشرور وألقى ولكن غلبت الأوهام على كثير من عقول العلماء وتلاعب الظنون بأرباب المقاصد علةٌ لا تُشفى” وهذا المدح الممجوج- وحسب واقع المصادر التاريخية المحايدة التي أهملها- مغالطةٌ تاريخية للواقعيْن؛ الواقع العثماني المعتل والمرير، والواقع الأموي والعباسي الذي حقق الأسبقية والفضل في خدمة الإسلام والمسلمين، وفوق ذلك فإن خلفاءه يتحقق فيهم العرق القرشي العربي أحد أهم شروط “الشرعية” في الخليفة الإسلامي، وهذا الشرط حاول كثير من المؤرخين المعاصرين للدولة العثمانية أو المتأخرين ممن اعتقدوا بأحقيّة بني عثمان تحييده دون جدوى بآراء خديجة أو بأفكار واهنة لأنها ببساطة حاولت تغيير الوصف الفقهي للخلافة ومتطلباتها إمّا بتجنب المصادر التاريخية ككل ، أو بتجاهلها حتى لا يصطدم المؤرخ بنفسه، بل وتجاوز الحال إلى انتقال العدوى المرضية التأريخية إلى المؤرخين في الضفة المقابلة ممن لا يرون خلافة العثمانيين ويعارضونها ، كما فعل محمد العشماوي في كتابه “الخلافة الإسلامية” حين تناول نزع سليم الأول خلافة الخليفة العباسي المتوكل على الله، فقال واصفا الموقف التاريخي : “تنازل من لم يكن خليفة إلى من كان يستحيل أن يكون خليفة”، وعبارته وإن كانت تحتفظ ببعد واقعي عن المتوكل على الله، إلا أنها أخطأت حين تعاملت مع نزع الخلافة على أنه حقيقة فهذا مخالف للمصادر التاريخية المعاصرة للمتوكل وسليم، إلا أنه عاد وأكّد على أن الدولة العثمانية بدأت سلطنة واستمرت كذلك ، ولم تكن في يوم من الأيام خلافة، وما الخلافة العثمانية إلا ادعاء ركنت إليه لفرض سلطانها على رعاياها باسم الدين، ومحاولة منها لإبطال أي معارضة قادمة من باب الشريعة، لذا أدرك عبدالحميد الثاني -كما يشير “الخلافة الإسلامية “- أن عدم القناعة الجمعية بخلافة دولته سيقوّض سلطانه.

تخريجات خديجة عسفية أسقطت أصحابها في وحل النفاق السياسي.

وحسب واقع المصادر التاريخية المحايدة التي أهملها- مغالطةٌ تاريخية للواقعيْن؛ الواقع العثماني المعتل والمرير، والواقع الأموي والعباسي الذي حقق الأسبقية والفضل في خدمة الإسلام والمسلمين، وفوق ذلك فإن خلفاءه يتحقق فيهم العرق القرشي العربي أحد أهم شروط “الشرعية” في الخليفة الإسلامي، وهذا الشرط حاول كثير من المؤرخين المعاصرين للدولة العثمانية أو المتأخرين ممن اعتقدوا بأحقيّة بني عثمان تحييده دون جدوى بأراء خديجة أو بأفكار واهنة لأنها ببساطة حاولت تغييرالوصف الفقهي للخلافة ومتطلباتها إمّا بتجنب المصادر التاريخية ككل ، أو بتجاهلها حتى لا يصطدم المؤرخ بنفسه، بل وتجاوز الحال إلى انتقال العدوى المرضية التأريخية إلى المؤرخين في الضفة المقابلة ممن لا يرون خلافة العثمانيين ويعارضونها ، كما فعل محمد العشماوي في كتابه “الخلافة الإسلامية” حين تناول نزع سليم الأول خلافة الخليفة العباسي المتوكل على الله، فقال واصفا الموقف التاريخي : “تنازل من لم يكن خليفة إلى من كان يستحيل أن يكون خليفة”، وعبارته وإن كانت تحتفظ ببعد واقعي عن المتوكل على الله، إلا أنها أخطأت حين تعاملت مع نزع الخلافة على أنه حقيقة فهذا مخالف للمصادر التاريخية المعاصرة للمتوكل وسليم، إلا أنه عاد وأكّد على أن الدولة العثمانية بدأت سلطنة واستمرت كذلك ، ولم تكن في يوم من الأيام خلافة، وما الخلافة العثمانية إلا ادعاء ركنت إليه لفرض سلطانها على رعاياها باسم الدين، ومحاولة منها لإبطال أي معارضة قادمة من باب الشريعة، لذا أدرك عبدالحميد الثاني كما يشير “الخلافة الإسلامية ” أن عدم القناعة الجمعية بخلافة دولته سيقوّض سلطانه.

اقتسامٌ جاهل:

وما يؤكد عدم مقدرة عبدالحميد الأول على تطبيق الخلافة في إدارة شؤون الدولة أن ابنه محمود الثاني (ت: 1255 ه/ 1839 م) لم يهتم بالخلافة إما أنه لم يرث عن أبيه قناعة أو إيمانا عميقا بها بالرغم أنه أخذ بها كشكل قانوني فقط، بل وتعامل معها على أن صحن فاكهة يمكن لآخر مشاركته الأكل فيه، أو رداءً يمكن لثانٍ أن يتناوب معه في لبسه، حين قدم مبادرة غريبة لم يسبقه أحد إليها خاصة في التاريخ الإسلامي الذي تدعي دولته الانتماء إليه وعرض على الشّاه الإيراني فتح علي شاه القاجاري (ت: 1250 ه/ 1834 م) في معاهدة أرضروم الأولى ( 1238 ه/ 1823 م) أن يشاركه لقب خليفة المسلمين، وهذا ما يدل دلالة غاية في الأهمية على أن لقب الخلافة لقي الإهمال من السلاطين العثمانيين ليس تقصيراً منهم بل لعدم مطابقته لهم وصفاً وعملا، وأنهم احتفظوا به في الأوراق الرسمية على أمل تغير الحالة السياسية العربية والدولية وليكون إضافة شكلية ودعاية سياسية ليس إلا.

محمود الثاني حمقًا عرض على الشاه الإيراني المشاركة في لقب الخليفة

حاولت الكتابات المعاصـرة والموالية تشويه سمعة العباسيين من أجل الطربوش الأحمر

عندما نقرّب العدسة إلى شريحة أخرى من المؤرخين أو الباحثين المتأخرين من مدرسة الكتابة التاريخية العاطفية سنجد محاولات مختلفة نوعا ما إلا أنها يائسة للخروج من مأزق “العرق القرشي”، وهؤلاء أخذتهم العاطفة الدينية في ضرورة وجود خلافة دينية دون الوعي بشروط هذه الخلافة ، أو أنهم يعون تماما اشتراطات الخلافة إلا أنهم فضلوا المصلحة العامة أمام ما يهدد المنطقة من حروب ونهوض نحو فك الطوق العثماني الخانق، ومن هذه المحاولات المختلفة المنحى ما قامت به أماني الغازي في كتاب لها عن الدولة العثمانية من وجهة نظر كتابات المستشرقين من مراوغة عن شروط الخلافة بتغيير مفهومها الأصلي حين أشارت إلى أن مفهوم الخلافة هذا اختلف إلى حدّ ما عما هو في العصر العباسي وأصبح في عصر العثمانيين معنياً بطرق الحج، وحماية الأماكن المُقدِّسة، والدفاع عن الإسلام والمسلمين، ووضعهم تحت حماية الدولة العثمانية، بحيث استحقِّ السلطان العثماني لقب الخليفة.

باسم "الخلافة" المزيِّف أجاز "سليم" لجنده الزواج من الأرملة قبل انقضاء عدتها

يمكن إلحاق هذه القصة التي وثّقها المؤرخ المصري ابن إياس (توفي: 930 ه/ 1510 م) إلى فيلم مرعب دموي عن الهمجية في النيل من الطرف الآخر وإذلاله واستباحة كرامته الآدمية كالتي تنتجها حاليا صناعة السينما العالمية الحالية أو أشد، لكنه عن الجيش العثماني قبل أكثر من ( 500 ) سنة الذي قاده السلطان الطوراني سليم الأول ودخل به إلى القاهرة غازياً ومحتلا، يروي ابن إياس هذا المشهد الذي لا يَمُتُّ بصلة للخلافة الإسلامية التي ادعتها السلطنة التركية، بعد أن سرقتها وأهانت قيمتها في التشريع الإسلامي، فيقول: “إن أحد القضاة لم يُجِز لأحد العثمانية الزواج من امرأة لم تنقض عدتها فشكاه، فأحضر ذلك القاضي وبطحه وضربه ضرباً مبرحاً، ثم كشفوا رأسه وألبسوا عليه كرشاً من كروش البقر بروثه، وأركبوه حماراً بالمقلوب وطافوا به في شوارع القاهرة، وأصدر سليم الأول أمراً بألا يعقد قاض مصري عقداً لعثماني”.
هذا الاستنصار للعنصرية والحط من قيمة القضاء من قبل سليم الأول الذي أسقط بهذا الفرمان/ القرار نفسه من على كرسي الخلافة الإسلامية التي من أهم الشروط فيمن يتولاها تحقيق العدل والمساواة بين الناس، وإن كان ابن ياس لم يكتف بذلك، بل ذكر حقائق مخجلة عن الجيش العثماني في التعامل مع الشعب المصري ومنها أن النساء يغتصبن حتى في المساج، وأن الجنود المرتزقة يقتلون الزوج ويتزوجون زوجته دون أن تكتمل عدتها أو حتى تبدأها، فلم يكتف سليم الأول بتلك الدناءة في معاملاته مع الرعايا العرب خلال حكمه البائس الذي لا يصل إلى المستوى الأدنى من الحاكم البشري فما بالك بمستوى يدعي أنه “خليفة المسلمين”.

الدم غير المبرر:

هذه الكتابة ونوعيتها تسطيحٌ واضح وتهميشٌ متعمِّد للدفاع عن خلافة العثمانيين بتجاهل النصوص الشرعية والمعنى والمفهوم الحقيقيان للخلافة الإسلامية، كما أنها ترتطم بواقع دروب الحج غير الآمنة، والعناية التركية بالحرمين الشريفين المتواضعة والمحدودة على طول أربعة قرون زمنية، ثم إنها ومثيلاتها من الكتابات غير المنضبطة بالعقل والمصادر التاريخية تغفل عن نقطة رئيسة فكون الدولة العثمانية دولة إسلامية – على سبيل التسليم بذلك – لا يعني أن ندعم فكرة أن كل ما قيل ضدها جناية وتدليس وتبلي، فشواهد التاريخ لجرائم سليم الأول والقانوني وغيرهما من السلاطين إلى عهد الاتحاديين ماثلة في الذاكرة التاريخية بمختلف تصانيفها، وكانت مهمة الكثيرين التابعين لدولة اسطنبول تغليف هذه الجرائم بالمدائح كما حصل على سبيل المثال مع سليم الأول، السلطان التي تتفق المصادر جميعها بشكلٍ مباشر وغير مباشر على أنه سلطان معتلّ، صاحب شخصية ساديِّة يستمتع بعذابات الآخرين، وقتل الإنسان لديه مسلمًا كان أو غير مسلم أبسط من أن يُجهد ضميره في المشاورة ، ولنا جميعاً في ما قاله عنه ابن إياس الدليل الكافي، فيقول عنه: “وفي مدة إقامة ابن عثمان بمصر لم يجلس بقلعة الجبل على سرير الملك جلوسًا عامًا، ولا رآه أحد، ولا أنصف مظلومًا من ظالم في محاكمته، بل كان مشغولاً بلذته وسكره وإقامته في القياس بين الصبيان المُرد، ويجعل الحكم لوزرائه بما يختارونه. فكان ابن عثمان لا يظهر إلا عند سفك دماء المماليك الجراكسة، وما كان له أمان إذا أعطاه لأحدٍ من الناس، وليس له قول ولا فعل، وكلامه ناقص ومنقوص لا يثبت على قول واحد”، ويضيف ابن إياس كشاهد عيان لهذه الفترة قائلاً: “وأما عسكره فكانوا جيعانين العين، نفسهم قذرة، يأكلون الأكل وهم راكبون خيولهم في الأسواق، وعندهم عفاشة في أنفسهم زائدة وقلة دين، يتجاهرون بشرب الخمور في الأسواق بين الناس، ولما جاء عليهم شهر رمضان فكان غالبهم لا يصوم ولا يصلي في الجوامع ولا صلاة الجمعة إلا قليل منهم، ولم يكن عندهم أدب ولا حشمة، وليس لهم نظام يعرف لا هم ولا أمراؤهم ولا وزراؤهم وهم همج كالبهائم”، أوصاف وتوثيقات أخرى مقيتة تجعلنا ومن باب قناعتنا وإيماننا بما أنجزته الخلافة الإسلامية الحقيقية من عمارة للأرض وللإنسان نربأ بأن يُطْلق على سليم الأول لقب خليفة، تطهيرًا وتشريفًا لمنصب الخلافة الذي تسلِّمه صحابة رضي الله عنهم جميعًا، ودفاعًا عن منهج سياسي أصيل يتلخص في”الخلافة” له نتاجات دينية واجتماعية ومعرفية واقتصادية كان سلاطين آل عثمان بعيدين عنه كل البعد ولم يلجأوا إليه إلا لأسباب دنيوية تخصهم هم فقط، وأيضا تناولناه للحفاظ على الحق التاريخي والأسبقية في التنفيذ الذي عجز عبدالحميد الثاني رسمياً عنه ومن سبقه ومن بعده لأسباب تكشف ظلمة في دواخلهم لم تتواكب مع نور الإسلام العظيم.

(1) أبو الأعلى المودودي، الخلافة والملك، ترجمة: أحمد إدريس (الكويت: دار القلم، 1978).

(2) أماني الغازي، الدولة العثمانية من خلال كتابات المستشرقين في دائرة المعارف الإسلامية (جدة: الأعمال الثقافية، 1433هـ).

(3) بروس ماسترز، عرب الإمبراطورية العثمانية، ترجمة: عبدالحكيم ياسين (بيروت: دار الرافدين، 2018).

(4) حسن بك حسني، مقالة في إجمال الكلام على مسألة الخلافة بين أهل الإسلام (القاهرة: مطبعة المحروسة، 1891).

(5) عمر يلماز، السلطان عبدالحميد خان الثاني بالوثائق، ترجمة: طارق السيد (استانبول: دار نشر عثمانلي، 1999).

(6) محمد العشماوي، الخلافة الإسلامية، ط2 (القاهرة: سيناء للنشر، 1992).

(7) محمد بن إياس، بدائع الزهور في وقائع الدهور، تحقيق: محمد مصطفى، ط3 (القاهرة: دار الكتب والوثائق القومية، 2008م).

(8) وليد فكري، تاريخ في الظل، ط6 (القاهرة: دار الرواق، 2018).